يتطلع رجال دين في إيران إلى الاستفادة من الإمكانات التي يمتلكها الذكاء الاصطناعي، من أجل المساعدة في إصدار الفتاوى واختصار كثير من الوقت، وذلك في وقت أبدى فيه كبار المسؤولين الدينيين في البلاد اهتماماً بضرورة الاستفادة من قدرات الذكاء الاصطناعي وتوظيفها لتحقيق مزيد من التطور.
صحيفة Financial Times البريطانية قالت الأحد 24 سبتمبر/أيلول 2023، إن موجة الاهتمام العالمي بإمكانات الذكاء الاصطناعي اجتاحت حتى شيوخ الدين المعممين، الذين يحرصون على دراسة الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في أي شيء، من تحليل النصوص الإسلامية الطويلة إلى إصدار الفتاوى الدينية.
لفتت الصحيفة إلى أن الاهتمام بالذكاء الاصطناعي وصل إلى رجال دين في مدينة قُم الإيرانية، التي تُعرف بأنها مركز لتلقّي العلوم الإسلامية ومكان للحج الديني.
محمد قطبي، الذي يرأس مؤسسة حكومية في قم تشجع التكنولوجيا، قال إنه "لا يمكن أن تحل الروبوتات محل كبار رجال الدين، لكنها قد تكون مساعداً يعتمد عليه في إصدار الفتوى في خمس ساعات بدلاً من 50 يوماً".
تُشير الصحيفة إلى أن تاريخ إيران الحديث يتسم بالصدامات بين التقاليد والحداثة، وقالت إن رجال الدين الشيعة في البلاد وعددهم مئتا ألف- نصفهم في مدينة قم- يشكلون القوة الرائدة في حماية القيم التقليدية والدينية.
غير أنه في ظل دعوات التحديث المتنامية التي واجهتها القيادة الإيرانية في أعقاب حركة الاحتجاج الحاشدة العام الماضي، وجدت المؤسسة الدينية في التكنولوجيا وسيلة تُظهرها بمظهر المرحِّب بالتنمية وتعمل على تعزيز الطابع الإسلامي للبلاد في الوقت نفسه.
قطبي أكد هذا النهج، معتبراً أن على رجال الدين ألا يعارضوا رغبة الإيرانيين في المشاركة في التقدم التكنولوجي العالمي. وقال: "مجتمع اليوم يفضل التسارع والتقدم".
وتبحث المؤسسة الدينية الإيرانية عن طرق للاستفادة من التكنولوجيا منذ انعقاد مؤتمر الذكاء الاصطناعي الأول في قم عام 2020، وتحدث رئيس حوزة قم العلمية، وهي أكبر مؤسسة من نوعها في العالم الشيعي، مؤخراً عن كيف يمكن للذكاء الاصطناعي تسريع الدراسات الإسلامية لكبار رجال الدين وتسريع تواصلهم مع الجمهور.
كان "مدير الحوزات العلمية" في إيران، آية الله رضا أعرافي، قد قال في يوليو/تموز 2023، إنه "على الحوزة أن تشارك في استخدام التكنولوجيا الحديثة والتقدمية والذكاء الاصطناعي. علينا أن ندخل في هذا المجال لتعزيز الحضارة الإسلامية".
كذلك حث آية الله علي خامنئي، المرشد الأعلى لإيران، رجال الدين أيضاً على إيلاء مزيد من الاهتمام لإمكانات الذكاء الاصطناعي، قائلاً في يونيو/حزيران 2023، إنه يريد أن تكون البلاد "على الأقل من بين أفضل 10 دول في العالم في الذكاء الاصطناعي".
يتوقع ألا يغير كبار رجال الدين في إيران، ومعظمهم تتراوح أعمارهم بين 80 و100 عام، مسارهم، لكن رجال الدين الأصغر سناً سيكونون على الأرجح أكثر انفتاحاً على التقدم التكنولوجي.
يقول قطبي إنه ليس صحيحاً افتراض أن المجتمع الإيراني أصبح حتماً أقل تديناً، وأضاف أن التطورات التكنولوجية السريعة ورفض العديد من النساء ارتداء الحجاب منذ الاحتجاجات، أثارا قلق كثيرين، خاصةً الإيرانيين الملتزمين، ودفعاهم إلى البحث عن "منقذ" في التعاليم الإسلامية.
أضاف أن التكنولوجيا يمكن أن تساعد رجال الدين أيضاً على مخاطبة هذه المخاوف بسرعة أكبر، وإصدار الأحكام في مجتمع يزداد تعقيداً كل يوم.
أوضح قطبي أن "مهمة رجال الدين لا تنحصر في توضيح الأعمال الصالحة والتوجيه بالتزام الصدق. فمجالات مثل علم الاجتماع وعلم النفس والصحة والترفيه تدخل في الدين أيضاً"، وقال أيضاً إن الذكاء الاصطناعي سيمكّن رجال الدين من تبنّي نهج أشمل، وبالتالي "سيكون لهم تأثير اجتماعي أكبر".