أطلقت وكالة الفضاء الأمريكية، ناسا نحو القمر، الأربعاء 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، أقوى صاروخ في العالم على الإطلاق. وانطلق صاروخ "إس إل إس" ضمن مهمة أرتيميس، من مركز كينيدي للفضاء في فلوريدا، ويبلغ ارتفاعه 100 متر.
الهدف من هذه التجربة التي تستمر لمدة 25 يوماً، اختبار التقنيات التي ستسمح بنقل رواد الفضاء بشكل آمن مجدداً إلى سطح القمر، بعد غياب دام أكثر من خمسين عاماً. وكانت عوائق فنية عديدة ومصاعب مناخية مثل الأعاصير قد أدت إلى تأخير الإطلاق وتأجيل المهمة مرتين في الأسابيع الأخيرة.
أول صاروخ تطلقه ناسا منذ 50 عاماً
بعد خمسين عاماً على مهمة أبولو الأخيرة، يُفترض أن يطلق الصاروخ كبسولة غير مأهولة إلى القمر من دون أن تحط على سطحه، والتحقق من أنها آمنة لنقل طواقم بشرية مستقبلاً. وسينقل الصاروخ نفسه إلى القمر أول امرأة وأول شخص من أصحاب البشرة الملونة في مهمات مستقبلية.
في هذه الرحلة التجريبية التي تنطلق بعد نصف قرن من آخر رحلة أمريكية إلى القمر ضمن برنامج "أبولو"، لن تهبط الكبسولة أوريون غير المأهولة على القمر، بل ستقترب منه عند مسافة تصل إلى 64 ألف كيلومتر، في رقم قياسي لمركبة قابلة للسكن.
ترمي المهمة الجديدة إلى التحقق من أن هذه المركبة الجديدة آمنة لنقل طواقم مستقبلية إلى القمر في السنوات المقبلة.
يشكل هذا الحدث الانطلاقة الكبيرة لبرنامج "أرتيميس" الرامي إلى إرسال أول امرأة وأول شخص من أصحاب البشرة الملونة إلى القمر. ويرمي البرنامج إلى إقامة وجود بشري دائم على القمر تحضيراً للتوجه إلى المريخ.
حيث قال رئيس وكالة "ناسا"، بيل نيلسون، الثلاثاء، إن "هذا الصاروخ حمل معه الكثير من العرق والدموع".
100 ألف شخص يتابعون الإطلاق
رغم حصول الإطلاق في وقت متأخر ليلاً، حضر حوالي مئة ألف شخص إلى المكان لمتابعة المشهد المنتظر، خصوصاً في الشواطئ المحيطة بمركز كينيدي.
بينما جرى ملء الجزء الرئيسي من الصاروخ ذي اللون البرتقالي بما لا يقل عن 2.7 مليون لتر من الأوكسجين السائل والهيدروجين. وخلال الصيف المنصرم، أدى تسرب للهيدروجين إلى إلغاء محاولة إقلاع ثانية في اللحظات الأخيرة.
فما عدلت "ناسا" وقتها الإجراءات المتعلقة بهذا الخصوص ولاقت اختبارات التحقق من فعاليتها نجاحاً. أما أول عملية إقلاع، فأُلغيت بسبب عطل في أحد أجهزة الصاروخ.
كما أكد المسؤولون في "ناسا" مرات عدة أن هذه المشكلات عادية كون المركبة جديدة كلياً، مشددين على أن فرق الوكالة تتعلم كيفية فهم كل الأعطال والتعامل معها.
تجارب مكلفة
بعد المشاكل الفنية التي طالت الصاروخ، واجه الأخير تهديداً نتيجة إعصارين متواليين ضربا المنطقة، وأُعيد "إس إل إس" البالغ ارتفاعه 98 متراً إلى مبنى التجميع الخاص به في نهاية أيلول/سبتمبر لحمايته من أحد الأعاصير؛ ما أدى إلى تأجيل عملية الإقلاع أسابيع عدة.
بعد إعادته إلى منصة الإطلاق، واجه الصاروخ الإعصار نيكول، الذي تسبب في إتلاف طبقة رقيقة من المواد المانعة للتسرب في جزئه العلوي، إلا أن "ناسا" أكدت، الإثنين، أن هذا التطور ينطوي على مخاطر محدودة.
شهد إطلاق برنامج "ناسا" تأخيرات لسنوات عدة، فأصبح نجاح المهمة التي تبلغ تكلفتها عدة مليارات من الدولارات، أمراً ضرورياً للوكالة الأمريكية.
ستثبت الكبسولة في مدار بعيد أسبوع تقريباً وستصل إلى 64 ألف كيلومتر ما بعد القمر، أي أبعد من أي مركبة فضائية أخرى صالحة لنقل البشر حتى الآن.
في النهاية، سيجري اختبار الدرع الحرارية للكبسولة أثناء عودتها إلى الغلاف الجوي للأرض. ويفترض أن تتحمل درجة حرارة توازي نصف حرارة سطح الشمس.
يُفترض أن تستمر المهمة 25 يوماً ونصف اليوم، على أن تهبط الكبسولة العائدة في المحيط الهادئ في 11 كانون الأول/ديسمبر المقبل.