بين الحين والآخر، تظهر بعض القصص عن أشخاص أُعلن عن وفاتهم في المستشفى وأغلق عليهم في المشرحة، ثم عادوا إلى الحياة لاحقاً، غالباً ما تكون هذه القصص محاطة بالإثارة والمصادر المشبوهة، لكن فكرة العودة إلى الحياة بعد الموت على ما يبدو ليست بالضرورة مادة للأساطير.
إذ هناك العشرات من الدراسات لأشخاص عادوا إلى الحياة بعد أن أعتقد الأطباء أنهم ماتوا، وأطلق عليها اسم متلازمة لازاروس نسبة إلى القديس لعازر الذي تروي الأساطير أنّه عاد إلى الحياة بعد 4 أيامٍ من وفاته.
كما تُعرف أيضاً باسم متلازمة الإحياء الذاتي، وهو يشير بشكل فضفاض إلى حدث يصاب فيه الشخص بالسكتة القلبية (بمعنى أن قلبه قد توقف) ولكنه يستأنف نشاطه تلقائياً ويستأنف الدورة الدموية بعد توقف محاولات الإنعاش.
ما متلازمة لازاروس؟
متلازمة لازاروس، هي إحدى المتلازمات النادرة التي تتمثل بالاستعادة الذاتية لدوران الدم في الجسم بعد السكتة القلبية، ويمكن تعريفها أيضاً بأنها تأخر في عودة الدورة الدموية التلقائية التي ينتج عنها استئناف القلب نشاطه المرتبط بالتنفس بعد فشل انعاش القلب، حيث يعود المرضى الذين يبدو أنهم ميتون إكلينيكياً إلى الحياة أحياناً بشكل عفوي، وعلى الرغم من وفاة العديد من الأشخاص الذين عانوا من ظاهرة لازاروس بعد فترة وجيزة، تشير إحدى الدراسات إلى أن ما يقرب من ثلث الأشخاص تعافوا تماماً.
متلازمة لازاروس تعيد تعريف الوفاة!
لعدة قرون، كان الناس قلقين بشأن الإعلان غير الدقيق للوفاة، أو الدفن المبكر، في القرن الـ19، كان الخوف من الدفن أحياء، والمعروف باسم رهاب التافوفوبيا، منتشراً على نطاق واسع لدرجة أن العديد من الأشخاص أدرجوا أحكاماً في وصاياهم تدعو إلى إجراء اختبارات لتأكيد الوفاة، مثل سكب السوائل الساخنة على جلدهم أو عمل شقوق جراحية، بينما دُفن آخرون بالمجارف والمعاول لكي يستعملوها في حال رجوعهم للحياة، وفقاً لـ smithsonianmag.
أدى هذا الرهاب من الإعلان غير الصحيح للوفاة في النهاية إلى ظهور نوعٍ جديد من "توابيت الأمان" مع أنابيب التنفس ومجموعة متنوعة من الأعلام أو الأجراس أو الألعاب النارية التي من شأنها أن تسمح لأي شخص مدفون قبل الأوان بإعطاء إشارة إلى المارة بجانب المقابر.
أثارت متلازمة لازاروس بعض الأسئلة الأساسية حول تعريفات الموت، إذ ينص قانون الولايات المتحدة مثلاً على أن الموت يُعرَّف بأنه: "الشخص الذي عانى من توقف لا رجعة فيه عن وظائف الدورة الدموية والجهاز التنفسي، أو توقف لا رجعة فيه عن جميع وظائف الدماغ بالكامل، بما في ذلك جذع الدماغ".
لكن من الواضح أن توقف القلب الذي لا رجعة فيه ليس دائماً واضحاً تماماً، في بعض الأحيان قد يبدو أنه قد توقف ثمّ سرعان ما يعود إلى النبض من جديد وهذا ما يحدث مع متلازمة لازاروس.
مع ذلك لم يتم الإبلاغ عن متلازمة لازاروس في المستشفيات في الأدبيات الطبية حتى عام 1982، وأعطى طبيب التخدير جاك براي الابن هذه الظاهرة لقبها الحالي في عام 1993، بناءً على القصة التوراتية للقديس لعازر، الذي توفي وعاد الى الحياة بعد أربعة أيام، ومنذ ذلك الحين، ظلت هذه الظاهرة نادرة في المؤلفات العلمية.
تشير الأبحاث إلى أنه مع هذه الظاهرة، يظهر الشخص بعض علامات الحياة في غضون 10 دقائق من توقف الإنعاش القلبي الرئوي. وقد دفع هذا الباحثين إلى التوصية بأن يراقب العاملون الصحيون عن كثب المريض لمدة 10 دقائق على الأقل بعد الإنعاش القلبي الرئوي غير الناجح، بدلاً من إعلان وفاته على الفور.
أسباب متلازمة لازاروس
ما زال سبب حدوث متلازمة لازاروس غير واضح، ولكن وفقاً لـ news-medical، هناك بعض العوامل التي قد تؤدي إلى الإصابة بها، ومن أهم هذه العوامل ما يلي:
1. انحباس الهواء
حبس الهواء هو التفسير الأكثر شيوعاً لمتلازمة لازاروس، من المرجح أن يحدث ذلك إذا كان الشخص مصاباً بمرض الانسداد الرئوي المزمن (COPD).
ينتج انحباس الهواء عندما يتم دفع الهواء إلى داخل الجسم بسرعة كبيرة خلال الإنعاش القلبي الرئوي (CPR)، وبسبب عدم القدرة على إخراج الهواء عن طريق الزفير يتم انحباس الهواء في الصدر، الأمر الذي يؤدي إلى صعوبة تدفق الدم في الأوردة الموجودة في الصدر؛ مما يؤدي إلى توقف القلب بشكل مؤقت.
وعند إيقاف عملية الإنعاش الرئوي القلبي، يبدأ الهواء المنحبس في الصدر بالخروج، الأمر الذي يخفف من الضغط داخل الصدر ويسبب عودة تدفق الدم إلى القلب وعودة الدورة الدموية إلى طبيعتها. وغالباً ما يحدث انحباس الهواء عند مرضى الانسداد الرئوي المزمن.
2. تأخير إيصال الدواء
تشير نظرية أخرى إلى أن حدوث متلازمة لازاروس ترجع إلى التأخير في تأثير الأدوية المستخدمة أثناء عملية الإنعاش، فعندما يكون المريض بحاجة إلى التهوية، يؤدي الضغط داخل الصدر الناتج إلى تأخير في العودة الوريدية وانخفاض في النتاج القلبي.
ومع ذلك، قد تعني هذه العملية أيضاً أن الأدوية مثل الأدرينالين، والتي غالباً ما تشكل جهوداً للإنعاش، غير قادرة أيضاً على الوصول إلى القلب وممارسة تأثيرها المتوقع.
وغالباً ما يبدأ مفعول هذه الأدوية بالظهور عند إيقاف عملية الإنعاش القلبي؛ بسبب انخفاض الضغط داخل الصدر.
3. توقف القلب المؤقت بعد أداء إزالة الرجفان
يتم اللجوء إلى عملية إزالة الرجفان خلال الإنعاش القلبي الرئوي لإرسال صعقة كهربائية إلى القلب إما لإعادته إلى النبض أو لتنظيم نبضات القلب المضطربة.
وغالباً ما يكون هناك فترة تأخير بين إزالة الرجفان وظهور مفعوله، ففي حال كانت هذه الفترة طويلة يبدو الأمر أن الدورة الدموية قد توفقت وعادت من تلقاء نفسها.
أسباب أخرى لحدوث متلازمة لازاروس
يمكن لبعض الأسباب مثل ارتفاع مستوى البوتاسيوم أو وجود الكثير من الأحماض في الدم أن تتسبب في توقف قلبك عن النبض.
عادة ما يتم علاج هذه الحالات أثناء الإنعاش القلبي الرئوي، ولكن يمكن أن تستغرق بعض الوقت لحلها. إذا لم تتحسن حتى يتوقف الإنعاش القلبي الرئوي، فقد يبدو أن دورتك الدموية تعود تلقائياً.
مدى انتشار متلازمة لازاروس
تُعد متلازمة لازاروس من المتلازمات شديدة الندرة فقد ظهرت أول حالة للمتلازمة في عام 1982 وحتى عام 2020 كانت جميع حالات الإصابة بمتلازمة لازاروس لا تتعدى 63 حالة في العالم.