في دراسة جديدة أجرتها جامعة أكسفورد نشرت عنها صحيفة The Jerusalem Post الإسرائيلية في تقرير لها يوم الثلاثاء 19 يوليو/تموز، قالت إن رجال الساسة حول العالم يميلون دائماً إلى العيش لعمر أطول من أعمار عامة الشعب؛ ما يعكس معه اتساع الفجوة الصحية بين هذه النخب وبين "الأشخاص العاديين".
تقول الدراسة إنه في أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، كان رجال السياسة في غالبية البلاد التي شملتها الدراسة أقرب إلى أن تتساوى معدلات الوفيات الخاصة بهم مع معدلات وفيات عموم السكان.
الساسة يعيشون أعماراً أطول من المواطنين
لكن خلال القرن العشرين، زادت الفروقات في معدلات الوفيات زيادة كبيرة في كل البلاد. يعني هذا أن "ميزة البقاء على قيد الحياة" لدى الساسة، التي يتميزون بها عن عموم السكان، وصلت اليوم إلى أعلى درجاتها على مدى 150 عاماً ماضية.
تأتي هذه النتائج من دراسة جديدة أجرتها جامعة أكسفورد مؤخراً ونشرتها في الدورية الطبية European Journal of Epidemiology. تشكلت آراء الباحثين بعد فحص بيانات أكثر من 57500 رجل سياسة من 11 بلداً، تضمنت أستراليا والنمسا وكندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وهولندا ونيوزيلندا وسويسرا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة.
تباين في الأعمار
توصل الفريق البحثي إلى معلومات لجميع البلاد بين عامي 1945 و2014، لكن التحليل الشامل تضمن ساسة في بعض البلاد التي كان لديها توثيق موسع بين عامي 1816 و2017.
في الوقت الحالي، تتباين فجوات متوسط العمر المتوقع بين ثلاث سنوات في سويسرا وسبع سنوات في الولايات المتحدة. إذ إن أي شخص عادي من عموم الشعب في إيطاليا تزيد احتمالية وفاته خلال السنة القادمة بـ2.2 ضعف، مقارنة بأي سياسي من نفس الفئة العمرية والنوع الاجتماعي. وفي نيوزيلندا، يصل هذا الرقم إلى 1.2 ضعف.
من جانبه، قال الدكتور لورانس روب، مؤلف البحث والباحث الكبير في مركز أبحاث الاقتصاد الصحي بجامعة أكسفورد: "تُبيّن النتائج أن ميزة البقاء على قيد الحياة لدى الساسة في يومنا هذا مرتفعة للغاية، مقارنة بما كان مشهوداً في النصف الأول من القرن العشرين. المثير للاهتمام أن فجوات معدلات الوفيات التي نوثقها في المعتاد بدأت في الارتفاع قبل نصف قرن من الزيادات الموثقة توثيقاً جيداً في تفاوت مستويات الدخل منذ ثمانينيات القرن الماضي".
عوامل تساعد على تفاوت الأعمار
الدراسة تقول إن ثمة عدداً من العوامل الجلية التي تعمل على التفاوت في الأعمار، على سبيل المثال، ارتفعت معدلات التدخين في النصف الأول من القرن العشرين بين أبناء الطبقات العليا. غير أن هذه المعدلات أخذت في التراجع منذ خمسينيات القرن الماضي. وتشير الدراسة إلى أن معدلات التدخين ربما تراجعت بين الساسة أسرع من تراجعها بين عموم الشعب، وهو ما يقدم تفسيراً جزئياً لفجوات متوسط العمر المتوقع التي اتسعت في العديد من البلاد بعد عام 1950.
بدلاً من ذلك، ربما هناك علاقة لهذا التفاوت بصحة القلب. إذ إن الساسة أقرب إلى أن يصابوا بأمراض القلب والأوعية الدموية من الأشخاص الآخرين، لكن هذه الحالات المرضية صارت تعالج بسهولة منذ أن صارت الأدوية الخافضة للضغط متاحة على نطاق واسع في ستينيات القرن الماضي.
كذلك، ثمة عنصر آخر، ولعله الأوضح من بين جميع العناصر، ويتمثل في الثروة والتفاوت الاقتصادي. يجني الساسة أموالاً أكثر بكثير من السكان العاديين، وهو ما يجلب معه مزايا واضحة إلى الصحة وطول العمر. لكن الباحثين يجادلون قائلين إن هذا العنصر ليس قوياً مثلما قد يبدو، نظراً إلى أن انعدام المساواة بدأ في ثمانينيات القرن الماضي، لكن التفاوت في متوسط العمر المتوقع بدأ في الاتساع قبل عقود من هذا التاريخ.