تدفع قوّة الاحتكاك الأشياء العادية مثل السيارات للحركة على الطريق، فعندما تتولد قوة الاحتكاك بين العجلات والطريق يصبح بإمكان المحرك أن يدفع السيارة للأمام، ولكنّ تلك القاعدة لا تنطبق على الصواريخ التي تحوم في الفضاء بدون أي قوة احتكاك، وبالتالي فإنّ السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: كيف تعمل الصواريخ في الفضاء بدون هواء؟
كيف تعمل الصواريخ في الفضاء بدون هواء؟
وفقاً لما ذكره موقع Live Science الأمريكي، فإن المحركات التي تحرك الصواريخ تختلف عن محركات الطائرات أو أي معدات أرضية أخرى، إذ تحمل محركات الصواريخ كل ما تحتاج إليه في الفضاء، بدلاً من الاعتماد على الهواء المحيط.
مثل المحركات الأرضية، تعمل محركات الصواريخ باستخدام الاحتراق، ولأن كل أشكال الاحتراق تحتاج إلى الأوكسجين، لذا تحمل الصواريخ مؤكسداً مثل الأوكسجين السائل معها في الفضاء، وهذا يعني أنها لا تضطر للاعتماد على الهواء المحيط كما تفعل محركات السيارات.
ما علاقة قانون نيوتن الثالث للحركة؟
كاساندرا ماريون، المستشارة العلمية لمتحف كندا للطيران والفضاء في أوتاوا، تقول: "تظل الصواريخ تحتوي على وقود، سواء كان الكيروسين أو الميثان أو الهيدروجين السائل، لحدوث التفاعل".
وتوضح أن تصميم الصاروخ يتضمن غرفة احتراق، حيث يتفاعل فيها المؤكسد مع الوقود، ثم فوهة تخرج منها نواتج الاحتراق.
وتتابع: "الانفجار الناتج عن الاحتراق سينتج غازات ساخنة للغاية، تخرج من قاعدة الصاروخ، إذا دفعت بقوة كافية من قاعدة الصاروخ، فسيؤدي رد الفعل إلى حركة الصاروخ في الاتجاه المقابل".
في ذلك إشارة واضحة إلى قانون الحركة الثالث لإسحاق نيوتن، والذي نصوغه كثيراً بعبارة: "لكل فعل رد فعل مساوٍ له في المقدار ومضاد له في الاتجاه".
وتذكر إحدى الترجمات الإنجليزية القديمة للقانون الذي صاغه نيوتن باللغة اللاتينية ونُشر عام 1766 في كتاب الأصول الرياضية للفلسفة الطبيعية (The Mathematical Principles of Natural Philosophy): "لكل فعل دائماً رد فعل مساوٍ: أو دائماً ما تكون الأفعال المتبادلة بين جسمين على بعضهما البعض متساوية، وموجهة لأجزاء معاكسة".
بعبارة أخرى، فإن الصاروخ يتحرك بدفع الغاز الذي يخرج من محركاته اعتماداً على قانون الحركة الثالث لنيوتن، وفقاً لصحيفة The Guardian البريطانية.
لكن في أحيان أخرى تكون القوى متوازنة، مثل وضع كتاب على المكتب أو انتظار الصاروخ على منصة الإطلاق.
في حين تقول الموسوعة البريطانية: "وفقاً لقانون نيوتن الثالث، تضغط الطاولة على الكتاب بمقدار مساوٍ من القوة في اتجاه معاكس، تحدث هذه القوة لأن وزن الكتاب يتسبب في تشوه طفيف بالطاولة، لذا تضغط الطاولة على الكتاب في الاتجاه المعاكس على طريقة الزنبرك".
ينبغي أن تضع قواعد الحركة في حسبانها أيضاً الميكانيكا المدارية؛ يكون لكل ارتفاع محتمل حول الكواكب الكبيرة، مثل الأرض، سرعة معينة مرتبطة به.
كما توضح وكالة ناسا فإن أعلى نقطة في المدار هي القبا، وأقل نقطة هي الأوج، لا يمكن للصواريخ زيادة القبا إلا بتشغيل محركاتها (أو زيادة طاقتها) أثناء وجودها في الأوج، أو إذا أرادت الصواريخ خفض ارتفاعها، فستحتاج إلى خفض الطاقة في القبا.
هل يمكن أن تسقط الصواريخ، وما دور قانون نيوتن الثاني؟
الجواب هو: نعم، إذ يعمل الغلاف الجوي لكوكب الأرض على إعاقة المركبات الفضائية والمحطة الفضائية الدولية، ويجبرها على تشغيل محركات الصواريخ دورياً؛ لمنع سقوطها وعودتها إلى الأرض.
لذا، ينبغي أن تحمل كل البعثات الفضائية في أعلى المدارات ما يكفي من الوقود لمنع "السقوط والعودة".
وتوجد قياسات دقيقة جداً لمقدار الوقود الذي ينبغي وضعه في الصاروخ، تعتمد على حجم الصاروخ ونوع الوقود وكتلة كل ما يوضع في الصاروخ.
ينبغي أن يضع المصممون في حسبانهم أيضاً قانون الحركة الثاني لنيوتن، والذي ينص على: "إذا أثرت قوة على جسم ما فإنها تكسبه تسارعاً يتناسب عكسياً مع كتلته".
قبل إرسال مركبة فضائية إلى المدار، يجري المصممون حساباتهم لتحديد قوة الدفع المطلوبة للصاروخ.
وتوضح وكالة ناسا أن تلك الحسابات تقيس مدى كفاءة وقود الصاروخ من حيث كمية الدفع النفاث الناتجة عن كل كمية من الوقود المحترق، أي "كلما زادت قوة الدفع، تحصل على قوة انطلاق أكبر لكل لتر من الوقود".
كما أن إضافة مزيد من الوقود إلى الصاروخ لا تعتبر حلاً مناسباً دائماً للتعامل مع المشكلات المدارية، وهذا لأن زيادة الوقود تعني زيادة الكتلة، مما يعني زيادة تكلفة البعثة الفضائية، لأنها ستحتاج إلى طاقة أكبر لدفع المركبة الفضائية وإقلاع الصاروخ.
ما الوقود المستخدم في صواريخ الفضاء؟
غالباً ما تستخدم وكالة ناسا الهيدروجين السائل والأوكسجين السائل، لأن هذا الخليط يوفر أعلى قوة دفع لأي وقود صاروخي شائع الاستخدام.
لكن الهيدروجين منخفض الكثافة ومن غير العملي استخدام المادة الدافعة وحدها، إذ سيكون الخزان كبيراً جداً وثقيلاً جداً وبه كثير من العزل لحماية المادة الدافعة المبردة حتى تصبح قابلة للاستخدام.
لهذا السبب تحتاج العديد من عمليات إطلاق الصواريخ إلى معزز صاروخي.
ومن أبرز الأمثلة نظام الإطلاق الفضائي بوكالة ناسا، وهو صاروخ مصمم لبعثات الذهاب إلى القمر، ويستخدم اثنين من المعززات الصاروخية التي تقدم 75% من قوة الدفع اللازمة للإقلاع حتى ينطلق نظام الإطلاق الفضائي مبتعداً عن الأرض.
أما في الوجهات الأبعد، فتصبح الوكالات الفضائية أكثر إبداعاً، لتوفير المال عند استهداف الذهاب إلى الكواكب الأبعد مثل المشترى، تدور المركبة الفضائية حول كوكب (مثل الزهرة) وتستخدم جاذبيته لزيادة سرعتها.
يقلص ذلك من الوقت المطلوب للوصول إلى الوجهات الأخرى، ويتطلب أيضاً صواريخ بكمية من الوقود أقل مما هو مطلوب للذهاب بعيداً.