في تشرين الثاني/نوفمبر عام 2011، نشرت نانسي كرامبتون بروفي، التي تصف نفسها بأنها "كاتبة التشويق الرومانسي"، مدونة قصيرة بعنوان "كيف تقتلين زوجك"، اعترفت فيها بقضاء "الكثير من الوقت في التفكير في القتل، وبالتالي إجراءات الشرطة التي تتبعها لكشف القضية".
وبعد 7 سنوات عام 2018، تم العثور على زوجها الحقيقي دان بروفي ميتًا على أرضية معهد الطهي حيث كان يعمل. وتوصل المحققون إلى أنه قد تلقى رصاصتين في ظهره؛ اخترقت الرصاصة الأولى عموده الفقري وأصابته بالشلل، ثم اخترقت الرصاصة الثانية قلبه.
لم تكن المدونة الشيء الوحيد الذي كتبته نانسي عن جرائم القتل بين الشركاء والأزواج؛ فلها كتب كثيرة مشابهة.
ورغم أن قرار المحكمة قد صدر بإدانتها بتاريخ 26 أيار/مايو عام 2022، إلا أن نانسي لم تعترف بجريمتها.
"الخنق أو السم أو التقطيع بالسكاكين أو حتى عبر قاتل مأجور".. تختلف الطريقة باختلاف سبب القتل والحافز
استهلت نانسي مقدمة مدونتها "كيف تقتلين زوجك" قائلة: "بالتأكيد لا أريد أن أمضي أي وقت في السجن. واسمحوا لي أن أقول بوضوح، أنا لا أحب البدلات، والبرتقالي ليس لوني المفضل".
ثم شرحت الحوافز المختلفة التي قد تدفع المرأة لقتل زوجها، وأولها كان الصعوبات المالية، ثم الخيانة والكذب والوقوع في حب امرأة أخرى والتعنيف.
وتقترح في كل دافع للقتل طريقة لإخفاء الجريمة وتمويهها، مثل قتل الزوج في رحلة بحرية وإلقائه في البحر، ومن ثم الادعاء بأنه اختفى، أو حتى حرق المنزل والزوج بداخله، ثم الادعاء بأنه حادث.
تتابع نانسي مدونتها وتنتقل للقسم الأكثر رعباً؛ طرق القتل، وتقترح فيه مجموعة من الخيارات التي تعتمد على قوة المرأة والطريقة التي تفضلها.
من بين الاقتراحات المذكورة في المدونة، القتل باستخدام السلاح، وتوضح أنها طريقة قد تسبب الفوضى وصاخبة وتتطلب أن يكون لدى المرأة خبرة.
ثم تقترح استخدام السكاكين أو الخنق إن كانت المرأة لديها بنية قوية. وفي حال لم يكن هناك أي سلاح فتقترح استخدام أي قطعة موجودة في المنزل مثل عصا.
وبالتأكيد لم تنس نانسي اقتراح السم، وأكدت على استخدام السموم التي لا يمكن تعقبها واكتشافها. لكنها تحذر من استخدام قاتل مأجور؛ لأنه قد يبتز المرأة ويهدد بفضح أمرها.
تنهي نانسي مقالتها بأنها تفضل أن تتمنى أن يموت شخص ما على أن تقتله. ولكنها تشير إلى أن رغبة القتل موجودة في داخل كل منا باختلاف الأسباب والدوافع. وتضيف أن أي شخص قد يرتكب هذه الجريمة إذا تعرض لضغط كبير يفوق قدرته.
كتبها كانت تصور الخيانة والقتل دائماً
بالإضافة إلى المدونة، كانت كتب نانسي عبارة عن حكايات عن محاولات القتل والشهوة والجريمة والخيانة الزوجية، وكلها موضوعات شائعة في روايات التشويق الرومانسية.
وحملت كتبها دائماً أسماءً متشابهة؛ مثل "الزوج الخطأ"، و"الأخ الخطأ"، و"العشيق الخطأ"، و"البطل الخطأ".
ووفقاً لموقع CNN، فقد كتبت على موقعها على الإنترنت: "قصصي عن الرجال الجميلين والنساء الأقوياء، وعن العائلات التي لا تنجح دائمًا، وعن متعة العثور على الحب وصعوبة بقائه".
وبحسب المحللين؛ فمن المحتمل أن مقتل زوجها كان حبكة من أحد كتبها، أو فكرة في كتاب قادم. ولكن كان ذلك مفاجئاً بالنسبة لامرأة صورت الحياة مع زوجها لما يقرب من عقدين من الزمن على أنها جيدة.
فقد عاش الزوجان في إحدى ضواحي بورتلاند الهادئة، حيث قاموا بتربية الديوك الرومية والدجاج، وكان لديهم حديقة خضراوات، وكان يحب إعداد وجبات فخمة لها.
ثم جاء صباح 2 يونيو/حزيران 2018، عندما أطلق أحدهم النار على دانيال بروفي في مطبخ معهد أوريغون للطهي. وقد تم العثور على محفظة بروفي بداخلها النقود وبطاقات الائتمان، ولم تكن هناك علامات على السرقة أو الدخول القسري.
ظل القتل لغزاً لعدة أشهر حتى تم اعتقال نانسي في سبتمبر/أيلول 2018، وانهارت صورة الزواج السعيد للزوجين.
المال قد يكون دافعها لقتله
يزعم المدعون في وثائق المحكمة أن عائلة بروفي كانت تواجه صعوبات مالية، وأنهما استنفدا حساب التقاعد الخاص بهما قبل عامين من وقوع الجريمة. وأضافوا أن نانسي قتلت زوجها لجمع أكثر من 1.5 مليون دولار من بوالص تأمين متعددة على الحياة وأصول أخرى، كما أشار موقع The Guardian.
وقال ممثلو الادعاء في وثائق المحكمة: "دان بروفي كان راضياً عن أسلوب حياته البسيط، لكن نانسي بروفي أرادت المزيد". "ونظراً لأن نانسي بروفي أصبحت أكثر يأساً من الناحية المالية، وتعثرت حياتها المهنية في الكتابة، لم يتبق لها سوى القليل من الخيارات".
عند وفاة بروفي، كان بمفرده في المدرسة. كما أن المدرسة لم تكن بها كاميرات أمنية، لكن كاميرات المرور القريبة أظهرت سيارة نانسي بالقرب من المعهد وقت إطلاق النار.
كما اكتشف المحققون أن نانسي قد استخدمت محرك البحث جوجل للحصول على معلومات عن "السلاح الشبح". وهي أسلحة نارية غير مسجلة ولا يمكن تعقبها.
وعثروا أيضاً على غلافين لطلقتين عيار 9 ملم في مكان الحادث. كما أن نانسي اشترت مجموعة أدوات تجميع "أسلحة الأشباح"، والتي وجدها المحققون لاحقاً في أحد مرافق التخزين، وفقاً لموقع Elle.
لكن على عكس المتوقع، لم يوافق قاضي المحاكمة على استخدام المقال الذي كتبته نانسي في المدونة بعنوان "كيف تقتلين زوجك"، على استخدامه دليلاً؛ لأنه كتب قبل سنوات كجزء من ندوة للكتابة، وتوجد فترة طويلة بينه وبين تاريخ الجريمة.
اشترت السلاح من أجل الكتابة، ووجودها حول موقع الجريمة وفي التوقيت نفسه كان "صدفة"
رفضت نانسي البالغة من العمر 71 عاماً، التهم الموجهة ضدها، قائلة إنها كانت أفضل حالاً من الناحية المالية لو كان زوجها على قيد الحياة.
وشهدت أيضًا بأنها لا تستطيع تذكر كل التفاصيل من صباح اليوم الذي قُتل فيه زوجها، وأن رؤية سيارتها بالقرب من مدرسة الطهي في ذلك الصباح كانت مجرد مصادفة.
أما عن سبب شرائها لسلاح ومجموعة أدوات الأشباح، قالت إنه جزء من بحثها لكتاب جديد.
وقالت: "ما يمكنني قوله هو أنه كان من أجل الكتابة. لم يكن كما تعتقدون من أجل قتل زوجي".
كما أن محامية الدفاع، ليزا ماكسفيلد، جادلت بأن نانسي كرامبتون بروفي أحبت زوجها، وليس لها علاقة بالقتل. وأن الزوجين قاما بالعديد من الإجازات الرومانسية في الأشهر التي سبقت وفاة بروفي، وكانا يخططان لرحلة صيفية قريبة.
لكن هيئة المحلفين لم تقتنع، وأصدرت حكماً بحق نانسي بالسجن لمدة 25 عاماً على الأقل، بدءاً من تاريخ 13 يونيو/حزيران.