معركة حاسمة في تاريخ حروب الامبراطورية الرومانية، نشبت بين جيوش أوكتافيوس والمعروف باسم أغسطس قيصر، وهو رجل دولة روماني وزعيم عسكري، وبين كل من ماركوس أنطونيوس، وهو سياسي روماني، وكليوباترا السابعة ملكة مصر.
وقعت معركة أكتيوم في 2 سبتمبر/أيلول سنة 31 قبل الميلاد، ببحر الأيوني، قرب المستعمرة الرومانية أكتيوم في اليونان. كانت قوات أوكتافيوس بقيادة ماركوس فيبسانيوس أجريبا، الذي كان وزيراً في عهد أوكتافيوس في حين كان ماركوس أنطونيوس يقود قواته وقوات كليوباترا السابعة.
فوضى واغتيالات وبداية الحرب
بدأت قصة الحرب بعد الفوضى التي ملأت البلاد بعد اغتيال يوليوس قيصر من قِبل رجال مجلس الشيوخ، حيث وجد اثنان من الرجال الأقوياء أنفسهما يتصارعان فيما بينهما على حكم روما، وهما كل من ماركوس أنطونيوس وأكتافيوس.
استمرت المواجهة بينهما مدة 13 عاماً إلى حين مواجهتهما في معركة أكتيوم، التي سُجلت كواحدة من أهم المنعطفات التاريخية، بعد حرب أهلية طويلة ودموية خرج يوليوس قيصر القائد الروماني الكبير منتصراً ومتمنياً عودة السلام أخيرًا إلى روما، فخابت تمنياته، التي قُتل بعدها مباشرة على يد مجلس الشيوخ.
بعد مقتل يوليوس قيصر تسلم أنطونيوس زمام الحكم بأكمله في روما، وكان يتوقع أن تمنحه وصية القيصر السلطة والشهرة للتحكم في زمام الأمور، لكن غالباً تجري الرياح بما لا تشتهي السفن، فبعد قراءة الوصية على مسامع الناس لاحظ أنطونيوس أن غالبية المماليك القيصر ولقبه لن تترك له، بل لأحد أقربائه الذي لا يتجاوز عمره حينها 18 سنة، وهو أوكتافيوس.
ليصبح بعدها أوكتافيوس ابن القيصر بالتبني، إذ توصل بالخبر خلال تدريبه في قوات القيصر، رغم تلقيه الخبر بشكل مفاجئ، إلا أنه تصرف بسرعة وحسم أمره للعودة إلى روما كي يطالب بميراثه الكبير، إذ وصل إلى ميناء شرق روما بعد أسبوع من تلقيه الخبر.
كان أنطونيوس يكبر أوكتافيوس بـ20 سنة، فيما بدأت المواجهة بينهما بالاستخفاف والإهانة والمعاملة على أساس أن أوكتافيوس طفل، الشيء الذي دفع هذا الأخير إلى الالتجاء إلى أعضاء مجلس الشيوخ الذين يعارضون أنطونيوس.
حسب "britannica" بدأ أكتافيوس بسك عملات نقدية جديدة تحمل صورته وصورة يوليوس، وكتب عليها القيصر وابن القيصر، الشيء الذي صعب على أنطونيوس السيطرة على روما، كما صعب عليه مغادرة روما.
فيما انتهز أوكتافيوس فرصة وجود خلافات حادة بين أعضاء مجلس الشيوخ نتيجة تورّط كثيرين بمقتل سلفه، وبدأ يحشد الدعم والمؤن. وتمكن من إقناع ما يكفي من أعضاء مجلس الشيوخ بأن أطماع أنطونيوس السياسية تشكل خطراً على أمنهم.
أوكتافيوس والحملات السياسية والإعلامية
رغم صغر سنه عُرف أوكتافيوس بذكائه، إذ استخدم تحالفات أنطونيوس لإعلان الحرب، فيما سعى إلى إزالة الدعم عن أنطونيوس عبر حملة إعلامية أثيمة عززت خوف روما القديم من مصر، وادعى بأن مصر كانت بلداً للشعوذة والسحر الأسود، حيث يُقدم البشر قرباناً، وتتم أفعال يعجز اللسان عن شرحها.
بدأ أوكتافيوس في إنشاء أسطوله الكبير في بحيرة بركانية محمية خارج نابولي، تتميز هذه المنطقة بأن بها قناة تفصلها عن البحر أقل من نصف ميل.
من جهة أخرى، كان آلاف الرجال في الإسكندرية وأثينا ينكبّون على العمل الجاد، كان أنطونيوس وكيلوباترا يجهزان لبناء جيوشهما وأساطيلهما الخاصة أيضاً.
كانت مصر تُعرف ببناء السفن، إذ كان أنطونيوس تحالف مع كليوباترا زوجة يوليوس قيصر، ما جعله يملك سفناً ضخمة، بالإضافة إلى القوة العسكرية التي بلغت 90 ألف رجل، الشيء الذي زاد من تأكدهم من الفوز، ثم توجه أنطونيوس إلى بلدة صغيرة تدعى أكتيوم.
معركة أكتيوم بين أنطونيوس وأوكتافيوس
بعد سنتين من بداية تجهيز الجيوش التقى الأسطولان خارج خليج أكتيوم صباح 2 سبتمبر /أيلول سنة 31 قبل الميلاد، كان أنطونيوس يملك أزيد من 200 سفينة حربية، فيما قابل أسطول أوكتافيوس يقوده الأدميرال أگريپـّا.
حسب موقع "history" الأمريكي رغم العدد الكبير للسفن في أسطول أنطونيوس، فإن عدد الرجال بداخلها لم يكن كافياً، إذ انتشر مرض الملاريا التي تمكنت من عدد كبير من رجاله قبل المواجهة مع جيوش أوكتافيوس، فيما مات عدد كبير من المجدفين قبل بداية المعركة.
فرغم كبر حجم الأسطول وقوته، فإنه كان النقطة الأضعف في الحرب بالمقارنة مع أسطول أصغر لكنه بالغ القوة، فقد كانت مسلحة بطواقم مدربة بشكل عال، فيما السفن كانت أخف ما جعلها سهلة التحكم انتهت المعركة بفوز أوكتافيوس على أنطونيوس الذي هرب برفقة بضع أساطيله المتبقية.
كانت للحرب تابعات كبيرة، إذ خسر أنطونيو 19 فيلق مشاة و12 ألفاً من الفرسان تحت جنح الظلام، قبل أن تُتاح له فرصة ملاقاة أوكتاڤيان على الأرض، بالإضافة إلى فرار عدد كبير من جنوده إلى قوات أوكتافيوس، ما جعله غير قادر على مواجهته مرة أخرى.
بعد وصول خبر خسارة أنطونيوس إلى مصر قررت كليوباترا الانتحار في 12 أغسطس/آب 30 ق.م، فيما تمكن أوكتافيوس من قتل قيصرون في نفس السنة ليبقى الابن الوحيد ليوليوس قيصر
وبذلك، فقد أمن انتصار اوكتاڤيان في معركة أكتيوم سيطرة مطلقة لا منازع له على كافة الممتلكات الرومانية في البحر المتوسط، وأصبح المواطن الأول بروما. وقد مكنه هذا النصر من استجماع سلطاته على كل مؤسسات الإدارة الرومانية.