شهدت الهند منذ القدم العديد من الكوارث الطبيعية والمجاعات التي أسفرت عن سقوط ملايين الضحايا، إحدى هذه الكوارث شهدتها بلاد البنغال – بنغلاديش حالياً – والتي أسفرت عن مقتل 10 ملايين شخص في غضون سنتين فقط.
لم تكن هذه المجاعة بسبب سوء أحوال الطقس فقط، بل تسبب الإنسان أيضاً في سقوط عدد كبير من الضحايا، ما جعل منها أسوأ مجاعة في تاريخ البشرية والتي تبعتها أعداد كبيرة من المجاعات آخرها سنة 1944.
1770 امتيازات اقتصادية وبداية مجاعة البنغال
بسطت شركة الهند الشرقية البريطانية بعد حصولها على مدينة كلكتا بفضل الأمير المغولي وحاكم بلاد البنغال "أوديسا شاه شجاع" منتصف القرن الثامن عشر نفوذها على العديد من المناطق، كما تمكنت بفضل بعض المعاهدات من الحصول على الكثير من الامتيازات الاقتصادية والجبائية.
بعد مدة زادت الشركة قيمة الضرائب، ما جعلها تدر أرباحاً وصلت إلى 30% مقارنة بالسنوات الماضية، بعد بضع سنوات وخاصة سنة 1768 سجلت المحاصيل انخفاضاً شديداً في البنغال وخلال سنة مرت المنطقة بظروف مناخية صعبة أسفرت عن فساد عدد كبير من المحاصيل الزراعية مهددة بذلك حياة الملايين من الأشخاص.
ارتفعت أسعار المواد الغذائية وسط تجاهل مسؤولي شركة الهند الشرقية البريطانية لما يحصل، عاشت منطقة البنغال على وقع مجاعة بلغت أشدها سنة 1770، حسب موقع "studyiq" الأمريكي فقد آلاف الأشخاص أرواحهم يومياً جراء نقص الغذاء بالإضافة إلى تفشي عدد كبير من الأمراض التي ساهمت هي الأخرى في تأزم الأوضاع في المنطقة.
حاول مسؤولون محليون هنود بعدد من المدن، كمدينة دكا، فتح المخازن لتوزيع حصص غذائية يومية بسيطة على الأهالي. خلال وقت لاحق من العام 1770، شهدت منطقة البنغال هطول كميات كبيرة من الأمطار ساهمت في توفير مزيد من الغذاء للسكان.
الاحتلال البريطاني وبصيص الأمل المفقود
بعد هطول كميات من الأمطار التي كان من المتوقع أن تكون نهاية المجاعة والأزمة التي تعيشها البلاد لفترة زمنية، ساهم الاحتلال البريطاني في زيادة حدتها وعدد الوفيات، إذ ضاعفت قيمة الضرائب المفروضة بعد إخضاعها للمنطقة.
ففي فترة المجاعة ارتفعت الضرائب بنسبة 10% من قبل الشركة البريطانية التي تجاهلت الظروف المعيشية للأهالي والفلاحين على حد سواء، فيما استغلت عدداً من الأراضي لزراعة الخشخاش والأفيون من أجل التصدير، متسببة في أزمة على مستوى إنتاج الأرز وبعض المحاصيل الزراعية.
لم تتوقف الشركة البريطانية هنا، بل لجأت إلى شراء نسبة مهمة من محاصيل الأرز والقمح لإطعام جنودها في بلاد الهند، ما أدى إلى نقص في كمية الغذاء المتوفرة لسكان البنغال، فيما عمد عدد من التجار إلى احتكار السلع والمواد الغذائية متسببة في ارتفاع الأسعار وتفاقم الأزمة.
تسبب في وفاة ثلث سكان البلاد
بحلول عام 1770، خففت الأمطار الغزيرة من الجوع، ولكن ليس قبل أن يموت ثلث السكان المحليين؛ أي نحو 10 ملايين شخص، بالإضافة إلى هجرة عدد من الناجين إلى الغابات والمناطق الريفية. فيما أدت المجاعة إلى تهجير مساحات كبيرة من الأراضي، كما تحول عدد من المناطق الزراعية إلى غابات لعقود.
ارتفعت أرباح شركة الاحتلال البريطاني من 15 مليون روبية سنة 1765 إلى 30 مليوناً سنة 1777، على الرغم من الارتفاع المفاجئ في الدخل، ظل الوضع المالي للشركة سيئاً؛ مما دفعها إلى الضغط على البرلمان لتأسيس قانون الشاي في عام 1773.
بدون الحاجة إلى دفع الضرائب، سمح القانون بالشحن المباشر للشاي إلى المستعمرات الأمريكية.
كان أصحاب الأعمال المحلية غاضبين للغاية من هذا الأمر؛ لدرجة أنهم بدأوا في الاحتجاج عليه. كان حفل شاي بوسطن عام 1773 أحد هذه الاحتجاجات. أشعلت تداعيات الاحتجاج في النهاية سلسلة من الأحداث التي بلغت ذروتها في الثورة الأمريكية عام 1776.