في حالة صحية خطيرة قد تبدأ بَعَرض مزاجي لا يتجاوز الانفعال الشديد، يُعد مرض هنتنغتون (HD) اضطراباً وراثياً قاتلاً يتسبب في تحلل الخلايا العصبية في الدماغ.
يؤدي هذا إلى إضعاف القدرات الجسدية والعقلية بشكل تدريجي، ويزداد الوضع الصحي سوءاً بمرور الوقت. ومع خطورة هذا المرض النادر إلا أنه لا يزال لا يوجد له علاج.
ما هو مرض هنتنغتون؟
مرض هنتنغتون هو حالة وراثية تتحلل فيها الخلايا العصبية في الدماغ تدريجياً. يؤثر هذا على الحركة الجسدية والعواطف والقدرات المعرفية.
وبالرغم من أنه لا يوجد علاج نهائي للحالة، ولكن هناك طرق للتعامل مع هذا المرض وأعراضه وإدارتها قدر الممكن.
وبحسب موقع Medical News Today، يُعد مرض هنتنغتون أكثر شيوعاً بين الأشخاص من أصول أوروبية، حيث يصيب ما بين 3 إلى 7 من كل 100.000 شخص من أصل أوروبي.
يمكن أن تظهر أعراض مرض هنتنغتون في أي مرحلة عمرية، لكنها غالباً ما تظهر لأول مرة عندما يكون المصاب في الثلاثينيات أو الأربعينيات من عمره.
عندما يتطور مرض هنتنغتون مبكراً، تختلف الأعراض إلى حد ما وقد يتطور المرض بشكل أسرع مفضياً إلى الموت.
عادة ما تتوفر الأدوية للمساعدة في إدارة أعراض مرض هنتنغتون. لكن لا يمكن للعلاجات أن تمنع التدهور الجسدي والعقلي والسلوكي للمصاب، ويكون الأمر مجرد مسألة وقت في السيطرة على تداعيات الحالة.
أعراض مرض هنتنغتون
عادة ما يسبب مرض هنتنغتون اضطرابات حركية وإدراكية ونفسية مع مجموعة واسعة من العلامات والأعراض الأخرى.
تختلف الأعراض التي تظهر في المرحلة الأولى بشكل كبير من شخص لآخر. تظهر بعض الأعراض أكثر هيمنة أو يكون لها تأثير أكبر على القدرة الوظيفية، ولكن يمكن أن يتغير ذلك طوال فترة المرض.
1- اضطرابات الحركة
يوضح موقع WebMD الطبي أنه يمكن أن تشمل اضطرابات الحركة المرتبطة بمرض هنتنغتون مشاكل الحركة اللاإرادية وإعاقات الحركات الإرادية، مثل:
- حركات اهتزازية أو ملتوية لا إرادية بالجسم.
- مشاكل العضلات، مثل التصلب أو تقلص العضلات (خلل التوتر العضلي).
- حركات العين البطيئة أو غير العادية والمتذبذبة.
- خلل في المشي والوضعية والتوازن والوقوف.
- صعوبة في الكلام أو البلع والسكوت التام.
قد يكون لضعف الحركات الإرادية أحياناً تأثير أكبر على قدرة الشخص على العمل وأداء الأنشطة اليومية والتواصل والبقاء مستقلاً.
2- الاضطرابات المعرفية
تشمل الإعاقات المعرفية المرتبطة غالباً بمرض هنتنغتون ما يلي:
- صعوبة تنظيم المهام وتحديد الأولويات أو التركيز عليها.
- نقص المرونة أو الميل إلى التعلق بفكر أو سلوك أو فعل بصورة هوسيَّة.
- عدم القدرة على التحكم في الانفعالات التي يمكن أن تؤدي إلى نوبات غضب، والتصرف دون تفكير.
- قلة الوعي بسلوكيات الفرد وقدراته ومساحات الآخرين.
- بطء معالجة الأفكار أو "إيجاد" الكلمات المناسبة للتعبير.
- صعوبة تعلُّم المعلومات الجديدة.
3- الاضطرابات النفسية
الاضطراب النفسي الأكثر شيوعاً المرتبط بمرض هنتنغتون هو الاكتئاب. هذا ليس مجرد رد فعل لتلقي تشخيص الشخص بمرض هنتنغتون.
وبدلاً من ذلك، يبدو أن الاكتئاب يحدث بسبب إصابة الدماغ بهذا النوع من التلف، علاوة على التغيرات اللاحقة في وظائف المخ. وقد تشمل العلامات والأعراض ما يلي بحسب موقع Mayo Clinic الطبي:
- الشعور بالتهيج أو الحزن أو اللامبالاة والبرود.
- الانسحاب الاجتماعي والانطواء.
- الأرق وصعوبة النوم.
- التعب وفقدان الطاقة.
- أفكار متكررة عن الموت أو الانتحار.
وتشمل الاضطرابات النفسية الشائعة الأخرى:
- اضطراب الوسواس القهري، وهي حالة تتميز بالأفكار المتكررة والمتطفلة والسلوكيات المتكررة بشكل فاقد للسيطرة.
- الهوس، الذي يمكن أن يسبب مزاجاً مرتفعاً وحاداً، ونشاطاً زائداً، وسلوكاً اندفاعياً، وتضخماً في تقدير الذات.
- الاضطراب ثنائي القطب، وهي حالة تتناوب فيها نوبات الاكتئاب والهوس مع الشعور اليوفوريا الشديد، يليه تدنٍّ حاد في المشاعر.
بالإضافة إلى الاضطرابات المذكورة أعلاه، يعد فقدان الوزن أمراً شائعاً لدى الأشخاص المصابين بداء هنتنغتون، خاصةً مع تقدم المرض.
ما الذي يسبب مرض هنتنغتون؟
يتسبب خلل في جين واحد في الدماغ في حدوث مرض هنتنغتون، وهذا يعني أن نسخة واحدة من الجين غير الطبيعي كافية لإحداث المرض في الجسم بالكامل.
وبحسب موقع Healthline للصحة والطب، إذا كان أحد والديك مصاباً بهذا العيب الجيني، فستكون لديك فرصة بنسبة 50% لوراثة هذا العيب. يمكنك أيضاً نقله إلى أطفالك.
وتختلف الطفرة الجينية المسؤولة عن مرض هنتنغتون عن العديد من الطفرات الأخرى. لا يوجد بديل أو قسم مفقود في الجين. بدلاً من ذلك، فإن هناك "خطأ في النسخ".
إذ يتم نسخ منطقة داخل الجين عدة مرات. ويميل عدد النسخ المكررة إلى الزيادة مع كل جيل.
وبشكل عام، تظهر أعراض داء هنتنغتون مبكراً عند الأشخاص الذين لديهم عدد أكبر من التكرارات من هذا العيب أو "العُطل" الجيني، وغالباً ما يكون العَرَض الأولي هو اضطرابات مزاجية حادة تتفاقم مع الوقت وتصاحبها الأعراض الأخرى تدريجياً وفقاً لكل حالة.
ما هي علاجات مرض هنتنغتون؟
1- الأدوية
يمكن أن توفر الأدوية الراحة من بعض الأعراض الجسدية والنفسية المترتبة على الإصابة بالمرض، وتتغير أنواع وكميات الأدوية المطلوبة مع تقدم الحالة.
يمكن علاج الحركات اللاإرادية باستخدام التيترابينازين والأدوية المضادة للذهان. كما يمكن علاج تصلب العضلات وانقباضات العضلات اللاإرادية بعقاقير الديازيبام.
يمكن علاج الاكتئاب والأعراض النفسية الأخرى بمضادات الاكتئاب وأدوية استقرار الحالة المزاجية.
2- العلاج النفسي
وفيه يتم علاج المصاب بأدوية مضادة للاكتئاب مع التخفيف من حدة اضطرابات القلق والتوتر المصاحب للحالة، والقدرة على التعامل مع المرض نفسياً.
يمكن أن يساعد العلاج النفسي كذلك في التعامل مع المشكلات العاطفية والعقلية للحالة. يمكن أن يساعد أيضاً في تطوير مهارات التأقلم.
3- العلاج الطبيعي
يمكن أن يساعد العلاج الطبيعي في تحسين التنسيق والتوازن والمرونة. مع هذا التدريب الدوري، تتحسن قدرة المصاب على الحركة وتقل نسبة تعرضه للحوادث وفقدان السيطرة على جسده.
ما هي النظرة طويلة المدى لمرض هنتنغتون؟
لا توجد طريقة لمنع هذا المرض من التقدم. وعادة ما يختلف معدل التقدم لكل شخص ويعتمد على عدد التكرارات الجينية الموجودة في الجسم.
لكن غالباً ما يعني الرقم الأقل أن المرض يتطور بشكل أبطأ.
وبشكل عام، يعيش الأشخاص المصابون بداء هنتنغتون لمدة تتراوح بين 15 إلى 20 عاماً بعد أن تبدأ الأعراض في الظهور لأول مرة.