هل سبق لك أن فتحت نوافذ سيارتك في محطة الوقود لأخذ نفحة كبيرة من رائحة البنزين، ووجدت نفسك بعد ذلك الشخص الوحيد الذي يفعل ذلك؟ وهل سألت نفسك يوماً لماذا يحب الناس رائحة البنزين لهذه الدرجة على الرغم من أنّ رائحته ليست مثالية؟
أولاً، لا تقلق، لست وحدك من يفعل ذلك، ثانياً، هناك تفسير علمي معقول تماماً وراء هذه الرغبة التي تبدو غريبة.
لماذا يحب الناس رائحة البنزين؟
الوقود هو عبارة عن مزيج معقد من أكثر من 150 مركباً كيميائياً، كثير منها يشكل خطورة على صحتنا، وفقاً لما ذكره بيان الصحة العامة الصادر عن مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها.
المركب الذي يعطي الوقود رائحته القوية والغازية – والذي يجذب البعض منا – هو مادة هيدروكربونية تسمى أيضاً "البنزين"، التي يوفر كفاءة أفضل في استهلاك الوقود وتحسن أداء المحرك.
النظرية الأولى: الذاكرة الطفولية!
هل سبق لك أن لاحظت أنه من بين جميع الحواس، فإن حاسة الشم هي التي تعيدك إلى ذكرى خاصة جداً؟ قد تذكرك رائحة الكعك الطازج بعيد الميلاد في المنزل؛ يمكن لرائحة كتاب قديم أن تجعلك تتذكر الساعات التي قضيتها تنحني على روايتك المفضلة.
وبالتالي وعلى عكس الحواس الأخرى، فإن منطقة الدماغ التي تكتشف الروائح تقع بالقرب من المناطق المسؤولة عن المشاعر والذاكرة، لذلك، يربط دماغك الرائحة القوية بذاكرة مهمة بشكل أفضل من الحواس الأخرى.
أحد الأسباب لماذا يحب الناس رائحة البنزين هو أننا نربطها ببعض الذاكرة الطفولية العزيزة علينا، لأن مُعظم اللحظات السعيدة التي قضيناها ونحن أطفال كانت خلال الرحلات والخروجات العائلية؛ وهو أكثر مكان شممنا فيه رائحة البنزين، وهو سبب ارتباطه بالذاكرة، وفقاً لما ذكره موقع Science ABC العلمي.
النظرية الثانية: تأثيرات البنزين المبهجة للدماغ!
النظرية الثانية التي تفسر سبب إعجابنا برائحة البنزين هي أن للبنزين تأثيرات مبهجة على الدماغ، بمعنى آخر، استنشاق البنزين يمكن أن يجعلك منتشياً.
وذلك لأن استنشاق الهيدروكربونات مثل البنزين يمكن أن يخدر المستقبلات العصبية ويضغط على الجهاز العصبي المركزي، مثل التخدير.
ووفقاً لما ذكرته مجلة Discover الأمريكية، فإنّ هذا التخدير للجهاز العصبي المركزي يؤدي إلى شعور مؤقت بالبهجة، كما أنه ينتج إحساساً ممتعاً لا يختلف عن الكحول أو مجموعة من الأدوية المخدرة الأخرى.
وأضاف الموقع أن العملية البيولوجية لتخدير أعصابك من خلال استنشاق رائحة البنزين، تنشط المسار "الميزوليفي"، المعروف أيضاً باسم مسار "المكافأة" في الدماغ.
عندما تحصل أعصابك الشمية على هذه الجرعة من البنزين، فإن نظام الميزوليفبيك يعطي جرعة ممتعة من الدوبامين للدماغ، ليخبرك دماغك "نعم ، هذا جيد. افعل المزيد من هذا".
أضرار استنشاق البنزين
شم رائحة البنزين بشكل عرضي أثناء ملء خزان الوقود الخاص بك أمر غير ضار، ولكن استنشاقه عن قصد يمكن أن يسبب الإدمان ومشاكل صحية.
ولكن في الواقع، يعتبر البنزين من المستنشقات التي يساء استخدامها بشكل شائع وهو مدمر لصحة أولئك الذين يصبحون مدمنين.
ووفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها CDC فإنّ استنشاق بخار البنزين يمكن أن يسبب الصداع والغثيان والدوخة، كما يمكن أن تسبب المستويات المرتفعة للغاية منه الإغماء وحتى الموت.
كما يمكن أن يؤدي وجود البنزين في الهواء أيضاً إلى تهيج العينين والأنف والحلق.
أما ابتلاع البنزين فيمكن أن يتسبب في حدوث تهيج في الجهاز الهضمي وصعوبات في التنفس، كما يمكن أن يسبب نوعاً حاداً من الالتهاب، يسمى التهاب الرئة الهيدروكربوني.
وعند ملامسة البنزين السائل للجلد، فقد يتسبب ذلك في احمرار وبثور، بشكل عام، كلما طالت مدة التعرض أو زاد مستوى التعرض، زادت حدة الأعراض.