اختار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في زيارته الرسمية الأخيرة للجزائر التي استمرت ثلاثة أيام، أن ينزل لشوارع مدينة وهران عوض أن يتجول في شوارع العاصمة كما دأبت عليه العادة.
وانتقل الرئيس الفرنسي إلى الباهية وهران، كما يُسميها الجزائريون وتجول في شوارعها والتقى بأُناسها، لكن ما جذب الانتباه هو زيارة ماكرون لواحد من أهم المعالم في المدينة، وهو ديسكو مغرب.
وظهر الرئيس الفرنسي في صورة وسط ديسكو مغرب يحمل في يده شريط كاسيت لفنان الراي الراحل، ابن مدينة وهران شاب حسني، وهي الصورة التي حققت انتشاراً على مواقع التواصل الاجتماعي، وأعادت اسم المكان إلى الواجهة.
ديسكو مغرب.. ثورة الراي في وهران
وسط مدينة وهران، وبالقرب من فندق تمقاد وساحة لباستي، وفي زاوية زقاق من شارع شارع عبد الرحمن جاودي، تقع بناية عتيقة تآكلت واجهتها، وهي مقر ديسكو مغرب شركة الإنتاج التي أطلقت مسيرة أشهر مغني لهذا النوع الموسيقي الذي نشأ في المدينة.
أنتج ديسكو المغرب الذي يملكه المنتج الموسيقي الجزائري بوعلام بن حوى أشهر أغاني الراي لأشهر فنانين انطلقت أسماؤهم في العالم، كالراحل شاب حسني، الذي اغتالتهم أيادي الإرهاب في العشرية السوداء، والشاب خالد، ومامي وزهوانية.
وما زال المكان يحتفظ بمعالم ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، إذ لم يُغير صاحب المكان من ديكوره ولا حتى من الحاجات التي تؤثث الفضاء، فشرائط الكاسيت ما زالت في نسختها الأولى، وحتى آلات التسجيل لم يقم بتجديدها.
"Edition Disco maghreb"، هذه الجملة الفرنسية التي تعني "إنتاج ديسكو مغرب"، يبدأ أشهر فناني الراي أغانيهم، من الشاب مامي، والصحراوي، وفضيلة، والراحل حسني، والشاب خالد.
وسبق لصاحب شركة الإنتاج ديسكو مغرب، أن صرح أن شاب خالد هو الذي أطلق على المكان هذا الاسم في ثمانينيات القرن الماضي، عندما كان يأتي للمقر لتسجيل أغانيه التي اشتهرت في العالم.
كان ديسكو مغرب في بداية الأمر محلاً لبيع أشرطة الكاسيت في "ساحة المغرب" مقابل "البريد المركزي" في وهران، ومن الساحة استمدَّ المحلُّ اسمه لكن خطأً ارتكبه شاب خالد عند تسجيله لإحدى الأغاني أُطلق على المكان اسم "ديسكو مغرب" بشكل رسمي.
ويتكون ديسكو مغرب، الذي يمتلكه بوعلام بن حوى من طابقين، واحد أرضي حيث تباع أشرطة الكاسيت، والآخر تحت أرضي، حيث كانت تُسجل الأغاني، ومكتب صغير في الطابق الأول.
زيارة الرئيس
قبل زيارة الرئيس الفرنسي للجزائر، أطلق مغني راب ومنتج تسجيلات فرنسي، دي جي سنايك، أغنية بعنوان ديسكو مغرب، والتي قال إنه يريد بها "تكريم المتجر الأسطوري الواقع في أحد أزقة مدينة وهران".
وحققت الأغنية 80 مليون مشاهدة على اليوتوب، الأمر الذي ساهم في إعادة التعريف بشركة الإنتاج الجزائرية العتيقة، فبدأ يتوافد عليها العشرات من الشباب من الجزائر لالتقاط صور أمام البناية.
وكتب دي جي سنايك عبر حسابه في تويتر أنه يعتبر "ديسكو مغرب جسراً بين أجيال وأصول مختلفة، تربط شمال إفريقيا والعالم العربي وما وراءهما.. إنها رسالة حب لشعبي".
الأغنية أعادت المجد لديسكو مغرب وساهمت بالتعريف به، الأمر الذي دفع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لأن يقوم بزيارة لهذا المكان الموسيقي التاريخي في الجزائر، ويلتقط صورة مع شريط كاسيت قديم لأسطورة الراي، الراحل شاب حسني.
وبعث ماكرون، رسالة عن طريق "ستوري" على إنستغرام للعالمي دي جي سنايك "dj snak" من داخل محل "ديسكو مغرب" كتب فيها: "أنا في محل تعرفه جيداً، نحن في وهران نحتفل بموسيقى الراي، أمس واليوم وغداً".
وبالإضافة إلى صاحب المحل، بوعلام بن حوى، وجد الرئيس الفرنسي في استقباله داخل ديسكو مغرب الفنانة الجزائرية زهوانية، وهي واحدة من رموز راي في الباهية وهران، والتي سجلت مجموعة من أشهر أغانيها في ديسكو مغرب.
ومع الشهرة التي حققها ديسكو مغرب في الآونة الأخيرة نُفضت عليه غبار السنين، أصبح مكاناً يحج له كل زوار مدينة وهران، خصوصاً خلال فترة الألعاب المتوسطية التي احتضنتها المدينة.
وحج العشرات من الشباب من داخل المدينة ومن خارجها لأخذ صور تذكارية مع بناية ديسكو مغرب.