عادةً ما نرى هذه الشخصيات في أفلام سينمائية، أو في المسلسلات الغربية، المستذئبين، هؤلاء الأشخاص الذين بإمكانهم التحول في الليلة التي يكتمل فيها القمر إلى ذئاب شريرة، ثم العودة إلى ما كانوا عليه في اليوم التالي، متسببين في العديد من الوفيات خلالها.
بداية من سلسلة أفلام "Underworld" و"Teen Wolf" و"The Wolfman"، بالإضافة إلى "The Twilight Saga" شاهدنا كلاً من عراك المستذئبين ومصاصي الدماء، لكن هل تساءلنا من قبل كيف نشأت هذه الشخصية، وهل كانت حقيقة بالفعل في أحد الأيام؟
المستذئبون.. بين النشأة والأسطورة
حسب موقع "history" الأمريكي ليس من المعروف بالضبط متى وأين نشأت هذه الأسطورة، إلا أن غالبية العلماء اجتمعوا على أن المستذئبين ظهروا لأول مرة في ملحمة جلجامش، وهي أقدم نثر غربي معروف، والتي تقول إن جلجماش حولت رفيقها السابق إلى ذئب.
لم تكن هذه المرة الأولى والأخيرة، حسب العلماء، فقد ظهر المستذئبون في الأساطير الإغريقية، وخاصة في أسطورة ليكاون "Lycaon" وفقاً للأسطورة "أثار ليكاون وابنه بلاغوس، غضب الإله زيوس عندما قدم له وجبة مصنوعة من بقايا صبي تمت التضحية به. وكعقاب لهما حوّل زيوس الغاضب ليكاون وأبناءه إلى ذئاب".
أما في الفلكلور الاسكندنافي تحكي ملحمة فولسونغ قصة أب وابنه اكتشفا جلود الذئاب التي كانت لديها القدرة على تحويل الناس إلى ذئاب لمدة 10 أيام. ارتدى الثنائي الأب والابن الجلود، وتحولا إلى ذئبين، ثم ذهبا في حالة من الهياج القاتل في الغابة.
لم ينتهِ هذا الهيجان إلا بعدما هاجم الأب ابنه وتسبب على أثر ذلك له في جرح مميت، إلا أنه نجا منه بعدما التقيا بغراب أعطاهما ورقة غريبة تسببت في شفائه.
الأسطورة وموجة القتلة المتسلسلين في أوروبا
عبر التاريخ تنكر العديد من القتلة المتسلسلين خلف مسمى المستذئب، ننتقل إلى فرنسا سنة 1521، حيث زعم الفرنسيان بيير بورغوت وميشيل فردان أنهما أعطيا وعداً للشيطان الشيء الذي مكنهما من إمكانية التحول إلى ذئبين، الشيء الذي تسبب في قتلهما للعديد من الأطفال، وحُكم عليهما بالحرق حتى الموت على المحك، في المعتقد الغربي القديم كان يعتقد أن الحرق هو أفضل الطرق لقتل الذئب.
وخلال نفس القرن (الـ16) في فرنسا أيضاً ادعى جايلز غارنييه، والذي أُطلق عليه اسم "المستذئب دول" أنه تمكن من صناعة مرهم بإمكانه أن يحول الشخص إلى ذئب، هذا الأخير تسبب في قتل الأطفال وأكلهم بعد ذلك، وعلى نفس الطريقة التي سبقتها أُعدم حرقاً حتى الموت بعد أن أثبتت كل الجرائم التي قام بها.
حسب نفس المصدر لم تكن فرنسا فقط البلد الوحيد الذي شهد قتلة متسلسلين ادّعوا أنهم مستذئبون، ففي ألمانيا خلال القرن الـ15 كان هناك رجل يُدعى "بيير ستوب" وهو أحد المزارعين الأثرياء في "بيدبورغ"، وهو أسوأ المستذئبين سيئي السمعة على الإطلاق.
تقول القصة إنه تحول إلى مخلوق شبيه بالذئب في ليلة اكتمال القمر، وأكل العديد من المواطنين في المدينة، وتم إلقاء اللوم على بيتر في نهاية المطاف في عمليات القتل المروعة بعد محاصرته من قبل الصيادين، الذين ادعوا أنهم رأوه يتحول من شكل ذئب إلى الشكل البشري.
لقد تعرّض لإعدام مروّع بعد أن اعترف تحت التعذيب بقتل الحيوانات والرجال والنساء والأطفال بوحشية وأكل رفاتهم، كما أعلن أنه يمتلك حزاماً مسحوراً يمنحه القدرة على التحول إلى ذئب حسب الرغبة، لكن لم يتم العثور على الحزام أبداً.
أسطورة المستذئبين والحقيقة العلمية
تقول بعض الأساطير أن بإمكان البعض التحول إلى ذئاب بسبب لعنة فيما تقول أخرى إن هناك وشاحاً أو عباءة سحرية مصنوعة من جلد النمر هي السبب في تحول بعض الأشخاص إلى ذئاب، لكن أغلب المصدقين لهذه الأسطورة يقولون إن باستطاعة بعض الأشخاص التحول بعد تعرّضهم إلى عضة أحد الذئاب.
أما بخصوص ارتباط ظاهرة المستذئبين باكتمال القمر، أظهرت دراسات أجراها المستشفى الأسترالي "Calvary Mater Newcastle" أن اكتمال القمر يصادف 91 حادثاً عنيفاً وسلوكاً حاداً في المشفى، وذلك ما بين أغسطس /آب سنة 2008 و2009.
إذ هاجم المرضى الموظفين وأظهروا سلوكيات شبيهة بالذئب، مثل العض والبصق والخدش. على الرغم من أن الكثيرين كانوا تحت تأثير المخدرات أو الكحول في ذلك الوقت، لكن لم تثبت الدراسات العلاقة بين القمر وهذا السلوك الغريب.
حسب موقع "history" هناك تفسير علمي لهذه الحالة، في عام 1725 وجد "بيتر ذا واليد بوي" يتجول عارياً على 4 في غابة ألمانية، فيما اعتقد الجميع في ذلك الوقت أنه مستذئب أو تمت تربيته من قبل ذئاب.
كان بيتر يأكل بطريقة غريبة، كما أنه لم يكن يحسن الكلام (قصة مشابهة لفيلم الكرتون ماوكلي) لكن في النهاية تم تبنيه من قبل محاكم الملك جورج الأول والملك جورج الثاني، وعاش أيامه عبارة عن "حيوان أليف" في إنجلترا.
بداية القرن الـ21 أظهرت الأبحاث أن بيتر من المحتمل أنه كان مصاباً بمتلازمة "بيت هوبكنز"، وهي متلازمة اكتشفت أول مرة سنة 1978، والتي تتسبب في صعوبة في الكلام ونوبات، وخصائص وجه مميزة، صعوبة التنفس، بالإضافة إلى إعاقة فكرية.
من الحالات الطبية الأخرى التي قد تكون قد شجّعت على هوس الذئب عبر التاريخ هي "lycanthropy " حالة نفسية نادرة تجعل الناس يعتقدون أنهم يتحولون إلى ذئب أو حيوان آخر.
بالإضافة إلى ذلك توجد العديد من الأمراض التي توقع العلماء أن لها سبباً في اعتقاد البعض أن هناك مستذئبين، من بينها:
- داء الكلب.
- فرط الشعر.
- الهلوسة، والتي قد تكون ناجمة عن بعض الأعشاب أو الأدوية.
على مر القرون، استخدم الناس الذئاب الضارية والوحوش الأسطورية الأخرى لشرح ما لا يمكن تفسيره. ومع ذلك، في الأزمنة الحديثة، يعتقد معظمهم أن المستذئبين ليسوا أكثر من أيقونات رعب في ثقافة البوب، اشتهرت بفضل أفلام هوليوود.