يشير مصطلح "الحلم الأمريكي" عادة إلى السعي وراء المال والشهرة، اللذين يشكلان حلماً لقطاع واسع من الشباب الذين يعتقدون أنهم سيجدون السعادة المرجوة في هذه الحياة إذا ما حصلوا على المال والشهرة، لكن هل هذا دقيق حقاً؟ تشير دراسة حديثة إلى أن التركيز على أهداف كهذه يؤثر سلباً على صحتك النفسية والجسدية عكس التركيز على أهداف جوهرية مثل "الحب وتطوير الذات، والصحة، والاهتمام بالآخرين".
الجانب المظلم من الحلم الأمريكي
يُعرف الحلم الأمريكي عالمياً بالفرصة المتاحة للناس في الولايات المتحدة لتحقيق النجاح. ويتم تسويقه كأساس للاقتصاد الأمريكي، وغالباً ما يتم تأكيده في النظم التعليمية.
وينطلق الحلم الأمريكي من مبدأ أنك إذا كنت تعمل بجدٍّ بما فيه الكفاية، يمكنك أن تصبح رئيساً أو مديراً تنفيذياً لشركة تبلغ قيمتها مليار دولار.
غالباً ما يركز الحلم الأمريكي على أهداف خارجية مثل الثروة المادية والنجاح الوظيفي والشهرة.
لكن دعت الأبحاث الحديثة إلى التشكيك في فوائد مطاردة أهداف كهذه، مبينةً أن مطاردة الأهداف الجوهرية مثل "الحب، والصحة، والتعلم، وتطوير الذات، ومساعدة الآخرين"، ذات أثر أفضل على صحة الأفراد ورفاهيتهم النفسية.
درست إيما إل برادشو وزملاؤها في البحث، الأبحاث المنشورة حول عواقب السعي وراء الحلم الأمريكي في مناطق مختلفة من العالم. ونشر بحث إيما وزملائها في مجلة الشخصية وعلم النفس الاجتماعي بعد القيام بمراجعة أكثر من 90 دراسة، وخلصت الدراسة إلى أن السعي وراء تحقيق أهداف خارجية وتفضيلها على الأهداف الجوهرية يؤثران سلباً على سعادة الأفراد وصحتهم النفسية.
تفاصيل الدراسة
أجرى فريق البحث تحليلاً تلوياً لـ92 تقريراً (6 أطروحات، وفصلان في كتاب، و84 مقالاً في المجلات تمت مراجعتها من قِبل الباحثين)، إذ استكشفت جميع هذه التقارير أهداف الحياة المختلفة وعلاقتها بالرفاهية.
على وجه التحديد، تم تحليل الدراسات التي فحصت العلاقة بين الأهداف الجوهرية والخارجية وعلاقتها بالرفاهية، والأهداف الجوهرية والخارجية وعلاقتها بتراجع الصحة النفسية والافتقار إلى السعادة أو الأمان.
مع العلم أن التحليل التلوي هو أسلوب إحصائي يجمع بين نتائج دراسات متعددة حول سؤال أو موضوع بحث معين، من أجل الحصول على تقدير شامل وأكثر دقة لحجم التأثير الكلي أو العلاقة بين المتغيرات. وهو نهج منظم يسمح للباحثين بتجميع ودمج النتائج من دراسات متعددة، مما يوفر ملخصاً أكثر قوة وموثوقية بناءً على الأدلة المتاحة.
ومن خلال هذا التحليل التلوي، درست برادشو وزملاؤها بيانات قرابة 62359 فرداً.
وتشير النتائج التي توصلوا إليها إلى أنه عندما يعطي الأفراد الأولوية للأهداف الخارجية (مثل الثروة والنجاح والشهرة)، فإنهم يميلون إلى الإبلاغ عن مستويات أقل من الرفاهية الذاتية، والصحة النفسية، والصحة البدنية، والسلوك الاجتماعي الإيجابي. وقد كانت هذه النتائج واحدة بغض النظر عن العمر أو الثقافة أو الأدوات التي يستخدمها الباحثون لقياس هذه الخصائص.
ويشير هذا التحليل إلى أنه عندما يعطي المرء الأولوية للأهداف الخارجية على الأهداف الجوهرية (مثل الحب والصحة وتطوير الذات)، فقد تكون هناك عواقب بعيدة المدى على احترام الذات والصحة والسعادة والترابط الاجتماعي.
نقاط ضعف هذه الدراسة
مع ذلك، أقرت برادشو وزملاؤها بوجود بعض القيود على النتائج التي توصلوا إليها. فقد استخدمت الدراسات المختارة للتحليل التلوي بيانات مقطعية؛ لذلك لا يمكن إثبات السبب والنتيجة.
كذلك، ركزت الدراسة على نطاق ضيق من أهداف الحياة، ولم تأخذ في الاعتبار الأساليب التي يستخدمها الناس لتحقيق أهدافهم. أخيراً، نُشرت دراساتهم كلها في الأصل باللغة الإنجليزية؛ ومن ثم ربما أغفلوا بعض الفروق الثقافية المهمة.
توضح هذه الدراسة أن تغيير النظرة الشائعة عن مفهوم الحلم الأمريكي سيكون مفيداً على الأرجح لمعظم الأمريكيين.
قدَّم التحليل التلوي أيضاً دليلاً على تكاليف العافية الشاملة لإعطاء الأولوية للأهداف الخارجية على الأهداف الجوهرية. وفقاً لفريق البحث، "عند تحديد أهداف لنفسك أو للآخرين، فإن التركيز على المال والجمال والشهرة على حساب تطوير الذات والاهتمام بالآخرين قد يكون ضاراً نفسياً. يجب على الأفراد والجماعات والمؤسسات النظر في صياغة الأهداف من منظور جوهري إذا كان سعيهم لخدمة الصالح العام".