اضطراب الهوية الانفصالية، الذي كان يُشار إليه سابقاً باسم اضطراب تعدد الشخصيات في علم النفس، يتسم بانقسام هوية الشخص إلى اثنين أو أكثر من الشخصيات المختلفة.
وغالباً ما يكون الأشخاص المصابون بهذه الحالة ضحايا للإساءة الشديدة والصدمات النفسية الحادة، وهي حالة عقلية نادرة تصيب نحو 1% فقط من حول العالم، بحسب عيادة Cleveland Clinic للعلوم الطبية.
الاضطراب النفسي الخطير كان دوماً على رأس قائمة الحالات النفسية التي ألهمت صناع السينما والأفلام الداكنة للإثارة والرعب.
ومن أشهر وأنجح الأعمال التي تناولت شخصياتها مثل هذا الاضطراب فيلم Split عام 2016، ومسلسل Moon Knight عام 2022.
ما هو اضطراب الهوية الانفصامي؟
اضطراب الهوية الانفصالية، أو (Dissociative Identity Disorder) ويُعرف اختصاراً بـ"DID"، هو شكل حاد من أشكال التفكك النفسي.
وهو اضطراب عقلي ينتج عنه عدم وجود اتصال بين أفكار الشخص أو ذكرياته أو مشاعره أو أفعاله أو إحساسه بهويته وشخصيته.
يُعتقد أن اضطراب الهوية الانفصامي ينجم عن مجموعة من العوامل، التي قد تشمل الصدمة التي يعاني منها الشخص المصاب بهذا الاضطراب.
يُعتقد كذلك أن الجانب الانفصامي هو آلية للتأقلم – إذ يقوم الشخص حرفياً بإغلاق أو فصل نفسه عن موقف أو تجربة عنيفة أو مؤلمة للغاية، وابتكار شخصية جديدة كلياً لكي تتعامل مع الواقع بصورة أفضل من وجهة نظره.
الأكثر عُرضةً للإصابة باضطراب الشخصية الانفصامي؟
تشير الأبحاث إلى أن سبب اضطراب الشخصية الانفصامي هو على الأرجح استجابة نفسية للضغوط الشخصية والبيئية من حول الشخص، خاصة خلال سنوات الطفولة المبكرة، عندما يتدخل الإهمال العاطفي أو سوء المعاملة مع تطور الشخصية وبناء الهوية.
ويعاني ما يصل إلى 99% من الأفراد الذين يصابون باضطراب الهوية الانفصالية من تاريخ التعرُّض للاضطرابات النفسية أو الصدمات المتكررة، والحالات القهرية مثل الوساوِس، والتي قد تهدد الحياة في مرحلة نمو حساسة من مراحل الطفولة.
وبحسب موقع WebMD للصحة والطب قد يحدث الانفصال أيضاً عندما يكون هناك إهمال مستمر أو اعتداء عاطفي على الشخص خلال مراحل حياته المختلفة، وخاصة في فترات الطفولة، وحتى عندما لا يكون هناك اعتداء جسدي أو جنسي صريح.
علامات وأعراض اضطراب الهوية الانفصالية
الشخص المصاب باضطراب الشخصية الانفصالية، أو الاضطراب الفصامي، لديه هويتان أو أكثر، كل منهما فريدة ومستقلة تماماً.
وتكون الهوية "الأساسية" هي شخصية الشخص المعتادة لصاحب الجسم الفعلي. وفي بعض الأشخاص المصابين باضطراب الشخصية الانفصامي قد يصابون إلى نحو 100 تغيير خلال حياتهم ومعاناتهم من الاضطراب العقلي.
تميل التغييرات إلى أن تكون مختلفة جداً عن بعضها البعض. قد تختلف الهويات من ناحية الأجناس والأعراق والاهتمامات وطرق التفاعل مع بيئاتهم والمعارف والشخصيات في محيطهم، وقد تبدأ في السيطرة والتحكُّم في الشخص لمدد تتراوح من دقائق إلى أيام متواصلة حسب الحالة.
يمكن أن تشمل العلامات والأعراض الشائعة الأخرى لاضطراب الهوية الانفصالية ما يلي، بحسب موقع Cleveland Clinic للطب:
- القلق.
- الأوهام والهلاوس.
- الاكتئاب.
- الارتباك المزمن.
- تعاطي المخدرات أو الكحول.
- فقدان الذاكرة الجزئي أو الكلي.
- أفكار انتحارية أو الرغبة في إيذاء النفس.
قد تشمل الأعراض الأخرى لاضطراب الهوية الانفصامي الصداع، وعدم السيطرة على الوقت، والنوبات، و"تجارب الخروج من الجسد".
يميل بعض الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات الانفصام إلى العنف والرغبة في الإيذاء، سواء للنفس أو الغير.
على سبيل المثال، قد يجد الشخص المصاب باضطراب الهوية الانفصامي نفسه يفعل أشياء لا يفعلها عادةً، مثل السرعة أو القيادة المتهورة أو سرقة الأموال من صاحب العمل أو الأصدقاء، ومع ذلك يشعر أنه مُجبَر على القيام بذلك.
يصف البعض هذا الشعور وكأنهم منوَّمين مغناطيسياً، ويعتقدون حقاً أنه ليس لديهم خيار حيال تلك الممارسات. ومن المفارقات أن الشخصية الأصلية عادة ما تكون غير مدركة لوجود شخصيات أخرى بداخلها.
يستغرق تشخيص اضطراب الشخصية الفصامي وقتاً طويلاً. ويعد التشخيص الخاطئ أمراً شائعاً أيضاً، إذ يحتاج الأطباء إلى ملاحظة الأعراض التي يعاني منها الشخص وتجاهل الحالات الأخرى.
كيفية التشخيص والعلاج
لإجراء التشخيص بشكل صحيح، يحتاج الأطباء إلى رؤية الشخصيات المختلفة، وكيف تؤثر على الشخص وتتحكم فيه. لذلك يُعتبر الوقت عاملاً مهماً في رؤية الحجم الكامل للأعراض.
وهذا لأن الأشخاص الذين يطلبون المساعدة لاضطراب الشخصية الانفصامي يعانون عادةً من أعراض مرتبطة بحالات الصحة العقلية الأخرى، مثل الاكتئاب الحاد، أو التشوش الذهني، أو فقدان الذاكرة وغير ذلك.
بالإضافة إلى ما سبق، يحتاج الأطباء إلى استبعاد أعراض الحالات الأخرى قبل إجراء التشخيص. على هذا النحو، قد يصفون علاجات أو أدوية لعلاج هذه الحالات أولاً.
وبشكل عام، يشير موقع Psychology Today للصحة النفسية، إلى أنه لا يوجد دواء محدد لاضطراب الشخصية الانفصامي.
وبالتالي، فإن خطط العلاج مجرد تحدث لإدارة الأعراض قدر الممكن وفقاً للحالة، لذا يمكن الجمع بين العلاج النفسي، مع أي أدوية ضرورية للمساعدة في السيطرة على تداعيات المشكلة.
العلاج النفسي
العلاج النفسي، أو العلاج بالكلام، هو العلاج الرئيسي للأشخاص المصابين باضطراب الشخصية الانفصامي. قد تساعد التقنيات المحددة الأخرى في العلاج النفسي، مثل العلاج السلوكي المعرفي، الشخص على التدرُّب وتعلُّم قبول المحفزات التي تسبب تحولات الشخصية.
وفي حالة اضطراب الشخصية الانفصامي، يهدف العلاج النفسي إلى المساعدة في تكامل هوية الشخص وتعلُّم كيفية التعامل مع تجارب ما بعد الصدمة.
وبحسب موقع Medical News Today للصحة والطب، لا توجد علاجات دوائية محددة لاضطراب الهوية الانفصامي، مما يجعل النهج القائم على أساس نفسي هو السبيل الأساسي للعلاج.
كما يُعد علاج الاضطرابات المتزامنة الحدوث، مثل الاكتئاب أو اضطرابات تعاطي المخدرات، أمراً أساسياً للتحسُّن.
ونظراً لأن أعراض الاضطرابات الانفصامية غالباً ما تحدث مع اضطرابات أخرى، مثل القلق والاكتئاب، فإن الأدوية لعلاج تلك المشاكل المتزامنة تُستخدم أحياناً بالإضافة إلى العلاج النفسي.