قُتلت الممثلة الشابة شارون تيت بوحشية هي وجنينها بعد أن طعنها قاتلوها 16 طعنة، وقتلوا كذلك جميع أصدقائها الذين كانوا بصحبتها ذلك المساء، وعلقوها في عارضة سقف في المنزل ثم كتبوا بدمها على الباب كلمة "خنزير".
قد تظنون لأول وهلة أن الدافع وراء هذه الجريمة كان كرهاً عميقاً لشارون تيت من قبل قاتليها، لكن الحقيقة كانت مختلفة تماماً.. كيف ولماذا قتلت ممثلة هوليوود الشابة؟ تعالوا نروِ لكم القصة:
جريمة قتل شارون تيت
عندما قتلت شارون تيت في عام 1969، كانت تبلغ من العمر 26 عاماً فقط وكانت في الشهر الثامن والنصف من حملها، وكانت كذلك في بداية طريق الشهرة والنجومية في هوليوود.
وُلِدَت شارون تيت في 24 يناير/كانون الثاني 1943 في مدينة دالاس بولاية تكساس، وأمضت سنوات صباها وهي تنتقل من مكان لآخر.
وفقاً لصحيفة The New York Times، كان والدها يخدم في الجيش الأمريكي؛ لذلك انتقلت عائلة تيت كثيراً.
وطوال رحلاتهم، كان جمال شارون يجذب الانتباه، فقد فازت بعدد من مسابقات الجمال، وحصلت على لقبي ملكة حفل العودة وملكة حفلة التخرج في المدرسة الثانوية التي التحقت بها في إيطاليا.
وعندما عادت عائلتها إلى الولايات المتحدة في عام 1962، سارعت شارون إلى لوس أنجلوس في كاليفورنيا؛ حيث أبرمت عقداً مدته سبع سنوات مع شركة Filmways، وبدأت في الحصول على أدوار صغيرة في البرامج التلفزيونية.
وفي النهاية، تحولت هذه الأدوار الصغيرة إلى أدوار أكبر، ومثّلت شارون في فيلم "The Fearless Vampire Killers – قاتلو مصاصي الدماء الجسورين" إنتاج عام 1967، من إخراج رومان بولانسكي.
في ذلك الوقت تطورت علاقة عاطفية بين شارون ورومان أثناء العمل معاً، وتزوجا في لندن في 20 يناير/كانون الثاني 1968. وفي وقت لاحق من ذلك العام، حملت شارون بطفلها.
لكن سرعان ما ظهرت الخلافات بين الزوجين، وبحلول أغسطس/آب 1969، قبل وقت قصير من ولادة طفلهما، بدأت شارون تفكر في تركه. وأمضى الزوجان معظم الصيف في أوروبا، لكن شارون عادت إلى منزلهما المستأجر في شارع سييلو درايف وحدها، بينما رومان أخّر عودته حتى يتمكن من استكشاف مواقع الأفلام.
في اليوم السابق لوفاة شارون تيت، اتصلت بزوجها وتحدثت معه عن غيابه. ووفقاً لصحيفة The Washington Post، حذرته إذا لم يعُد للمنزل خلال 10 أيام لحضور حفل عيد ميلاده، فقد انتهت علاقتهما.
ومر بقية اليوم بسلام إلى حد ما، ولم يكن هناك ما يشير إلى الرعب الذي ستشهده شارون قبل أن تفارق الحياة.
ليلة وقوع الجريمة
كانت شارون تقيم في قصر مستأجر في شارع سييلو درايف في لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا.
وفي ليلة الجريمة توجهت شارون إلى ذلك المنزل المشؤوم مع أصدقائها، وهم الكاتب فويتشيك فريكوفسكي ووريثة مجموعة إنتاج القهوة أبيغيل فولغر، ومصفف شعر المشاهير جاي سبيرينغ.
من سوء حظ شارون تيت فقد أراد "تشارلز مانسون" بشدة شراء هذا القصر من صاحبه المنتج تيري ميلشر، إلا أن ميلشر رفض ذلك، مما أثار غضب وضغينة مانسون، لكن من هو تشارلز مانسون؟
تشارلز ذاك هو زعيم طائفة عائلة مانسون، وهي هي جماعة طائفة دينية نشطت في ولاية كاليفورنيا في أواخر الستينات وأوائل السبعينات وارتكبت العديد من جرائم القتل.
لم يكن الهدف شارون تيت على وجه التحديد أو حتى زوجها أو أصدقاءها، لكن مانسون أصدر أوامره لجماعته: اذهبوا واقتلوا كل من في المنزل دون رحمة.
توجه أعضاء عائلة مانسون، تشارلز "تكس" واتسون وسوزان أتكينز وليندا كاسابيان وباتريشيا كرينوينكل، نحو القصر.
قطع واتسون أسلاك الهاتف وقتل ستيفن بارنت البالغ من العمر 18 عاماً. وقد كان مجرد بائع سيئ الحظ صدف تواجده في ذاك المنزل في تلك الليلة لبيع راديو مزود بساعة إلى القائم بأعمال العقار، ويليام غاريتسون، الذي كان يقيم في بيت ضيافة منفصل.
بعد ذلك، دخل أعضاء الطائفة المنزل الرئيسي في العقار. أولاً، صادفوا فويتشيك، الذي كان مستلقياً على أريكة في غرفة المعيشة. ووفقاً لكتاب "Helter Skelter: The True Story of the Manson Murders– هيلتر سكيلتر: القصة الحقيقية لقتلة مانسون"، طالب فويتشيك بمعرفة من هم، ورد عليه واتسون قائلاً: "أنا الشيطان، وأنا هنا لأقوم بأعمال الشيطان".
وتحرك أعضاء الطائفة بصمت عبر المنزل، وجمعوا شارون وأبيغيل وجاي وجلبوهم إلى غرفة المعيشة. وعندما احتج جاي على معاملتهم لشارون، أطلق عليه واتسون النار، ثم قيده هو وشارون وأبيغيل إلى السقف من أعناقهم. وقال واتسون: "ستموتون جميعاً".
وحاول كل من فويتشيك وأبيغيل المقاومة ضد خاطفيهما. لكن أفراد عائلة مانسون طعنوا فويتشيك 51 مرة، وأبيغيل 28 مرة؛ مما أسفر عن مقتلهما في النهاية. بعد ذلك، بقيت شارون تيت على قيد الحياة.
ويقال إنَّ شارون توسلت: "رجاء دعوني أذهب. كل ما أريده هو إنجاب طفلي".
لكن أعضاء الطائفة لم يظهروا أية رحمة. ووجه تشارلز واتسون أو سوزان أتكينز أو كلاهما طعنات لشارون 16 مرة وهي تصرخ منادية والدتها. ثم بتعليمات من مانسون لأداء شيء ينطوي على أعمال سحر، استخدمت سوزان دم شارون لكتابة "خنزير" على الباب الأمامي للمنزل. وتركوا شارون تيت ميتة مثل الآخرين، وفقاً لما ورد في موقع All That's Interesting الأمريكي.
مخطط لاتهام "السود" بتلك الجرائم
لكن جرائم قتل مانسون لم تنتهِ عند هذا الحد. في الليلة التالية، قتل أعضاء الطائفة مالك سلسلة المتاجر لينو لابيانكا وزوجته روزماري في منزلهما.
وأثارت موجة القتل العنيفة وغير المنطقية كما يبدو حيرة الجميع. لكن وُجِد حل اللغز أخيراً، وفقاً لمجلة Newsweek، حين تفاخرت سوزان أتكينز بقتل شارون تيت عند حبسها لسرقة سيارة.
في أعقاب اعتراف سوزان أتكينز في السجن، حوكم تشارلز مانسون وبعض أتباعه بتهمة القتل في عام 1970. وقدموا أوصافاً مروعة لكيفية وفاة ضحاياهم على أيديهم، بما في ذلك شارون تيت.
أما بالنسبة لدوافع الجرائم، فقد زُعِم أنَّ مانسون كان يأمل في تلفيق التهم إلى حزب الفهود السود والمنظمات السوداء الأخرى على جرائم القتل الوحشية لشارون تيت وضحاياه الآخرين حتى يتمكن من بدء "حرب عرقية".
في النهاية، أدين مانسون وأتباعه بتسع جرائم قتل (على الرغم من أنَّ البعض يعتقد أنهم مسؤولون عن المزيد من عمليات القتل). وحُكِم على مانسون وسوزان أتكينز وباتريشيا كرينوينكل وتشارلز واتسون وعضو آخر في الطائفة بالإعدام. لكن خُفّفت أحكامهم فيما بعد إلى السجن المؤبد.
وفي النهاية أصبحت قصة شارون تيت مجرد قصة ثانوية في سلسلة جرائم مانسون الذي ضيع أحلامها في أن تكون نجمة وأن تصبح أماً.
حتى الأفلام المعاصرة عن جرائم القتل في مانسون، مثل فيلم كوين تارانتينو "Once Upon A Time… In Hollywood" من إنتاج 2019، لا تجسد شخصية شارون تيت بالشكل الذي يرغب به أحباؤها. فقد أخبرت شقيقتها، ديبرا تيت، مجلة Vanity Fair، أنها شعرت أنَّ "زيارة" شارون تيت في الفيلم كانت قصيرة بعض الشيء، لكنها وافقت تماماً على تجسيد مارجو روبي لأختها.