تباع بعض أنواع حبر الخط الياباني التقليدي، المعروف باسم "حبر سومي" على شكل قوالب صلبة. يستغرق إنتاجها من 6 أشهر وحتى 4 سنوات، ويعتبر أغلى أنواع الحبر في العالم، حيث يبلغ سعر القالب الصغير منه بوزن 200 غرام أكثر من 2000 دولار، بينما يمكنك أن تشتري ضعف تلك الكمية من الحبر التجاري بأقل من 9 دولارات.
الخط الياباني هواية انتقلت من الصين للطبقة الأرستقراطية اليابانية
خلال القرن الثالث عشر قبل الميلاد في الصين، عندما أصبحت الكتابة ضرورة في إدارة الدولة قام "لي سي"، رئيس الوزراء في سلالة "تشين" الصينية، بتوحيد طريقة كتابته.
ووافق على شكل من أشكال النص يعتمد على مربعات ذات حجم موحد لجميع الحروف، كما ابتكر قواعد التكوين، حيث تتم كتابة الضربات الأفقية أولاً، وتتكون الأحرف من أعلى إلى أسفل، ومن اليسار إلى اليمين، وكانت الكتابة بخطوط مستقيمة وزوايا حادة.
وبعد ظهور الفرشاة والحبر أوجد الكُتاب الصينيون طريقة كتابة تؤكد التوازن والشكل الجماليين. من خلال الاتصال بالثقافة الصينية تم تقديم طريقة الخط الصيني، والكتابة بالحبر إلى اليابان، حوالي عام 600 بعد الميلاد، المعروف باسم تقليد "كارايو". واستندت اللغة اليابانية المكتوبة في ذلك الوقت إلى الأحرف الصينية فقط، ولكن مع الوقت نتجت أنماط خط يابانية.
في عام 794 ميلادية في عهد الإمبراطور الياباني ساجا، درس أفراد العائلة المالكة والأرستقراطية وحتى سيدات البلاط الخط عن طريق نسخ نصوص الشعر الصيني بأسلوب فني. والذي تتم ممارسته حتى اليوم، وكان وسيلة للتأمل والتركيز. واعتبار الكتابة بالفرشاة والحبر إحدى طرق تحقيق السلام والتوازن النفسي، الذي تتحدث عنه التعاليم البوذية.
حبر الخط الياباني 400 عام من التقاليد
يعد حبر سومي "Sumi-e" أغلى حبر بالعالم، باللغة اليابانية كلمة "سومي" تعني "حبر"، و "إي" تعني "لوحة"، وتعود طريقة صنعه لأكثر من 400 عام. والتي لا تزال موجودة في اليابان بقدر ما هي موجودة بنفس الطريقة التقليدية.
تبدأ عملية صناعة هذا الحبر من غرفة مليئة بالمصابيح الزيتية المضاءة طوال الوقت، ويقوم العمال بإشعال المصباح بزيت بذور اللفت، ويضعون فوقه إناء من الخزف، ويجمعون "السخام" المتكون من شعلة المصباح على إناء الخزف، وهذه العملية تسمى "اصطياد الدخان".
أثناء عملية "اصطياد الدخان"، يشرف الحرفي على غرفتين مليئة بتلك المصابيح الزيتية الموقدة، بما يقارب 200 شعلة لهب، ويضيف الزيت كل ساعة للمصابيح.
بعد ذلك يوضع الغراء النباتي في جرة نحاسية، ثم تسخينه ببطء بمرور الوقت بالماء الساخن عند 70 درجة مئوية، لعمل محلول من الغراء. ويخلط بعدها بالسخام الذي جُمع من اصطياد الدخان، ويوضع الخليط بعد عجنه باليدين والقدمين في عملية تستغرق عدة ساعات، في قالب خشبي مصنوع من خشب الكمثرى، والذي نُحتت عليه الحروف والتصميمات.
بمجرد أن يتصلب قالب الحبر إلى درجة معينة، يتم إخراجه من قالب الخشب، وتبدأ عملية تجفيفه عن طريق وضعه في رماد يمتص الرطوبة، ثم يترك حوالي أسبوع لقوالب الأحبار الصغيرة وحوالي شهر للأحبار الكبيرة.
بعد ذلك يتم تعليقه ليجف في الهواء الطلق، بتعليق قوالب الحبر من السقف بسلك من القش، للسماح لها بالجفاف بشكل طبيعي. وفي هذه العملية تفقد تلك القوالب حوالي 70% من الماء، وتستمر هذه المرحلة لفترة من ستة أشهر وحتى 4 سنوات.
وفي المرحلة الأخيرة بعد اكتمال عملية التجفيف الطبيعي، يغسل الحرفي قوالب الحبر بالماء واحداً تلو الآخر، ثم يوضع الحبر مرة أخرى على نار الفحم لتليين سطحه قليلاً وصقله، وتمنح هذه العملية قالب الحبر بريقاً جميلاً، ويصبح بعد ذلك حبر الخط الياباني جاهزاً للبيع والاستخدام، وهي عملية لا تقل تعقيداً عن صنعه.
الكتابة باستخدام الحبر الياباني و"كنوز الدراسة الأربعة"
عبر الزمن تم استخدام عدد من الأدوات للكتابة باستخدام الحبر، ولكن الطريقة التقليدية لإنشاء عمل من فن الخط الصيني أو الياباني اعتمدت على 4 أدوات أساسية، تسمى كنوز الدراسة الأربعة:
1- الفرشاة المستخدمة في الكتابة.
2- قالب الحبر الياباني (حبر سومي).
3- ورق الكتابة المصنوع من نباتات معينة.
4- حجر الحبر لطحن الحبر عليه، وتخفيفه بالماء.
وقد تشمل عملية الكتابة بعض الأدوات الأخرى: مثل (وزن الورق) وهي قطع من الحجارة التي يتم نحتها أو من الخشب لتثبيت الورق في مكانه، وقطعة قماش توضع تحت الورق لمنع الحبر من التسرب من خلاله.
أثناء التحضير للكتابة يتم سكب الماء في حجر الحبر وطحن الحبر عليه، وخلط الماء بالحبر المجفف لتسييله، نظراً لأن هذه عملية تستغرق وقتاً طويلاً، فإن المبتدئين في العصر الحديث يستخدمون بشكل متكرر الحبر السائل المعبأ في زجاجات يسمى بوكوجو.
بينما يتم تشجيع الطلاب الأكثر خبرة على طحن الحبر الخاص بهم بأنفسهم، عادة ما يتم وضع الورق على مكتب، بينما يمكن وضع قطعة كبيرة من الورق على الأرض أو حتى على الأرض من أجل أداء أكثر سلاسة.
أما الفرش المستخدمة في الكتابة فهي بأشكال وأحجام مختلفة، وعادة ما يتم تصنيعها باستخدام شعر الحيوانات، مثل الماعز أو الأغنام أو الخيول، بينما يكون المقبض مصنوعاً من الخشب أو الخيزران.