طوال نحو سبعة عقود مثّلت سيارة "رولز رويس سيلفر رايث" رمزاً ثابتاً في استعراضات دولة البرازيل، ففي كل مرة يُعيَّن رئيس للدولة يُنقَل إلى حفل التنصيب في الجزء الخلفي من السيارة القابلة للتحويل، لكن قبل أسبوع من مراسم تنصيب لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، يبدو أنَّ السيارة الموقرة عالقة في الفجوة بين تيارَي اليسار واليمين في البلاد.
إذ أشارت روزانجيلا، زوجة الرئيس لولا، وهي عالمة اجتماع تزوجها في وقت سابق من هذا العام، إلى أنهما قد ينفصلان عن التقاليد ولا يستخدمان رولز رويس في حفل الافتتاح في برازيليا في يوم رأس السنة الجديدة، بحسب ما نشرته صحيفة The Times البريطانية.
إذ قالت زوجة الرئيس، في مؤتمر صحفي "إنها سيارة قديمة نوعاً ماً". كما زعمت أنها تضررت خلال حفل تنصيب غريم زوجها، الرئيس بولسونارو عام 2018.
لكن سرعان ما نفى القصر الرئاسي التلميحات بوجود أي خلل في السيارة، وأصر على أنَّ سيارة سيلفر رايث، ومقعدها الخلفي الذي صممته شركة HJ Mulliner البريطانية بطلب خاص في "حالة ممتازة".
واقترح خوسيه بينتيدو فيغنولي، الذي شارك في تدوين تاريخ السيارة الاحتفالية، وآخرون، أنَّ السيدة روزانجيلا التي تشرف على الاحتفالات المرتبطة بالتنصيب ربما شعرت بأنَّ الهالة الأرستقراطية للسيارة تعطي رسالة خاطئة للجمهور.
وقال: "إنهم يريدون إعطاء الانطباع بأنهم من الشعب، وأبناء الشعب لا يتحركون في سيارات رولز رويس"، مشيراً إلى أنَّ الزوجين قد استسلما لما وصفه بـ"الكلام الاشتراكي". وكان لولا قد استخدم السيارة مرتين على الأقل من قبل، خلال فترة تنصيبه السابقة.
فيما يمثل تنصيب لولا تحولاً حاداً نحو تيار اليسار في سياسة البلاد، بعد انتخابات الإعادة بفارق ضئيل، في أكتوبر/تشرين الأول. وخدم عامل المعادن السابق مرتين رئيساً في أوائل العقد الأول من القرن الماضي، وبعد ذلك أمضى بعض الوقت في السجن بسبب مزاعم فساد، لكن أُلغِيَت الأحكام الصادرة بحقه في وقت لاحق. وقال إنه سيقود معركة متجددة ضد الفقر، وسيتّبع نهجاً لا يتسامح مطلقاً مع إزالة الغابات.
وكانت سيارة رولز رويس محوراً للدراما السياسية من قبل. وكانت واحدة من زوجين من سيارات سيلفر رايث التي أمر بشرائها الرئيس جيتوليو فارغاس في عام 1952، إحداهما قابلة للتحويل والأخرى ثابتة السقف. وكان اختيار فارغاس مثيراً للجدل؛ بالنظر إلى أنَّ السيارة كانت واحدة من أغلى السيارات وأكثرها فخامة في العالم، رغم أنه صوّر نفسه على أنه "أبو الفقراء". وتسلّم الرئيس السيارتين في وقت كانت فيه الحكومة قد فرضت قيوداً على واردات السلع الفاخرة، وكانت البرازيل مُثقَلة بالديون لبريطانيا.
ولم يستمتع الرئيس بأي من السيارتين لفترة طويلة، ففي مواجهة أزمة سياسية انتحر عام 1954.
ورغم عدم الإعلان عن القرار النهائي بشأن تنصيب لولا دا سيلفا، يأمل الكثيرون في رؤية السيارة مرة أخرى خلال المراسم، في 1 يناير/كانون الثاني. وقال فيغنولي: "إنها سيارة جميلة، بعيونها الكبيرة. من المهم بالنسبة لتقاليدنا أن يذهب الرئيس إلى الكونغرس والقصر في رولز رويس".