عادة ما تكون الشخصيات الخيالية في القصص المصوّرة مجرد إبداعات خيالية من وحي الكاتب. ومع ذلك، دائماً ما تكون الحياة الواقعية هي مصدر إلهام الخيال، مهما كان الخيال غريباً وصاخباً، وحتى ولو كانت تلك الخيالات هي قصص مصورة عن أبطال خارقين يتمتعون بقوى استثنائية.
إذ قد يتفاجأ البعض من قدر التفاصيل الواقعية التي تم بناء عدد مذهل من الشخصيات الخيالية والخارقة وفقاً لها، وذلك إما من ناحية صفاتها وطباعها الشخصية، أو حتى بالنسبة للمظهر الخارجي والشكل العام.
وفي حين يعترف بعض الكتاب بمصادر إلهام شخصياتهم من الحياة الواقعية، هناك عدد من الأبطال الخارقين الذين رجّح المعجبون والمتابعون لهم أنهم اكتشفوا الشخص الحقيقي وراءها، حتى وإن لم يعترف الكاتب باستلهام شخصيته منها.
في هذا التقرير نستعرض أشهر الأبطال الخارقين في الكتب المصوّرة، والشخصيات الحقيقية التي كانت سبباً في إلهام كتابتها.
1- توني ستارك وشخصية آيرون مان
عندما حلم الكاتب ستان لي بشخصية "توني ستارك" لأول مرة، استوحى إلهامه من الملياردير الواقعي هوارد هيوز (1905-1976).
فقد اشتهر هيوز بأنه غريب الأطوار، ومثله مثل شخصية توني ستارك بشكل كبير، كان مخترعاً ثرياً ومحباً للمغامرات وزيراً للنساء.
ونُقل عن لي في العديد من المقابلات التي تحدثت عن إلهام الملياردير الأمريكي الراحل لشخصية القصص المصورة والأفلام المتحركة "أيرون مان" (Iron Man)؛ حتى أنه سمى والد توني بهوارد، في إشارة ضمنية للرجل الحقيقي.
ومع ذلك، عندما وصلت شخصية ستارك إلى الشاشة الكبيرة في أعمال سينمائية عديدة، كانت نسخة توني ستارك الجديدة مستوحاة من المخترع الملياردير المعاصر إيلون ماسك.
فقد قام ماسك بتأسيس العديد من الشركات، بما في ذلك SpaceX وTesla Motors. حتى إنه حصل على مشهد شرفي للظهور في فيلم "أيرون مان" الجزء الثاني.
2- الإلهام وراء شخصية الجوكر الحقيقية
على مر السنين، جسد العديد من الممثلين، من بينهم جاك نيكلسون وهيث ليدجر وجاريد ليتو، من بين آخرين – عدو باتمان اللدود، الجوكر، لكن هل تعلم أن الشخصية نفسها كانت مبنية على ممثل واقعي؟
فقد استلهم كُتاب البطل الخارق "باتمان"، بوب كين وبيل فنجر وجيري روبنسون، شخصية الجوكر وفقاً لشخصية "جوينبلين"، التي لعبها الممثل الأمريكي كونراد فيدت في فيلم لعام 1928، بعنوان "الرجل الذي يضحك".
ويروي الفيلم الصامت قصة رجل نبيل رفض تقبيل يد ملك مستبد في العام 1690، فتم إعدامه بقسوة وتشويه ابنه بشكل جعله يبدو "مبتسماً" بحدة طوال الوقت.
وفي مقابلة قديمة له عام 1994، أوضح كين: لقد ابتكرنا شخصية الجوكر وشكلها من إلهام بسبب شكل الممثل في الدور، وبعدما صادفنا ورقة كروت للعب بصورة جوكر كان يشبه الممثل إلى حد كبير، بدأنا استخدام وبناء الشخصية بشكلها المميز النهائي لبطل فيلم "الرجل الذي يضحك".
3- شخصية كارول دانفرز في "كابتن مارفل"
كارول دانفرز هي بطلة كتاب القصص المصوّرة، الذي يحمل ذات الاسم. فهي بطلة خارقة تعمل كطيار عسكري ومحرّرة في مجلة، وحصلت عن طريق الخطأ على قوى المخلوق الفضائي "مار-فيل" لتصبح البطل الخارق، "مس مارفل" أو "كابتن مارفل".
وكانت شخصية الكابتن مارفل واحدة من أقوى أبطال Marvel منذ السبعينيات في كتب الرسوم المصوّرة للأبطال الخارقين، وهي تتشابه بشكل كبير في إنجازاتها وشخصيتها مع أيقونة الطيران، أميليا إيرهارت.
كانت إيرهارت طيارة شهيرة، سجلت أرقاماً قياسية في إنجازات النساء، مثل الطيران الفردي عبر المحيط الأطلسي. وأثناء محاولتها أن تكون أول امرأة تطير حول العالم عند خط الاستواء، اختفت إيرهارت في ظروف غامضة عام 1937، لتظل رمزاً أيقونياً كان سبباً في استلهام شخصية كارول دانفرز.
4- باباي رجل البحار المحب للسبانخ
ظهر باباي رجل البحار لأول مرة في فقرة كوميدية على مسرح "Thimble Theatre" الأمريكي عام 1919. وبعد أن أصبح البحار المحب للسبانخ الشخصية الأكثر شعبية في العمل المسرحي، أُطلق عمل خاص به في سلسلة من الرسوم الكاريكاتيرية القصيرة الشهيرة عبر شاشات التلفاز.
وأخيراً، تم إصدار فيلم روائي طويل من بطولة روبن ويليامز للشخصية المحبوبة في عام 1980. والأكثر من ذلك، أن العديد من سكان مدينة إي سي سيجر يزعمون أن باباي رجل البحار كان يعتمد بشكل كبير على مقيم حقيقي في المجتمع بين الناس كان هو المصدر الأصلي لشكل ومواصفات الشخصية.
كان فرانك فيجل نادلاً وعاملاً من مدينة تشيستر بولاية إلينوي الأمريكية. وعلى الرغم من أنه ليس بحاراً معروفاً بحبه للسبانخ، إلا أنه يُعتقد أنه يتمتع بقية صفات باباي رجل البحار الشهيرة.
فقد كان للرجل نفس الذقن البارز وغليون التدخين الأيقوني في طرف فمه طوال الوقت، كما كان رجلاً معروفاً بقبضاته القوية، ولا يخشى الدخول في شجار.
وعلى الرغم من ذلك، كان معروفاً أيضاً باعتباره شخصاً لطيفاً ومحباً للأطفال في حيّه، حيث عمل على ملاعبتهم وحمايتهم من المتنمرين.
5- المرأة القطة في قصص البطل الخارق باتمان
كان لمبدعي شخصية البطل الأيقوني الخارق، باتمان، انجذاب للأفلام السينمائية، وذلك لتطوير شخصيات قصصهم المصورة. وفي فترة معينة أراد الثنائي تقديم سلسلة مصورة مختلفة بعض الشيء تتمتع بجاذبية عاطفية.
قال أحد كاتبي السلسلة، وهو بوب كين، في سيرته الذاتية عام 1989 بعنوان "أنا وباتمان"، إنه أراد هو وشريكه بيل فينجر ضم "عدو ودود ارتكب جرائم ولكنه كان أيضاً يلعب دوراً عاطفياً في حياة باتمان الجافة".
وانتهى الأمر بهذه الشخصية المبتكرة الجديدة إلى أن تكون سيلينا كايل، المعروفة أيضاً باسم كاتوومان أو المرأة القطة، التي ظهرت لأول مرة في قصص باتمان المصورة رقم 1 في ربيع عام 1940.
وقد استند كين وفينغر في الجاذبية والدهاء والمكر التي تمتعت بها شخصية المرأة القطة إلى الممثلة الأمريكية جين هارلو في الثلاثينيات، التي اشتهرت بلعب أدوار الشر التي لم تخلُ من إظهار إنسانيتها ورقتها.
وعن سبب استخدام القطط، قال كين في نفس السيرة الذاتية إنه "شعر أن النساء كائنات تشبه القطط والرجال أشبه بالكلاب. فبينما الكلاب مخلصة وودودة، فإن القطط مخادعة ومثيرة".
6- سوبرمان ومظهره الجذاب من ممثل مشهور
ابتكر كاتب القصص المصورة جيري سيغل والفنان جو شوستر شخصية سوبرمان عام 1934.
ولأنهما كانا من كبار المعجبين بالأفلام السينمائية، لذلك استندا في تركيب شكل سوبرمان الأيقوني ولياقته البدنية الاستثنائية إلى النجم المشهور آنذاك دوجلاس فيربانكس، صاحب أنجح الأفلام الصامتة في تلك الفترة، مثل فيلم روبين هوود.