تنكرت بهيئة جزيرة صغيرة.. قصة السفينة الهولندية التي تم تمويهها بحيلة عبقرية الحرب العالمية الثانية

عربي بوست
تم النشر: 2022/07/17 الساعة 15:46 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/07/17 الساعة 15:53 بتوقيت غرينتش
لطالما تم استخدام التمويه للسفن والمركبات البحرية الأخرى على نطاق واسع خلال كل من الحربين العالميتين الأولى والثانية - Social Media

لطالما تم استخدام التمويه للسفن والمركبات البحرية الأخرى على نطاق واسع خلال كل من الحربين العالميتين الأولى والثانية.

لكن طاقم سفينة هولندية واحدة، وهي كاسحة الألغام التابعة للبحرية الملكية الهولندية باسم (HNLMS Abraham Crijnssen)، أو "كريغنسن" اختصاراً، أخذ مفهوم التمويه البحري إلى مستوى آخر، ولعب بمهارة عالية لإخفاء نفسه عن أنظار العدو.

كانت الأحداث التي وقعت قبل قصة تمويه سفينة
كانت الأحداث التي وقعت قبل قصة تمويه سفينة "كريغنسن" هي معركة بحر جاوة – Social Media

بداية المعركة

كانت الأحداث التي وقعت قبل قصة تمويه سفينة "كريغنسن" الجريئة للتهرب هي معركة بحر جاوة، التي وقعت في 27 فبراير/شباط عام 1942، خلال السنوات الأولى للحرب العالمية الثانية.

في هذه المعركة البحرية، عانى أسطول دول الحلفاء من هزيمة ساحقة على يد البحرية الإمبراطورية اليابانية. وبعد الهزيمة، نجت 4 سفن هولندية فقط في بحر جاوة، وفي الأيام التي أعقبت المواجهة البحرية الأولية، أغرقت البحرية الإمبراطورية اليابانية ثلاثاً منها.

كانت آخر سفينة متبقية هي كاسحة ألغام من طراز Jan Van Amstel، بطول 184 قدماً، وتزن 525 طناً.

كانت "كريغنسن"، وهي سفينة بطيئة الحركة، إلى حد كبير بمثابة "كبش فداء" لأي طائرة يابانية أو سفن بحرية قد تكتشفها، كما لن يكون بمقدورها خوض الكثير من القتال إذا دخلت في معركة بسبب تسليحها الخفيف.

خطة مجنونة هي السبيل الوحيد للنجاة

كانت فرصة كاسحة الألغام الوحيدة للبقاء في المنطقة التي يسيطر عليها اليابانيون هي الهروب بأسرع ما يمكن إلى أستراليا والبقاء هناك، بحسب موقع Business Insider.

ومع ذلك، كانت المشكلة بالطبع، أنه لا توجد طريقة يمكن لسفينة ضخمة وبطيئة مثل هذه أن تتفوق على أي سفينة بحرية يابانية إذا ما صادفتها.

كان الخيار الوحيد للنجاة هو تسلل السفينة بطريقة ما عبر المياه اليابانية، دون أن يتم رصدها. ومن أجل القيام بذلك، توصل طاقم كاسحة الألغام إلى واحدة من أكثر خطط التمويه جنوناً، وهي: أن تصبح السفينة جزيرة في البحر!

كان الخوف الأكبر هو أن يتم رصد السفينة من خلال الجو - ShutterStock
كان الخوف الأكبر هو أن يتم رصد السفينة من خلال الجو – ShutterStock

خطة التمويه في شكل جزيرة!

تنتشر في بحر جاوة حول ماليزيا وإندونيسيا أكثر من 18.000 جزيرة بأحجام ومساحات متباينة، بداية من الجزر الضخمة مثل بورنيو، وصولاً إلى الجزر الصغيرة التي بالكاد تُرى كقطعة أرض، وعليها حفنة من الأشجار.

وبينما لم تكن سفينة "كريغنسن" سفينة كبيرة أو شاسعة من حيث المساحة، كانت كاسحة الألغام كبيرة بما يكفي لتبدو كجزيرة صغيرة.

لتحقيق الإنجاز الذي يبدو مستحيلاً، في تحويل السفينة إلى قطعة جغرافية في عرض البحر، توقف أعضاء الطاقم البالغ عددهم 45 في أقرب جزيرة منهم، وبدأوا على الفور في قطع أكبر قدر ممكن من الغطاء النباتي.

كان التهديد الرئيسي هو أن يتم رصدهم من الجو بالطائرات اليابانية، ولتمويه أنفسهم بشكل فعال كانوا بحاجة إلى تغطية كامل سطح السفينة بأوراق وأغصان الشجر.

الطائرات لم تتمكن من تمييز السفينة من تلك المسافات البعيدة -ShutterStock
الطائرات لم تتمكن من تمييز السفينة من تلك المسافات البعيدة -ShutterStock

كساء باللون الأخضر وصولاً إلى بر الأمان

بجهد كبير تمكن الطاقم من ذلك، إذ قاموا بتغطية كاسحة الألغام بشكل كامل بالنباتات، ورتبوها بطريقة مقنعة بقدر الإمكان لتقليد شكل الغابة.

تم طلاء أي معدن مكشوف بدرجات اللون الرمادي لتقليد التكوينات الصخرية. وبمجرد الانتهاء من العمل، أصبحت Crijnssen تشبه الجزيرة بشكل مقنع تماماً – على الأقل من مسافة بعيدة على أي حال.

وبمجرد حلول الظلام، انطلقت "كريغنسن" وشقت طريقها ببطء نحو أستراليا، وبالفعل خرجت من المنطقة المعادية لبحر جاوة. بعد رحلة استمرت ثمانية أيام مُقلقة، وصلت أخيراً إلى المياه الأسترالية الآمنة.

وعلى الرغم من كل الصعاب، كانت الخطة المجنونة لتحويل كاسحة الألغام إلى جزيرة استوائية ناجحة بامتياز.

وبهذه الخطة الجريئة، أصبحت سفينة "كريغنسن" هي السفينة الهولندية الوحيدة من فئتها التي هربت من بحر جاوة خلال الحرب العالمية الثانية.

وكانت بذلك هي آخر سفينة بحرية تابعة للحلفاء تهرب من المنطقة، التي أصبحت بعد ذلك تحت السيطرة اليابانية بالكامل.

تحميل المزيد