كشفت دراسة حديثة أن الأرق يزيد بشكل كبير، من خطر الإصابة بسكتة دماغية، خاصةً لدى أولئك الذين تقل أعمارهم عن 50 عاماً، حيث كان الأشخاص الذين يكافحون باستمرار من أجل النوم، أكثر عرضة بنسبة 51% للإصابة بسكتة دماغية مقارنة بمن لا يعانون من الأرق.
فقد قال العلماء الذين أعدوا البحث، إن الأرق يزيد من الالتهابات في الجسم، والتي بدورها يمكن أن تلحق الضرر بالأوعية الدموية، مما يؤدي إلى الإصابة بسكتات دماغية، وفق ما ذكرته صحيفة The Times البريطانية، الأربعاء 7 يونيو/حزيران 2023.
فحصت الدراسة الأمريكية 31.126 شخصاً بمتوسط عمر 61 عاماً، وقد جرت متابعتهم لمدة تسع سنوات. خلال هذه الفترة، أصيب 2.101 بسكتات دماغية، والتي تحدث عادةً عندما تُقطَع إمدادات الدم عن جزء من الدماغ، عادة بسبب جلطة دموية.
أعراض الأرق
سُئِلَ المشاركون ثلاث مرات حول أعراض الأرق لديهم، وضمن ذلك عدد المرات التي وجدوا فيها صعوبة في النوم، وما إذا كانوا يستيقظون أثناء الليل بانتظام، وما إذا كانوا يستيقظون مبكراً جداً، وكم مرة شعروا بالراحة عند استيقاظهم في الصباح.
فيما تراوحت الدرجات من 0 إلى 8، حيث يمثل أعلى رقمٍ الأرق الأكثر حدة، سجل واحد من كل خمسة من المشاركين ما بين 5 و8، مما يعني أنهم كافحوا من أجل النوم معظم الليالي، وكانت هذه المجموعة أكثر عرضة بنسبة 51% للإصابة بسكتة دماغية مقارنة بأولئك الذين لا يعانون من أعراض.
حسب الدراسة فإن أولئك الذين سجلوا ما بين 1 و4، مما يعني أنهم يعانون الأرق من وقتٍ لآخر وليس باستمرار، كانوا أكثر عرضة للإصابة بسكتة دماغية بنسبة 16% مقارنةً بمن لا يعانون من مشاكل في النوم.
بينما كان تأثير الأرق على خطر الإصابة بالسكتة الدماغية أعلى لدى أولئك الذين تقل أعمارهم عن 50 عاماً، والذين هم أقل عرضة للإصابة بالسكتة الدماغية بشكل عام.
كان المشاركون الذين تقل أعمارهم عن 50 عاماً والذين يعانون من أعراض حادة، لديهم ما يقرب من أربعة أضعاف خطر الإصابة بالسكتة الدماغية من أولئك الذين لا يعانون من أي أعراض، في حين انخفض هذا الخطر المتزايد إلى 38% في أولئك الأكبر من 50 عاماً.
قال الدكتور وينديمي سوادوغو، المؤلف الرئيسي للبحث الذي قادته جامعة فرجينيا كومنولث ونُشِرَ في دورية Neurology: "يمكن تفسير هذا الاختلاف في المخاطر بين هاتين الفئتين العمريتين من خلال زيادة حدوث السكتة الدماغية في سن أكبر".
أضاف: "قائمة عوامل خطر الإصابة بالسكتة الدماغية مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري، يمكن أن تنمو مع تقدم الناس في العمر، مما يجعل أعراض الأرق أحد العوامل المحتملة العديدة. ويشير هذا الاختلاف المذهل إلى أن التحكم في أعراض الأرق في سن أصغر قد يكون استراتيجيةً فعالة للوقاية من السكتة الدماغية. يجب أن يستكشف البحث المستقبلي الحد من مخاطر السكتة الدماغية من خلال معالجة مشكلات النوم".
كيفية مواجهة ذلك
كما قال الباحثون إن النتائج أثبتت أهمية التدخل لمساعدة الناس على التغلب على الأرق، مع إتاحة الدعم مثل العلاج السلوكي المعرفي على نطاق واسع.
حسب سوادوغو: "هناك العديد من العلاجات التي يمكن أن تساعد الناس على تحسين جودة نومهم، لذا فإن تحديد مشكلات النوم التي تؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بالسكتة الدماغية قد يسمح بعلاجات مبكرة أو علاجات سلوكية للأشخاص الذين يعانون من مشاكل في النوم، وربما أيضاً تقليل خطر الإصابة بسكتة دماغية في وقت لاحق من الحياة".
كانت الدراسة قائمة على الملاحظة، وبالتالي لا يمكنها إثبات السبب والنتيجة. ومع ذلك، فقد أخذت النتائج في الاعتبار العوامل الأخرى التي يمكن أن تؤثر على خطر الإصابة بالسكتة الدماغية، مثل الكحول والتدخين ومستويات ممارسة الرياضة.
كما جاء في الدراسة: "أعراض الأرق قد تؤدي إلى عدم انتظام الغدد الصماء والتمثيل الغذائي، علاوة على الالتهابات، والإجهاد، وكل هذا قد يزيد من مخاطر الإصابة بمرض السكري، وارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب، والاكتئاب، ويسهل الاستعداد للإصابة بالسكتة الدماغية".
بينما قال ريتشارد فرانسيس، رئيس الأبحاث بجمعية السكتات الدماغية، إن الدراسة الأمريكية أضافت إلى المجموعة المتزايدة من الأدلة حول الأرق وخطر الإصابة بالسكتة الدماغية.
أضاف فرانسيس: "ما يصل إلى 90% من السكتات الدماغية يمكن الوقاية منها، ونحن نرحب بدراسات مثل هذه، إذ لديها القدرة على تحديد عوامل الخطر القابلة للتعديل للسكتة الدماغية". وقال: "نحث أي شخص يعاني من مشاكل في النوم على الاتصال بطبيبه العام؛ لمناقشة صحته وضمن ذلك مخاطر السكتة الدماغية المحتملة".
كما تابع: "نواصل حث الجمهور على إجراء تغييرات قابلة للتعديل، على نمط حياتهم لتقليل مخاطر الإصابة بالسكتة الدماغية، مثل تعديل النظام الغذائي وممارسة الرياضة، وضمان التحكم الجيد في حالات مثل مرض السكري وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب عن طريق الأدوية المناسبة".