كيف يعمل نظام مقاومة الزلازل داخل المباني؟ مطار تركي أحد أكثر المباني تحملاً لها في العالم

عربي بوست
تم النشر: 2023/02/08 الساعة 11:23 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/02/08 الساعة 13:56 بتوقيت غرينتش
نظام مقاومة الزلازل في المباني / Shutterstock

بعد الزلزال الذي ضرب كلاً من تركيا وسوريا، فجر يوم الإثنين 6 فبراير/شباط 2023، والذي تسبب في سقوط عدد كبير من الأبنية، مخلّفاً وراءه آلاف الضحايا وعشرات الآلاف من الجرحى، إذ بلغت قوته 7.6 درجة على مقياس ريختر.

بدأت تساؤلات حول المباني المقاومة للزلازل، وإمكانية صمودها أمام الكوارث الطبيعية، وخاصةً الزلازل.

بدأ الاهتمام بهذا النوع من المباني بعد الزلزال الذي ضرب اليابان سنة 1995، وتسبب في مقتل 6 آلاف شخص في مدينة "هيوغو" الساحلية وما حولها، إذ لم يتأثر مبنى واحد في المدينة جراء هذا الزلزال العنيف.

مدى أمان نظام مقاومة الزلازل /Shutterstock
مدى أمان نظام مقاومة الزلازل /Shutterstock

إذ جعلت شركة إنشاءات يابانية أساساته من المطاط الخاص، وكانت عبارة عن نسخة تجريبية لأشكال بناء مقاومة للزلازل، وتسمى "تقنية عزل القاعدة".

حالياً تستخدم هذه التقنية في نحو 9 آلاف مبنى في اليابان، بينما زوّدت العديد من المباني بأجهزة امتصاص الصدمات، التي بدورها تساعد في تقليل الأضرار الناتجة عن الزلزال وتمنع الانهيار.

حسب صحيفة "nytimes"، بدأت العديد من الدول تبنّي هذه الفكرة، من بينها تشيلي وإيطاليا والمكسيك وبيرو وتركيا، وبعض الدول الأخرى.

مدى فاعلية تقنية مقاومة الزلازل

تعتبر التكنولوجيا المضادة للزلازل اليوم متقدمة جداً، ومن الممكن بناء هياكل فردية يمكنها تحمل الغالبية العظمى من الزلازل المسجلة. أجهزة مثل أنظمة العزل وامتصاص الصدمات التي تم تصميمها لتقليل الاهتزازات للهياكل الناجمة عن الزلازل، يتم توظيفها بنجاح في تصميم المباني الجديدة.

لكن نادراً ما يتم استخدام هذه التقنيات لحماية المباني القديمة، لأنها تتطلب تغييراً جوهرياً في الهيكل الأصلي في حالة المباني التراثية، أو المرافق الحيوية، أو الإسكان الحضري، خاصة في البلدان النامية، قد تكون الحلول المحلية التقليدية غير عملية.

قبل أن نلقي نظرة على ميزات المباني المقاومة للزلازل، من المهم أن نفهم كيف تؤثر الزلازل على المباني.

فعالية نظام مقاومة الزلازل /shutterstock
فعالية نظام مقاومة الزلازل /shutterstock

عند حدوث زلزال فإنه يرسل موجات صدمية خلال فترة قصيرة وسريعة تمتد في جميع الاتجاهات، في حين أن المباني مجهزة بشكل عام للتعامل مع القوى الرأسية من وزنها وجاذبيتها، إلا أنها لا تستطيع التعامل مع القوة المترتبة عن الزلزال.

إذ تعمل هذه الحركة الأفقية على اهتزاز الجدران والأرضيات والأعمدة والعوارض التي ترتبط ببعضها البعض، ما يؤدي لاختلال بين الجزء السفلي والعلوي من المبنى، الشيء الذي يسبب تمزق الإطارات الداعمة وانهيار الهيكل بأكمله في النهاية.

يعمل المهندسون على تعزيز الهيكل والتصدي لقوى الزلازل المحتملة، خاصة أن الزلازل تطلق طاقة تدفع المباني من اتجاه واحد، فإن الاستراتيجية تتضمن دفع المبنى في الاتجاه المعاكس. وفيما يلي بعض الطرق المستخدمة لمساعدة المباني على مقاومة الزلازل.

إنشاء أساس مرن 

من بين أبرز الطرق المتبعة في مقاومة المباني للزلازل رفع أساس المبنى فوق سطح الأرض، من خلال طريقة تسمى القاعدة، إذ يشمل عزل القاعدة بناء مبنى فوق منصات مرنة مصنوعة من الفولاذ والمطاط والرصاص.

عندما تتحرك القاعدة أثناء حدوث زلزال تهتز العوازل، بينما يظل الهيكل نفسه ثابتاً، يساعد هذا بشكل فعال على امتصاص الموجات الزلزالية ومنعها من السفر عبر المبنى.

<strong>تقنية ماصات الصدمات </strong>/ Shutterstock
تقنية ماصات الصدمات / Shutterstock

من المباني الشهيرة حول العالم المبنية بهذه الطريقة مبنى الكابيتول في ولاية يوتاه بالولايات المتحدة الأمريكية، حيث صُمم لتحمل زلزال بقوة 7.8 درجة على مقياس ريختر.

تقنية ماصات الصدمات 

حسب موقع "big rentz" الأمريكي، تشبه التقنية تلك الموجودة في السيارات، إذ يستخدم المهندسون التقنية نفسها في بناء المباني المقاومة للزلازل، إذ تعمل ماصات الصدمات على تقليل حجم موجات الصدمات، وتساعد على تقليل الضغط على المبنى، يتم تحقيق ذلك بطريقتين: أجهزة التحكم في الاهتزازات وقوة البندول.

تتضمن هذه الطريقة وضع مخمدات في كل مستوى من مستويات المبنى بين الأعمدة والعوارض، يتكون كل مخمد من رؤوس مكبس داخل أسطوانة مملوءة بزيت السيليكون. عندما يحدث زلزال ينقل المبنى الطاقة الاهتزازية إلى المكابس، والتي تدفع ضد النفط، ثم تتحول الطاقة إلى حرارة تبدد قوة الاهتزازات.

إلى جانب المخمدات هناك طريقة أخرى للتقليل من قوة الزلزال على المبنى، وتسمى رقاص الساعة، وتستخدم بشكل أساسي في ناطحات السحاب. 

تقنية رقاص الساعة /Shutterstock
تقنية رقاص الساعة /Shutterstock

لتنفيذ ذلك يقوم المهندسون بتعليق كرة كبيرة من الكابلات الفولاذية، التي تتصل بنظام هيدروليكي في الجزء العلوي من المبنى. عندما يبدأ المبنى في التأرجح تعمل الكرة "TMD" كبندول، وتتحرك في الاتجاه المعاكس لتثبيت المبنى، ويتم ضبط هذه الميزات لتتناسب مع حركة المبنى في حالة وقوع زلزال.

من بين المباني الشهيرة التي تتميز بهذه التقنية المقاومة للزلازل ناطحة سحاب تايبيه 101 الموجودة في تايوان.

تقنية عباءة الإخفاء الزلزالية

يقوم الباحثون بتجربة طرق يمكن للمباني من خلالها تحويل الطاقة من الزلازل وإعادة توجيهها تماماً. يتضمن هذا الابتكار، الذي أُطلق عليه اسم "عباءة الإخفاء الزلزالية"، صنع عباءة مكونة من 100 حلقة، متحدة المركز، من البلاستيك والخرسانة، ودفنها على بعد 3 أقدام على الأقل تحت أساس المبنى.

عندما تدخل الموجات الزلزالية في الحلقات تُجبرها سهولة السفر على الانتقال إلى الحلقات الخارجية، نتيجة لذلك يتم توجيهها بشكل أساسي بعيداً عن المبنى، وتتشتت في الأرض.

مواد بناء مقاومة للزلازل 

قد تساعد التقنيات المذكورة في تبديد الطاقة الناتجة عن الزلزال، لكن قد تكون المواد المختارة في البناء هي الأخرى مسؤولة بنفس القدر على حماية المباني من السقوط جراء حدوث زلزال.

لكي تقاوم المادة الإجهاد والاهتزاز يجب أن تتمتع بدرجة عالية من الليونة، وهي القدرة على الخضوع لتشوهات وتوترات كبيرة. غالباً ما يتم تشييد المباني الحديثة باستخدام الفولاذ الإنشائي، وهو مكون يأتي في مجموعة متنوعة من الأشكال، ويسمح للمباني بالانحناء دون أن تنكسر، فيما يعد الخشب أيضاً مادة مدهشة، نظراً لقوتها العالية بالنسبة إلى هيكلها خفيف الوزن.

<strong>مواد بناء مقاومة للزلازل </strong>/ Shutterstock
مواد بناء مقاومة للزلازل / Shutterstock

يقوم العلماء والمهندسون بتطوير مواد بناء جديدة، مع قدر أكبر من الاحتفاظ بالشكل. الابتكارات مثل سبائك ذاكرة الشكل لديها القدرة على تحمل الإجهاد الشديد والعودة إلى شكلها الأصلي.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن لف الغلاف البلاستيك المقوى بالألياف حول الأعمدة، ويوفر ما يصل إلى 38% من القوة المضافة والليونة.

يتجه المهندسون أيضاً إلى العناصر الطبيعية للمساعدة في تعزيز المباني، فالألياف اللزجة والصلبة من بلح البحر، لها قدرات واعدة في إنشاء الهياكل. يمكن أيضاً استخدام الخيزران والمواد المطبوعة ثلاثية الأبعاد، فهي بمثابة هياكل خفيفة الوزن، ومتشابكة بأشكال لا حدود لها، ويمكن أن توفر مقاومة أكبر للمباني.

بعض أفضل المباني المقاومة للزلازل في العالم

استخدمت العديد من الدول هذه التقنيات المقاومة للزلازل في بنايات عديدة، من بين أشهر هذه الأماكن وأكثرها مقاومة للزلازل نذكر: 

مطار صبيحة كوكجن الدولي، أحد أكثر المباني مقاومة للزلازل في العالم

أحد المطارات الرئيسية التي تخدم مدينة إسطنبول التاريخية، ويصادف أيضاً أنه أحد أكثر المباني مقاومة للزلازل في العالم. يسمى صبيحة كوكجن، وهو أحد المطارين الدوليين في إسطنبول، ويقع بالقرب من صدع شمال الأناضول.

<strong>مطار صبيحة كوكجن الدولي</strong>/ Shutterstock
مطار صبيحة كوكجن الدولي/ Shutterstock

حسب مجلة "Architects Journal" تم تصميم المطار من قبل الشركة الهندسية "Ove Arup"، بحيث يحتوي على 300 نظام عازل أساسي، يمكنه تحمل زلزال يصل إلى 8 درجات على مقياس ريختر. يمكن لعوازل القاعدة تقليل الأحمال الزلزالية الجانبية بنسبة 80%، ما يجعلها واحدة من أكبر الهياكل المعزولة زلزالياً في العالم.

من السمات الرئيسية للمطار، التي تجعله مقاوماً للزلازل، ما يُسمى بـ"جهاز بندول الاحتكاك الثلاثي".

برج خليفة بالإمارات العربية المتحدة 

يعد برج خليفة أحد أكثر الهياكل الفائقة شهرة في العالم، كما أنه مبنى مقاوم للزلازل، يتكون الهيكل من أرضيات ميكانيكية تربط جدران الركائز بالأعمدة المحيطة بالجدران الداخلية.

أعمدة المحيط قادرة على دعم المقاومة الجانبية للهيكل. تساعد الأعمدة أيضاً في حمل أحمال الجاذبية، ونتيجة لذلك فإن برج خليفة شديد الصلابة في كلا الاتجاهين الجانبي والالتوائي. 

تم اشتقاق نظام معقد من تصميم القاعدة والأساسات من خلال إجراء دراسات زلزالية وجيوتقنية واسعة النطاق.

ناطحة سحاب تايبيه 101 بتايوان 

ربما تكون تايبيه 101 واحدة من أكثر ناطحات السحاب الشاهقة روعة في العالم. وبغض النظر عن الهندسة المعمارية، فإن الحقيقة المذهلة حول تايبيه 101 هي أنها تضم ​​أكبر مخمد كتلة مضبوط "TMD" في العالم! إنها في الأساس كرة معدنية عملاقة تتصدى للأحمال العابرة الكبيرة مثل الرياح والزلازل، لتقليل تأثير البرج الفائق.

تحميل المزيد