تقدم العلماء خطوة مهمة في فهم الجينوم البشري، من خلال فك شفرة الكروموسوم الغامض (واي) الموجود لدى الذكور، في إنجاز يمكن أن يساعد في توجيه البحوث المتعلقة بعلاج العقم لدى الرجال، وفق ما ذكرته وكالة رويترز، الخميس 24 أغسطس/آب 2023.
حيث كشف الباحثون الستار، الأربعاء، عن أول تسلسل كامل للكروموسوم (واي)، وهو أحد الكروموسوميْن المحددين للجنس، والآخر هو الكروموسوم (إكس). وينتقل الكروموسوم واي بشكل حصري من الأب إلى الأبناء الذكور.
إذ حمل الذكور الكروموسوم (واي) والكرموسوم (إكس)، بينما تحمل الإناث زوجاً من الكروموسوم إكس فقط، مع وجود بعض الاستثناءات.
فيما تساعد الجينات في الكروموسوم واي في التحكم في الوظائف التناسلية المهمة، بما في ذلك إنتاج الحيوانات المنوية، كما تلعب دوراً في الاستعداد الوراثي للإصابة بالسرطان وشدته. لكن ثبت أن هذا الكروموسوم يصعب التعرف عليه بسبب بنيته المعقدة بشكل استثنائي.
قالت أرانج ري، الباحثة بالمعهد الوطني الأمريكي لأبحاث الجينوم البشري: "أود أن أرجع الفضل في ذلك إلى تقنيات التسلسل الجديدة والأساليب الحاسوبية". وري هي المُعِدَّة الرئيسية للدراسة المنشورة في دورية "نيتشر" العلمية.
بينما قالت كارين ميجا، أستاذة الهندسة الجزيئية الحيوية بجامعة كاليفورنيا في سانتا كروز التي شاركت في الدراسة: "يوفر ذلك أخيراً أول نظرة كاملة لشفرة الكروموسوم واي، إذ يكشف أكثر من 50% من طول الكروموسوم الذي كان مفقوداً في خرائط الجينوم البشري السابقة".
حسب وكالة رويترز، فقد نُشر التسلسل الكامل للكروموسوم إكس في 2020؛ لكن حتى الآن كان الجزء الخاص بالتسلسل الجيني لـ"واي" في الجينوم البشري غير مكتمل.
معدلات العقم حول العالم
في آخر إحصائيات لمنظمة الصحة العالمية والتي أعلنت عنها خلال شهر أبريل/نيسان الماضي، قالت إن شخصاً من بين كل 6 أشخاص في العالم مُصاب بالعقم، ما يعزز الحاجة المُلحَّة لتوسيع نطاق إتاحة العلاجات اللازمة للمرضى بتكلفة معقولة ونوعية جيدة.
المدير العام لمنظمة الصحة، تيدروس أدهانوم غيبريسييوس، أشار في تقرير جديد، إلى أنّ "شخصاً من كل 6 أشخاص في العالم يعجز عن إنجاب طفل خلال مرحلة من حياته، بغض النظر عن المنطقة التي يقطنها أو الموارد المُتاحة له".
غيبريسييوس أكد أن "التقرير، وهو الأول من نوعه الذي يصدر منذ 10 سنوات، كشف عن واقع مهم يتمثل في أنّ العقم لا يميّز بين البشر"، إذ أكدت منظمة الصحة العالمية أنّ هذا الوضع يمثل "مشكلة صحية كبيرة" تطول 17,8% من السكان البالغين في الدول الغنية، و16,5% من سكان البلدان ذات الدخل المنخفض أو المتوسط.
لم يشِر التقرير إلى الأسباب الطبية أو البيئية الكامنة وراء العقم، أو كيف تطوّرت هذه المشكلة الصحية بمرور الزمن، إلا أنّه وفّر فكرة أولية عن مدى انتشاره من خلال تحليل مجموع الدراسات التي تناولته بين عامَي 1990 و2021، وفقاً لما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية.
تقرير منظمة الصحة أظهر أيضاً أن "العقم يؤثر على قسم كبير من سكان العالم"؛ لأنّ هذه المشكلة الصحية تطول 17,5% من البالغين في العالم أجمع، وقال غيبريسييوس إنّ "العقم يؤثر على ملايين الأشخاص".
أضاف غيبريسييوس أنه رغم التأثير الكبير للمرض فإنه "لم تتناوله دراسات كافية، فيما تواجه العلاجات اللازمة له نقصاً في التمويل، وهي غير مُتاحة لكثيرين بسبب تكاليفها المرتفعة والوصمة الاجتماعية المرتبطة بالمشكلة، وعدم توافرها بصورة كافية".