أرسلوا أطفالهم عبر البريد.. والسبب: تقليل مصاريف السفر!

عربي بوست
تم النشر: 2022/12/12 الساعة 12:15 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/12/12 الساعة 12:15 بتوقيت غرينتش
إرسال الأطفال عبر البريد | مواقع التواصل

في الوقت الذي كانت فيه بعض العائلات الأمريكية غير قادرة على دفع تكلفة القطار الغالية، من أجل السفر رفقة أطفالهم لزيارة عائلاتهم، تم اعتماد طريقة جديدة وغريبة، وأقل تكلفة، وهي إرسال الأطفال عبر البريد.

وانتشر خبر أول عملية إرسال طفل عبر البريد في أمريكا في عدد كبير من الصحف، ما جعل الكثير من العائلات تعتمد هذه الطريقة، إلى أن تم منعها بعد سنتين فقط من اعتمادها، بسبب المشاكل والخروقات التي صاحبت الأمر.

لا قانون يمنع إرسال البشر عبر البريد في أمريكا!

في سنة 1913، قررت إدارة مكتب البريد في الولايات المتحدة الأمريكية زيادة وزن الطرود البريدية من كيلوغرامين، إلى 22 كيلوغراماً، وذلك بعد أن كان بعض المواطنين يعتمدون إرسال الطرود عن طريق شركات خاصة.

ومباشرة بعد تفعيل هذه الخدمة، شرع المواطنون في إرسال العديد من الأشياء الغريبة، التي لم تكن متاحة للإرسال في السابق، بسبب وزنها الثقيل، من بينها الدجاج، والبيض، والأسمنت، والحديد.

لكن أغرب ما تم إرساله، بعد مدة بسيطة من زيادة وزن الطرود البريدية، كان الأطفال! إذ استغلت العائلات الأمريكية عدم وجود أي قانون يمنع إرسال البشر عبر البريد، من أجل إرسال أطفالها لزيارة أقاربهم.

إرسال الأطفال عبر البريد| ع مواقع التواصل
إرسال الأطفال عبر البريد| ع مواقع التواصل

وكان السبب وراء هذا التصرف، هو تقليل مصاريف السفر، بين المدن والولايات، إذ كان كل ما يحتاجون إليه هو الطابع البريدي، والتأمين على سلامة الطرد، وهو الطفل في هذه الحالة، والذي كان يكلف مبالغ بسيطة جداً، مقارنة بسعر تذكرة القطار.

البريد.. وسيلة آمنة وغير مكلفة لنقل الأطفال 

كانت بداية إرسال الأطفال عن طريق البريد من ولاية أوهايو، عندما قامت عائلة بإرسال طفلها الرضيع، من أجل زيارة جدته، التي تبعد عن منزلها بمسافة كيلومترين فقط، وذلك بعد عدم التمكن من التنقل بشكل جماعي من أجل زيارة الجدة.

وبعد نجاح عملية نقل الطفل عبر البريد، تم تسليط الضوء على طريقة نقل الأطفال الغريبة هذه عبر الصحف الأمريكية، التي جعلت كل من يقرأ الخبر يفكر في استغلال هذه الخدمة من أجل تقليل مصاريف السفر، وهذا ما حصل بالفعل.

فقد تحول البريد حينها لوسيلة آمنة وسريعة، وأقل تكلفة، من أجل نقل الأطفال من مدينة إلى أخرى لزيارة عائلاتهم، دون الحاجة إلى سفر الوالدين معهم.

إرسال الأطفال عبر البريد | مواقع التواصل
إرسال الأطفال عبر البريد | مواقع التواصل

فقد كانت طريق نقل الأطفال من طرف شركة البريد مختلفة عن طريقة نقل باقي الطرود، وذلك من أجل ضمان سلامتهم، عن طريق اصطحاب ساعي البريد للطفل في سيارة الخدمة، وإيصاله إلى باب المنزل، ليتم التوقيع على ورقة التسليم من طرف المرسل إليه.

ماي بيير.. الطفلة التي تحولت تجربة نقلها عبر البريد إلى قصة أطفال 

خلال السنة الأولى التي تم فيها زيادة وزن الطرود البريدية، تم إرسال الكثير من الأطفال، وكان جميعهم يصلون بسلام إلى عائلاتهم في الطرف الآخر.

لكن قصة الطفلة ماي بيير ستورف، البالغة من العمر 5 سنوات، والتي تم إرسالها في شهر فبراير/شباط من سنة 1914، كانت الأشهر، وذلك بعدما قامت عائلتها بإرسالها من ولاية فلوريدا، إلى ولاية أيداهو، لزيارة جدتها هناك.

ومن أجل تسهيل عملية النقل، اعتمد ساعي البريد السفر عبر القطار، ما كلفه سعر تذكرته وتذكرة الطفلة، في الوقت الذي دفعت فيه العائلة 53 سنتاً فقط، وهو سعر الطابع البريدي، الذي تم إلصاقه في معطف الطفلة.

الطفلة ماي التي تحولت تجربتها إلى قصة أطفال | مواقع التواصل
الطفلة ماي التي تحولت تجربتها إلى قصة أطفال | مواقع التواصل

وبعد انتشار خبر نقل الطفلة ماي بيير من طرف رجل البريد عبر القطار، تم تحويلها إلى قصة خاصة بالأطفال، وكانت من بين أشهر القصص حينها، وحملت عنوان "Mailing May".

وشجعت قصة هذه الطفلة العائلات على إرسال أطفالهم في رحلات امتدت لعدة ساعات، بين ولايات بعيدة جداً، مقابل مبالغ بسيطة جداً، خصوصاً أن البعض كان لا يقوم بدفع التأمين، والاكتفاء بالطابع البريدي فقط.

وكانت أبعد مسافة تم قطعها من طرف ساعي البريد، رفقة طفل، هي تلك الرابطة بين ولايتي فلوريدا وفرجينيا، بعد أن أرسلت الأم طفلها لزيارة والده هناك مقابل 15 سنتاً فقط، دون الحاجة إلى السفر برفقته.

مخالفة قوانين البريد تؤدي إلى منع إرسال الأطفال إلى الأبد

على الرغم من أن عملية نقل الأطفال من مدينة إلى أخرى، أو ولاية إلى أخرى، كانت آمنة، وغير ممنوعة قانونياً، إلا أن إدارة مكتب البريد الأمريكي قررت منعها سنة 1915، وهي السنة التي أرسل فيها آخر طرد به طفل صغير، وذلك في شهر أغسطس/آب.

إرسال الأطفال عبر البريد| ع مواقع التواصل
إرسال الأطفال عبر البريد| ع مواقع التواصل

وجاء القرار بعد اكتشاف الكثير من الخروقات والمخالفات من طرف موظفي البريد، الذين كانوا يقومون بإيصال بعض الأطفال إلى مناطق ريفية، أو وجهات غير مسموح الوصول إليها من طرف شركة البريد، وذلك من أجل مصالح شخصية، أو مبالغ مالية.

وبذلك أصبح من غير الممكن شحن البشر في البريد إلى الأبد، إذ يتم قبول جميع الأشياء القابلة للشحن، كيفما كانت غريبة، لكن بعيداً عن الأطفال، من أجل ضمان عدم خرق القوانين من طرف الموظفين.

علامات:
تحميل المزيد