كثيراً ما نسمع عبارات لافتة حول الأشخاص الذين نجوا من الموت بأعجوبة، أو عن هؤلاء الذين كُتب لهم عُمر جديد، لكن على الأغلب كل هذه التجارب لا تضاهي شيئاً أمام ما تعرض له وينسيسلاو ميغيل.
إذ حوكم ميغيل وحُكم عليه بالإعدام بعد اتهامه بالتمرد أثناء الثورة المكسيكية. في حقيقة الأمر لم تكن هناك محاكمة، ولم تتح للرجل المسكين فرصة استئناف الحكم الصادر ضده.
وكان من الممكن أن يكون من بين ملايين الرجال الذين ماتوا بسبب الحرب دون أي ذنب.
فيما يلي نستعرض قصة الرجل الذي عاش طويلاً بعد تنفيذ الإعدام فيه بمعجزة حرفية، بعد أن تلقّى 9 رصاصات مباشرة في جسده، منها واحدة في الرأس!
قصة الرجل الذي عاد من الموت بمعجزة محققة
لا يعرف الكثيرون اسمه، لكن وينسيسلاو ميغيل هو أحد الأشخاص القلائل الذين يمكن أن يقولوا فعلاً إنهم خدعوا الموت وعادوا للحياة بأعجوبة. فقد حوكم بالإعدام بتهمة التمرد في الثورة المكسيكية.
لم تكن هناك محاكمة رسمية، حتى لا يتمكن من استئناف حكمه، وكان من الممكن أن يكون من بين الملايين الذين لقوا حتفهم دون ذنب من جانبه، ومع ذلك كان الحظ إلى جانبه.
على الرغم من إطلاق النار عليه 8 أو 9 مرات نجا الرجل وعاش 61 عاماً أخرى، إلى أن مات بسبب التقدم في العُمر.
الثورة المكسيكية
كانت الثورة المكسيكية نزاعاً مسلحاً ممتداً في المكسيك منذ عام 1910 حتى عام 1920. وقد تم تصنيفها واحدةً من أكثر الأحداث تأثيراً في تاريخ المكسيك الحديث. وقد أدت إلى تدمير الجيش الفيدرالي المكسيكي واستبداله بالجيش المكسيكي الثوري.
كان الصراع أقرب لما يمكن تسميته بحرب أهلية، لكن لم يمض وقت طويل حتى أصبح للقوى الأجنبية مصالح اقتصادية واستراتيجية في المكسيك، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية.
في عام 1915 هزم الدستوريون، المعروفون أيضاً باسم الفيدراليين، الثوري الشهير بانشو فيلا، وكان هذا الفشل مدمراً لأتباعه، الذين كانوا أقوياء في شمال المكسيك.
وبحسب موقع History للتاريخ، فقد قام الفيدراليون بمطاردة أي شخص اعتقدوا أنه من مؤيدي الثورة، ولاحقوهم في جميع أنحاء البلاد وأعدموهم كلما تسنى لهم ذلك. كما استخدموا مزاعم سياسية ملفقة لضمان الإعدامات، ولاحقوا العديد من الأشخاص حتى الموت.
وهنا يأتي دور بطل القصة، فقد كان وينسيسلاو ميغيل هيريرا يبلغ من العمر 25 عاماً، من ولاية يوكاتان شرقي المكسيك، ولكن تم اتهامه بأنه أحد أتباع المتمردين المخلصين.
وبالفعل في 18 مارس/آذار عام 1915، ألقت القوات الحكومية القبض على وينسيسلاو واعتقلته.
في اليوم نفسه أمر عقيد يُدعى أورتيز بإعدام ميغيل وغيره من المتمردين المسجونين دون محاكمة.
تنفيذ الإعدام بحق ميغيل
في 18 مارس/آذار 1915، أطلق ثمانية من القوات الفيدرالية ما بين 8 إلى 9 طلقات على ميغيل وهو معصوب العينين. وبمجرد سقوط جسده على الأرض ذهب الكولونيل أورتيز وأطلق رصاصة مباشرة في رأس الضحية لكي ينهي معاناته.
وبالرغم من إصابته العصيبة توجّه ميغيل إلى كنيسة القديس جيمس، على بعد ثلاث بنايات من مكان الإعدام، وهناك اكتشفه أحد رواد الكنيسة وهو شبه ميت على الأرض.
يلفت موقع Medium للمعرفة والمنوعات إلى أن هناك نسخة أخرى من هروب ميغيل، تقول إن ثواراً آخرين وجدوه فاقداً للوعي في اليوم التالي بين الجثث، فانتشلوا جثته وقدموا له الرعاية الطبية.
في حين أنه من غير الواضح كيف هرب ميغيل من موقع تنفيذ الإعدام بدقة، لكن ما هو مؤكد أنه عولج من إصاباته ونجا.
حياة طويلة وملهمة
لقد ظل وينسيسلاو ميغيل بعيداً عن الأنظار حتى انتهت الثورة المكسيكية تماماً، إلى أن هاجر إلى الولايات المتحدة الأمريكية عام 1930.
وهناك أثارت قصة نجاته اهتمام رسام الكاريكاتير روبرت ريبلي، الذي دعاه للظهور في برنامجه الإذاعي، في 16 يوليو/تموز 1937. وأصبحت قصة الرجل وهروبه من براثن الموت معروفة ورائجة.
حتى إن شهرته ألهمت في وقت لاحق Chumbawamba، وهي فرقة موسيقى الروك الإنجليزية في التسعينيات والألفينيات من القرن الماضي، لكتابة أغنية عن معجزة الرجل مع الموت وكيف نجا.
كان يجب أن يموت ميغيل، في 16 مارس/آذار 1915، لكنه عاش 61 عاماً أخرى. فقد عاد إلى المكسيك وتوفي في 29 يوليو/تموز عام 1976، عن عمر يناهز الخامسة والثمانين.