يحفظ الخلايا الجذعية الموجودة في أسنان أطفالك لاستخدامها في علاجهم في المستقبل.. ما هو “بنك الأسنان”؟

يعتبر "بنك الأسنان" واحداً من الحالات التي تتحد فيها التجارة مع العلم، فقد نما هذا السوق بعد أن اكتشف العلماء الخلايا الجذعية الواعدة في لب الأسنان منذ أكثر من 20عشرين عاماً، إذ من الممكن الاستفادة من هذه الخلايا في علاج حالات متنوعة  مثل السرطان والتوحد والتنكس العصبي، واستبدال الأعضاء والإدمان، فما هي بنوك الأسنان تحديداً، وكيف نستفيد منها؟ 

ما هو بنك الأسنان؟ 

تقوم فكرة بنك الأسنان ببساطة على الاحتفاظ بأسنان الأطفال اللبنية بدلاً من رميها عندما يحين موعد تبديلها، إذ يقوم القائمون على بنوك الأسنان باستخلاص الخلايا الجذعية من هذه الأسنان وتخزينها تخزيناً طويل الأمد، إذ يتم الاحتفاظ بها لاستخدامها في سنوات لاحقة، في حال احتاج إليها صاحبها في المستقبل لعلاج أحد الأمراض. 

وقد تم اكتشاف الخلايا الجذعية في لب الأسنان منذ حوالي عقدين من الزمن على يد العلماء ستان جرونثوس وسونغاتو شي. 

لكن ما هي الخلايا الجذعية، وكيف تُستخدم لعلاج الأمراض؟ 

نستطيع القول إن الخلايا الجذعية هي المواد الخام التي تتكون منها أجسادنا، فهي الخلايا التي تتولّد منها جميع الخلايا الأخرى التي تؤدي أدواراً مختلفة في الجسم. وكما تنقسم الخلايا الجذعية داخل الجسم لتوليد خلايا جديدة، تمكن العلماء من تهيئة الظروف المناسبة لانقسامها في المختبر كذلك، إذ تنقسم الخلايا الجذعية لتشكيل خلايا وليدة تتحول إما لخلايا جذعية جديدة أو خلايا متخصصة مثل خلايا الدم أو خلايا الدماغ أو خلايا عضلة القلب أو الخلايا العظمية.

ومع تطور العلم ظهر ما يُسمى بـ"الطب التجديدي" أو العلاج بالخلايا الجذعية التي تعزز استجابة إصلاح الأنسجة المريضة أو المختلة وظيفياً أو المصابة. وتستخدم الخلايا الجذعية لعلاج أمراض مثل أنواع معينة من السرطان وبعض الأمراض المرتبطة بالدم، مثل سرطان الدم، والليمفوما، والورم الأورمي العصبي، والورم النقوي المتعدد. كما يجري الباحثون اختباراتهم على الخلايا الجذعية البالغة لعلاج حالات مرضية أخرى، من بينها عدد من الأمراض التنكسية مثل فشل القلب.

وبالعودة إلى بنك الأسنان، قد تتساءل: كيف أستطيع الاستفادة من هذه الخدمة؟ 

آلية عمل بنوك الأسنان 

فيما مضى كانت بنوك الأسنان موجودة في أماكن محدودة في المستشفيات الكبرى، لكن على مدار العقد الماضي أصبحت هذه البنوك أكثر انتشاراً وشيوعاً، حتى أنها باتت موجودة في العديد من عيادات الأسنان حول العالم، إذ من الممكن لأطباء الأسنان اليوم تقديم خدمات استخلاص الخلايا الجذعية بكفاءة. 

آلية عمل تلك البنوك بسيطة للغاية، كل ما عليك فعله هو اختيار البنك الذي تريد أن تحفظ فيه الخلايا الجذعية الخاصة بأسنان طفلك، ثم يجب عليك التنسيق مع الطبيب، إذ يفضل بعض الأطباء خلع السن اللبنية في العيادة بمجرد أن يبدأ بالتزحزح، فيما يقبل أطباء آخرون الأسنان اللبنية التي سقطت في المنزل، شرط ألا يكون قد مضى على سقوطها أكثر من 48 ساعة، فبعد هذه المدة قد تصبح الخلايا الموجودة في السن بحالة سيئة. 

عندما يتسلم الطبيب السن اللبنية يقوم بانتزاع الخلايا الجذعية عن طريق ما يسمى التحضير الميكانيكي والإنزيمي لمجموعات الخلايا المُفردة أو عن طريق تنمية الأنسجة، حيث يُسمح للخلايا بالانتقال بشكل طبيعي من اللب المستخرج، إلى أطباق الزراعة المخبرية. 

وبعد أن تعزل الخلايا الجذعية يتم تجميدها وتخزينها في وسط يحتوي على عوامل نمو وبروتين مُبرَّد، وعادة ما يكون ثنائي ميثيل سلفوكسيد (DMSO) الذي يثبّط نمو بلورات الجليد، التي قد تعطل غشاء الخلية، وتوضع العينات في حاويات تخزين منخفضة الحرارة، مليئة بالنيتروجين السائل.

فوائد بنك الأسنان 

كما ذكرنا، من الممكن استخدام الخلايا الجذعية لعلاج عدد من الأمراض بفضل قدرتها على التطور إلى أنواع مختلفة من الخلايا. إذ يطور العلماء القدرة على الاستفادة من الخلايا الجذعية لعلاج أمراض مثل أمراض القلب والسكري من النوع الأول والسرطان ومرض الزهايمر وإصلاح الأعضاء التالفة. 

وبما أن الأسنان اللبنية للأطفال هي مصدر متاح للخلايا الجذعية، يأمل العلماء أن تكون بنوك الأسنان أداة مهمة تساعد في علاج مجموعة واسعة من الأمراض المستقبلية، مما قد ينقذ حياة الأطفال الذين احتفظ آباؤهم بخلاياهم الجذعية في تلك البنوك. 

وبأبسط التقديرات، يأمل العلماء أن تكون الخلايا الجذعية قادرة على المساعدة في علاج مشاكل الأسنان، بما في ذلك القدرة على توليد أسنان جديدة لتحل محل الأسنان المفقودة.

عيوب بنوك الأسنان

في حين أن استخدام بنوك الأسنان يبدو أمراً واعداً، إلا أن القدرة على تكريس الخلايا الجذعية لمعالجة أمراض مستقبلية ليست أمراً مضموناً. 

واحدة من أكبر العوائق التي تحول دون استخدام الخلايا الجذعية السنية في العلاجات لقضايا واسعة النطاق مثل السرطان وأمراض القلب هي حقيقة وجود أنواع مختلفة من الخلايا الجذعية. ويمكن لبعضها فقط، والتي تسمى الخلايا الجذعية متعددة القدرات، أن تتحول إلى أي نوع من الخلايا. يمكن للعديد من أنواع الخلايا الجذعية، بما في ذلك الخلايا الجذعية السنية، أن تتطور فقط إلى أنواع مختلفة من الخلايا داخل نطاق معين، مثل خلايا الدم. 

ومع ذلك، أظهر اكتشاف حديث في أبحاث الخلايا الجذعية أنه من الممكن تحويل الخلايا الجذعية المتخصصة إلى خلايا جذعية متعددة القدرات. تسمى الخلايا الجذعية الناتجة بالخلايا الجذعية المستحثة متعددة القدرات أو iPS.

يكمن الأمل وراء بنوك الأسنان في أن الخلايا الجذعية السنية – وأنواع أخرى من الخلايا الجذعية الأكثر تخصصاً – يمكن تحويلها إلى خلايا iPS واستخدامها في علاجات قد تنقذ الحياة. لكن حتى مع وجود القدرة على إنشاء iPS ، فإن هذه العلاجات لا تزال بعيدة المنال، وفقاً لما ورد في موقع wemakekidssmile.