من منّا لم يختبر من قبل شعوراً بالضيق والغضب عند تدخل أحد الأشخاص في شؤوننا الخاصة، أو محاولتهم إملاء ما يجب أن تفعله أو تشعر به في مواقف معينة. لكن الأمر دائماً ما يكون أكثر إزعاجاً وحساسية عندما يكون هذا الشخص أحد أفراد أسرتك أو عائلتك المقربين.
أحياناً قد نتمكن من التعامل مع سلوكهم أو احتياجاتهم أو مطالبهم؛ تلافياً لحدوث المشكلات، لكن دائماً ما يكون من الصعب فرض الحدود الشخصية التي ترغب فيها مع العائلة.
وبالتالي بدلاً من مواجهة الأشخاص المتطفلين من أفراد الأسرة أو العائلة واستيعاب هذا الواقع، نتصرف بناءً على ما نعتقد أنه يجب علينا وعلى الآخرين القيام به، أو نأمل أن تختفي المشكلة من تلقاء نفسها.
علاوة على ذلك، وحتى عندما نحاول وضع حدود مع أشخاص معينين من أفراد العائلة، فإننا قد نظل غير قادرين على حملهم على احترام المساحات الشخصية. الخبر السار هو أنه يمكن باتخاذ الخطوات الصحيحة لاستعادة السيطرة على حياتك الشخصية وحماية حدودك الخاصة من الشخصيات الصعبة والمتدخلة من أفراد أسرتك المقربين.
ما هي الحدود الصحية التي يجب وضعها؟
قبل الغوص في طرق وخطوات وضع حدود مع أفراد الأسرة الصعبين والمتطفلين في شؤونك الخاصة، من المهم أن تفهم الحدود الصحية التي يجب أن تتمتع بها.
تعد الحدود الصحية ضرورية في مختلف العلاقات، سواء كنت تتعامل مع زملاء العمل، أو الأصدقاء، أو أفراد العائلة. يُعد وضع حدود لما تعتبره سلوكاً مقبولاً أمراً حيوياً لصحتك العقلية والشخصية.
تبدأ الحدود الصحية بتحديد السلوكيات والخصائص والأفعال التي تجعلك مرتاحاً مقابل تلك التي تجعلك غير مرتاح وتشعر بالحساسية والضيق.
إذا كانت تصرفات أحد أفراد الأسرة المتطفل أو المتجاوز تسبب لك القلق النفسي أو الحزن والإحراج، فقد حان الوقت لوضع بعض الحدود الصحية.
وتتضمن بعض فوائد وضع حدود شخصية مع أفراد الأسرة ما يلي:
- الحفاظ على سلامتك النفسية والعقلية واحترامك الذاتي.
- توصيل احتياجاتك في العلاقة بالآخرين والاستفادة من التواصل.
- تخصيص وقت ومساحة في حياتك الشخصية للتفاعلات الإيجابية.
إذ غالباً ما تكون العلاقات مع أفراد الأسرة والمقربين من العائلة هي العلاقات التي يقدرها الناس أكثر من غيرها، وتكون هي الأهم في حياة الشخص مهما بلغ من العمر. لذا فإن وضع حدود لتمكين علاقة عائلية صحية أمر حيوي لرفاهيتك العقلية والعاطفية والاجتماعية بشكل عام.
أنواع الحدود التي يجب أن يحظى بها الشخص
بينما يمكن أن يساعد وضع حدود صحية في بناء علاقة أقوى، من المهم فهم الأنواع المختلفة للحدود. وعلى الرغم من أن كل موقف فريد من نوعه، فإن التعامل مع أفراد الأسرة الصعبين غالباً ما يتطلب وضعاً واحداً أو أكثر من هذه الأنواع من الحدود:
- الحدود الشخصية المادية: وتشمل راحتك البدنية مع الأشخاص الذين قد يحتكون بك جسدياً، ويتطفلون على احتياجك لتناول الطعام، أو النوم، أو الراحة وغير ذلك.
- الحدود الشخصية العاطفية: تتعلق باحتياجاتك العاطفية، مثل مشاركة المشاعر كالبكاء، ومشاركة التفاصيل الحميمة لحياتك.
- الحدود الشخصية الوقتية: تشير هذه الحدود إلى تحديد أولويات وقتك. يؤدي إنشاء هذه الحدود إلى توصيل حاجتك للآخرين لفهم التزامات الوقت الخاصة بك، واحترام مواعيدك ورغبتك في وقت للفراغ والعمل.
- الحدود الشخصية للأفكار: تتضمن هذه الحدود الطريقة التي يتقبل بها الآخرون أفكارك وآرائك وقراراتك.
- الحدود المادية المالية: وتشمل هذه الحدود المتعلقات الشخصية والممتلكات الخاصة، مثل السيارة والمنزل والأغراض الشخصية والمال.
كيفية فرض الحدود الشخصية على أقاربك المتطفلين
عندما تعرف حدودك الشخصية وتدرك كيف يتجاوزها الآخرون، فإن الخطوة التالية هي تعلم كيفية فرضها عليهم لحماية مساحتك وسلامتك النفسية.
إذ ينطوي التعامل مع أفراد الأسرة الصعبين على إيجاد طرق صحية للاستجابة إذا تجاوزوا واحداً أو أكثر من هذه الأنواع من الحدود. وتكون الطريقة كالتالي:
1- ضع احتياجاتك أولاً عند الحاجة
يبدأ وضع الحدود الصحية بالنظر في احتياجاتك الشخصية ووضعها أولاً. اسأل نفسك ما الذي تحتاجه من نفسك ومن الآخرين؛ لتحديد المساحة التي تحتاج إلى تأسيسها.
يُعتبر أخذ احتياجاتك الخاصة في الاعتبار ووضعها فوق احتياجات ورغبات الآخرين طريقة رائعة للبدء في وضع حدود مع أفراد العائلة الصعبين، الذين يضعون احتياجاتهم الشخصية قبل الآخرين دوماً.
2. قدّر وقتك واطلب من الآخرين الأمر نفسه
شيء واحد يمكننا جميعاً أن نتمنى أن يكون لدينا، وهو المزيد من الوقت. قد يكون وضع حدود الوقت أمراً صعباً عند التعامل مع أفراد العائلة الذين يتوقعون احتكاره وامتلاكه.
إذا كنت تشعر أن أفراد عائلتك لا يقدرون وقتك بنفس الطريقة التي يقدرون بها وقتهم الشخصي، فستحتاج إلى وضع حدودك وتوقعاتك في أقرب وقت ممكن لكي يلتزموا بها.
تتمثل إحدى طرق تقليل النزاعات وتعزيز التواصل مع أفراد العائلة في التعبير عن احتياجاتك وحزم قراراتك بوضوح. سواء كان لديك التزام مسبق خلال اجتماع عائلي، أو يمكنك حضور حدث فقط حتى وقت معين، فإن وضع حدود واضحة لوقتك يساعدك على بناء التفاهم مع أفراد عائلتك والشعور بالاستقلالية والاحترام.
3- اتخاذ نهج مباشر ولطيف
يبدأ فهم كيفية وضع الحدود مع الأشقاء أو غيرهم من أفراد الأسرة الصعبين بنهج طيب ومباشر. من المهم التعبير مباشرة عن مخاوفك ومنظورك ورغبتك في وضع حدود صحية كلما أمكن ذلك.
فقط ركز على أن تكون لطيفاً ومتفهماً، بينما تظل حازماً في قراراتك عند وضع الحدود مع العائلة وتوصيل التوقعات حول الطريقة التي تريدها أن يعاملوك بها.
4- وضع توقعات واقعية للعلاقات
من الضروري وضع توقعات واقعية لعلاقاتك مع أفراد عائلتك. في حين أن أي شخص قادر على التغيير، من المهم أن تدرك مقدار الجهد الذي من المحتمل أن يبذله الطرق الآخر قبل مناقشة حدودك معه.
يُعد وضع توقعات واقعية لعلاقاتك جزءاً ضرورياً للحفاظ على سلامتك النفسية. إذ غالباً ما يكون الأشخاص المنخرطون في سلوك سام مقاومين للتغيير.