يعتبر النوم من أهم مقومات الحياة؛ إذ يسمح للشخص بتجديد الطاقة اللازمة لبدء يوم جديد، إلا أن هناك من قاوم هذه الغريزة لعدة أيام رغم أنها تعد خطيرة على الصحة الجسدية والعقلية.
في سنة 1963 ظلَّ الأمريكي راندي غاردنر، وهو في عمر 17 سنة، مستيقظاً لمدة وصلت إلى 11 يوماً و25 دقيقة، وكان ذلك ضمن تجربة لمشروع علمي بإحدى المدارس الثانوية في كاليفورنيا، ليسجل بذلك رقماً قياسياً حينها بأطول مدة استيقاظ.
لكن بعدها حطَّم العديد من الأشخاص هذا الرقم؛ إذ يقال إن "روبرت ماكدونالد" ظل مستيقظاً لأزيد من 18 يوماً سنة 1986، إلا أن كل من قام بهذه التجربة لم يراقب عن كتب بطريقة طبية، مثل التجربة الأولى لغاردنر.
لهذا السبب لم تعد موسوعة غينيس للأرقام القياسية تعطي قيمة لهذا الأمر؛ إذ توقفت هذه الأخيرة عن قبول متقدمين جدد بسبب المخاطر الكامنة وراء الحرمان من النوم لفترة طويلة.
مخاطر البقاء مستيقظ لفترة طويلة
حسب موقع "live science" الأمريكي، يقول مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها إن النوم من أهم مقومات الجسم، كما أن عدم الحصول على القدر الكافي منه قد يزيد من خطر العديد من المشاكل الصحية.
إذ قد يصاب الشخص بأمراض القلب أو السكري، بالإضافة إلى السمنة والاكتئاب، كما يقول الخبراء فإن البشر يحتاجون إلى الحصول على 6 إلى 8 ساعات نوم ثابتة في نفس الوقت كل 24 ساعة. لكن عدم النوم في الليل والاستيقاظ لـ24 ساعة متواصلة هو أمر شائع بين الناس، لاسيما طلاب المدارس والجامعات.
وأشارت الدراسات إلى أن الأشخاص الذين تتجاوز مدة عدم نومهم 24 ساعة تبدأ أدمغتهم في إظهار إشارات بأنهم عند حد النوم واليقظة، حتى إن بدوا مستيقظين.
تعرف هذه الحالة علمياً باسم "تطفل النوم" أو "النوم المصغر"؛ إذ يقوم عقل الشخص بالدخول في النعاس رغم أنه يظهر مستيقظاً، وهو نوع من النوم غير الطبيعي، يتضمن هذا النوع العديد من الفواصل مثل عدم الانتباه والهلوسة.
كما أثبتت الدراسات أنه ليس هناك شخص تجاوز 24 ساعة دون نوم لم يمر من هذه الحالة، لكن المدة الدقيقة التي يستطيع خلالها أي شخص تحمّل البقاء دون نوم والإطار الزمني للآثار الجانبية التي تتكشف، قد يكون من الصعب تحديدها.
عندما لا ينام شخص ما لمدة طويلة يحمل آثاراً وخيمة لدرجة أنه من غير الأخلاقي إجراء البحوث حول الأمر على البشر، بل إن الحرمان من النعاس يستخدم بوصفه صورة من صور التعذيب النفسي.
يمكن دراسة الحرمان من النوم على أشخاص يعانون من مرض وراثي نادر يسمى "الأرق العائلي القاتل"؛ إذ يعاني هؤلاء المرضى من طفرة جينية تتسبب في تراكم بروتين غير طبيعي في المخ، وتؤدي تدريجياً إلى تدهور النوم. تبدأ أجسادهم في التدهور، ويموتون في نهاية المطاف؛ لأن البروتين غير الطبيعي المتراكم يدمر خلايا المخ. يقتل هذا الاضطراب أغلب المرضى في غضون 18 شهراً.
آخر الدراسات التي تمت على عدم النوم
حسب دراسات أجريت سنة 2019 تبين أن اليقظة كانت طبيعية نسبياً عند بعض المشاركين المحرومين من النوم لمدة 16 ساعة، إلا أنه بعد انقضاء هذه المدة بدأت ثغرات الانتباه لديهم، وخاصة عند المشاركين الذين يعانون من الأرق.
وجدت دراسة تعود إلى عام 2000 أن الاستيقاظ لمدة 24 ساعة دون نوم قلَّل التنسيق بين اليد والعين، بقدرٍ يتساوى مع احتواء الدم على كحول بنسبة 0.1%.
تضمنت آثار الحرمان لمدة 24 ساعة تقليل وقت رد الفعل، والصعوبة في الكلام، وضعف القدرة على اتخاذ القرار، وتناقص الذاكرة والانتباه، وحدة المزاج، وضعف البصر والسمع والتنسيق بين اليد والعين، والرعشة.
أما عند البقاء بدون نوم لأزيد من 3 أيام فقد يعاني الشخص من الالتهاب في الدم، كما قد تتطور الاختلالات الهرمونية لديهم أيضاً، أما عند تجاوز 72 ساعة فقد يصاب الأشخاص بالقلق والاكتئاب والهلوسة، ويواجهون مشكلات مع أداء المهام الوظيفية.
ومن الضروري أيضاً أن تعرف أنك لن تعوض تعرضك للحرمان من النعاس في اليوم التالي أو في عطلة نهاية الأسبوع؛ إذ إن الحرمان من النوم هو شيء تراكمي، ولذلك فإن من لا ينامون يتكبدون نوعاً من دين النوم. قال أفيدان إنه مقابل كل ساعة نوم مفقودة، يتطلب الأمر 8 ساعات كاملة من النوم من أجل التعافي.