إن كنت تستخدم إنستغرام أو سناب شات أو تيك توك، فمن المحتمل أنك قد جرّبت "فلاتر الوجه" الموجودة في هذه التطبيقات. سواء كانت تلك التي تحوّل وجهك إلى شخصية كارتونية
أو "فلاتر الجمال" التي تغيرملامحك وتجعلها أقرب لـ"معايير الجمال" على مواقع التواصل.
مثل الأنف الصغير، وميزات الوجه على شكل حرف"V"، والعيون الملونة الكبيرة، وحجم الشفاه المختلف. ومع أن هذه الفلاتر تحول المستخدمين إلى نسخة مختلفة تماماً عن شكلهم الحقيقي، وتبدو أنها تجعل الكثيرين يشعرون بالرضا عن أنفسهم، ولكنها في الواقع تسبب تأثيرات سلبية كثيرة على الصحة النفسية، وخاصة بين المراهقين والأطفال.
فلاتر الجمال مرجع لعمليات تجميل غير ضرورية
في كثير من الأحيان، يمكن للوقت الذي يقضيه الناس على وسائل التواصل الاجتماعي، واستخدام هذه الفلاتر أن يضر أكثر مما ينفع، من خلال تغيير توقعات المستخدمين عن شكلهم الحقيقي.
وفقاً لمعهد نيوبورت ، قالت 90٪ من النساء البالغات في مدينة لندن إنهن يستخدمن الفلاتر لأنهن شعرن بالضغط ليبدو شكلهن بطريقة معينة على وسائل التواصل الاجتماعي.
وأيضا وفقاً لتقرير من صحيفة وول ستريت جورنال، كشف مستند داخلي في شركة "ميتا" المالكة لتطبيق إنستغرام، الآثار الضارة لهذه التطبيقات على النساء.
ذكرت الوثيقة أن 32% من الفتيات المراهقات قلن إنه عندما يشعرن بالسوء تجاه أجسادهن، فإن "إنستغرام كان السبب" و "بين المراهقين الذين أبلغوا عن أفكار انتحارية، تتبع 13% من المستخدمين البريطانيين و 6% من المستخدمين الأمريكيين على إنستغرام"، وكانت فلاتر الجمال أحد أهم الأسباب التي ولّدت تلك المشاعر السلبية.
تلك الفلاتر لم تسبب المشاعر السلبية فقط ولكن قد تدفع البعض لإجراء عمليات تجميل غير ضرورية والهوس ليبدو أولئك الأشخاص بشكل مشابه للصورة الوهمية التي توفرها الفلاتر على مواقع التواصل.
تقول الدكتورة "ليلا مجافي"، مديرة مركز الطب النفسي المجتمعي في كاليفورنيا: "لقد قمت بتقييم بعض المراهقين والرجال والنساء الذين ناقشوا فكرة إجراء الجراحة التجميلية ليبدو أشبه بنسخة فلاتر الجمال لأنفسهم، ويقوم بعضهم بإحضار صور لأنفسهم تم تعديلها باستخدام فلاتر الجمال، كصور ملهمة يرغبون أن يتحولوا مثلها".
فلاتر الجمال وانخفاض احترام الذات والثقة بالنفس
بالإضافة إلى عمليات التجميل، يقول الخبراء إن هناك رابطاً مباشراً بين فلاتر التجميل وسائل التواصل الاجتماعي وانخفاض احترام الذات والثقة بالنفس.
والأمر الخطير أيضاً هو كيف تبدو الصور التي تمت استخدام فلاتر الجمال واقعية ويمكن أن تخدع الآخرين في بعض الأحيان. وجدت دراسة أجريت عام 2017 أن الأشخاص استطاعوا تمييز 65% فقط من الصور التي تم التلاعب بها.
ويمكن لهذه الصور والملامح والوجه "المثالي" الذي تروّج له أن تؤثر على تقدير الشخص لذاته، وتعزز السلوكيات غير الصحية؛ مثل الأكل المضطرب، وتؤثر على كيفية رؤية الشخص لهويته. وتمنحه رسالة أن شكله الحقيقي ليس كافياً.
"فلاتر الجمال" تؤثر على الإناث أكثر من الذكور من صغار السن
على الرغم من أن شروط الخدمة لمعظم منصات وسائل التواصل الاجتماعي تتطلب أن يكون المستخدمون 13 عاماً على الأقل، فإن عدداً كبيراً من الأطفال الأصغر من هذا العمر، لديهم حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي؛ ما يجعلهم أكثر عرضة لمخاطر تلك الفلاتر.
وفي بحث قامت به جامعة "جنوب ويلز"، على الأطفال في سن 10 و 11 عاماً، حصل المشاركون على مجموعة من الصور لأشخاص يستخدمون فلاتر مواقع التواصل الاجتماعي وطُرحت عليهم أسئلة؛ مثل: "كيف تختلف هذه عن مظهرهم في الحياة الواقعية؟" و "لماذا يستخدم الناس هذه الفلاتر؟"
أظهرت النتائج وجود فجوة واضحة ومميزة بين الجنسين. قال الصبية إنهم استخدموا المرشحات للتسلية والترفيه، وفضلوا آذان الكلاب والألسنة المبالغ فيها "لإضحاك الناس". استخدمت الفتيات المرشحات لإنشاء صورة مثالية تتوافق مع "الجمال المثالي".
وبحسب بحث آخر، درس تأثير صور السيلفي الخاصة بالفتيات على إنستغرام، فإن الفتيات يملن إلى تطبيق المعايير "الأنثوية" الشائعة عبر أنماط وسائل التواصل الاجتماعي؛ مثل الشفاه المبالغ فيها والجلد الخالي من العيوب.
وخلصت الدراسة إلى أن فلاتر الجمال، تعزز الرسالة التي مفادها أن وضع المكياج، والظهور بطريقة معينة ومطابقة لمقاييس محددة من الجمال، هو الحالة الجسدية المرغوبة للمرأة في العالم الواقعي.
الوعي والنقاش المفتوح لتقليل مخاطر فلاتر الجمال
الخطوة الأولى التي يمكنك اتخاذها هو الوعي بحقيقة تلك الفلاتر وأنها ليست حقيقية، للتخلص من الأفكار السلبية عن نفسك.
ويمكنك أخذ قسط من الراحة وإبعاد نفسك عن وسائل التواصل الاجتماعي. بالإضافة إلى ذلك، من المستحسن أن تقوم بتحسين خلاصات الوسائط الاجتماعية الخاصة بك لتكون مليئة بالمحتوى الإيجابي والمفيد البعيد عن الصورة المزيفة التي تقدمها الفلاتر.
أما بالنسبة للأطفال والمراهقين فالتواصل هو المفتاح. بالنظر إلى عمر الطفل ونقص الخبرة لديه، يحتاج اولياء الأمور إلى إجراء مناقشات مستمرة ومفتوحة لفصل الخيال والمعايير الوهمية للجمال على مواقع التواصل، عن الواقع.
ويمكن أيضاً تشجيع الأطفال على الحد من وقت النظر إلى الشاشة، تظهر الأبحاث وجود صلة بين الاستخدام المكثف لوسائل التواصل الاجتماعي وزيادة خطر الإصابة بالاكتئاب والقلق والوحدة وإيذاء النفس والأفكار الانتحارية. وهذا يجعل من المهم للآباء أن يلعبوا دوراً نشطاً في مراقبة استخدام أطفالهم لوسائل التواصل الاجتماعي.