عند الحديث عن الزينة ومستحضرات التجميل في قبيلة ودابي في تشاد، فإننا هنا نتحدث عن أشياء خاصة بالرجال، وليس النساء، كما هو متعارف عليه.
وذلك لأن رجال هذه القبيلة، التي ما زالت تعيش بطرق بدائية، يهتمون بشكلهم ومظهرهم الخارجي بشكل كبير، من أجل إعجاب النساء وجذبهن إليهم.
كما أنهم يعتبرون أنفسهم الأوسم عبر العالم، من خلال طريقة وضعهم للمكياج، وكذلك قصات شعورهم المختلفة والغريبة.
من هم سكان قبيلة الودابي؟
استقر شعب الودابي في التشاد، وعدة دول افريقية أخرى من بينها نجيريا والكاميرون قبل عدة قرون، وهم مجموعة فرعية من الطوارق، وقد تمكنوا من الحفاظ على ثقافتهم وتقاليدهم إلى غاية يومنها هذا، الأمر الذي جعلهم يحصلون على لقب أغرب قبيلة في العالم.
ويعيش سكان قبيلة الودابي بطريقة بدائية، من خلال العمل في مجال الزراعة وتربية المواشي، إذ إن طعامهم يقتصر على الشاي، والحليب، وبعض الأعشاب التي يمكن زراعتها في الأراضي التي يعيشون فيها، إضافة إلى لحم الماعز والأغنام.
فيما يُعتبر أكثر ما يميزهم هو رجالهم الذين يضعون المكياج ومستحضرات التجميل بشكل مستمر، مع الحفاظ على أناقتهم وشكلهم الخارجي، حسب ما تتطلبه عاداتهم وتقاليدهم.
ويرجع السبب وراء هوس رجال قبيلة الودابي بشكلهم بمظهرهم الخارجي، هو كون النساء هن من لهن إمكانية اختيار شريكهن، مما يجعلهم يحاولون إثارة إعجابهن بكل الطرق.
طقوس التحضير لمهرجان البحث عن زوجة في "الودابي"
ينظم رجال قبيلة الودابي مهرجاناً سنوياً خاصاً للحصول على زوجة، يسمى "جيريول"، يكتب بالإنجليزية "Gerewol"، ويستمر الاحتفال لمدة أسبوع كامل.
يقوم الرجال خلال هذا المهرجان بأداء رقصة خاصة تسمى "Yaake"، والهدف منها هو إثارة إعجاب النساء.
في اليوم الأول من المهرجان، يشرع الرجال في الاستعدادات منذ الصباح الباكر، إذ يقومون بطلاء وجوههم بالمكياج، ومستحضرات التجميل، التي تتم صناعتها بطريقة طبيعية.
فمن بين المكونات التي تدخل في تحضير هذا النوع من المكياج الخاص بقبيلة الودابي، كل من الطين، والحجر الملون المسحوق، وعظام الحيوانات المهشمة، التي يتم تحويلها إلى عجين بعد خلطها بالماء.
ومن الشائع أن يقوم الرجال بطلاء شفاههم باللون الأسود، وذلك للتأكيد على أن أسنانهم ناصعة البياض، الشيء الذي يضمن لهم إيجاد عروس بشكل أسرع وأسهل.
كما أن من بين مظاهر الجمال التي يلتزم بها الرجال خلال هذا المهرجان، هي حلق شعرهم من الأمام من أجل إطالة الجبهة، مع الحفاظ على شعرهم الطويل المنسدل، والذي يتم تضفيره ضفيرات صغيرة.
وقبل التوجه لساحة المهرجان، يقوم الرجل بشرب شاي مصنوع من أعشاب لها تأثير مهلوس، وذلك لكي يتمكنوا من الرقص لساعات طويلة.
كما أنهم يرتدون ملابس ذات ألوان زاهية، ويحملون مرآة صغيرة، والتي تعتبر أهم إكسسواراتهم، وذلك من أجل التحقق من مظهرهم طيلة النهار.
مبادرة التعارف من حق النساء لا الرجال
يعرف هذا المهرجان الخاص بقبيلة الودابي إقبالاً كبيراً من طرف النساء كما الرجال، وذلك لأن مبادرة التعارف والزواج تأتي من طرف المرأة، إذ إن عدد المشاركين يصل في بعض الأحيان إلى 1000 شخص.
إذ إن النساء كذلك يقمن بوضع مستحضرات التجميل، وارتداء ملابس جميلة، ولكن أقل بكثير مما يفعله الرجال، حيث يكون دورهن هو اختيار الرجل المناسب في اليوم الأخير من المهرجان.
ومن بين الأمور الغريبة التي تتم في هذا المهرجان السنوي، مشاركة النساء المتزوجات من أجل الحصول على زوج جديد، وذلك لأنه من حقهن الزواج مرة أخرى بالرجل الذي يردن، عقب عملية الاختيار، والطلاق من الرجل الأول الذي لا يحق له المعارضة.
ومن الطبيعي مشاركة رجال متزوجين في مهرجان "جيريول"، الأمر الذي يفسر سبب تعدد الزوجات في هذه القبيلة الإفريقية.
ويعود السبب في الزواج المختلط بهذا الشكل بين نساء ورجال قبيلة "الودابي"، هو البحث عن زوج وسيم، من أجل إنجاب أطفال وسيمين، لهم القدرة على المنافسة بشكلهم الخارجي في مهرجان "جيريول" السنوي.
مكياج وملابس رجال قبيلة الودابي
يقوم رجال قبيلة الودابي بجميع الأمور الممكنة من أجل الحصول على المكياج والتزين، ليس فقط خلال الأسبوع المخصص للمهرجان، وإنما طيلة أشهر السنة.
إذ إنهم يقومون بالتوجه إلى جبل خاص موجود في النيجر من أجل الحصول على الطين ذي اللون البرتقالي، والذي غالباً من يتم طلاء الوجه كاملاً به.
وتتم رحلة البحث عن هذا اللون سيراً على الأقدام، والتي قد تستمر لعدة أيام ذهاباً وإياباً، وكل هذا فقط من أجل الظهور بالشكل الذي يمكن أن يجذب النساء لتحقيق الزواج.
أما فيما يخص الملابس، فإنها غالباً ما تكون عبارة عن سترات جلدية مرصعة بالجواهر، إضافة إلى تيجان مزينة بريش النعام، والتي تدل على ارتقائهم ومكانتهم العالية.