على الرغم من خطورتها وصعوبة التعامل معها، فإن تشنجات الأطفال حالة صحية شائعة نسبياً وتحدث لعدة أسباب صحية أساسية خلال السنوات الأولى من عمر الطفل.
ويمكن أن تحدث النوبات عند الأطفال في البداية دون سبب محدد، ولكن بمرور الوقت تبدأ الأعراض الأكثر وضوحاً للحالات الصحية الكامنة في الظهور، وحينها يتمكن الطبيب المتخصص من معرفة المشكلة وتحديدها.
ويُعد التعرف على مسببات تشنجات الأطفال خطوة مهمة في فهم كيفية تقليل فرصة تعرض طفلك لها، وكيف بإمكانك حمايته منها، وأيضاً ما هي خطوات التصرف الأصوب في التعامل مع الطفل الذي يعاني من نوبة تشنجات مفاجئة.
بطبيعة الحال، لا تكون كل المثيرات للنوبة عند الطفل واضحة، وقد تكون لنوبات طفلك عدة محفزات في آنٍ واحد تؤدي لإصابته بالتشنجات.
ما هي تشنجات الأطفال وأسبابها؟
التشنجات هي نوبات تصيب الطفل بسبب حالة دماغية محددة تؤدي إلى حدوث صرع. وهي أحد أكثر اضطرابات الجهاز العصبي شيوعاً، إذ تصيب الأطفال والبالغين من جميع الأعراق والأعمار.
ويتكون الدماغ من خلايا عصبية يتواصل بعضها مع بعض من خلال النشاط الكهربائي. وتحدث النوبة عندما يكون لجزء أو أكثر من أجزاء الدماغ موجة من الإشارات الكهربائية غير الطبيعية التي تقطع إشارات الدماغ الطبيعية الأخرى.
أي شيء يقطع الاتصالات الطبيعية بين الخلايا العصبية في الدماغ يمكن أن يسبب نوبة، وهذا يشمل ارتفاع درجة حرارة الجسم، وارتفاع أو انخفاض نسبة السكر في الدم، وارتجاج المخ. كما يمكن للبالغين أن يعانوا النوبات نتيجة أعراض انسحاب المخدرات أو الكحول من الجسم.
ولكن عندما يُصاب الطفل بنوبتين أو أكثر بدون سبب معروف، يتم تشخيص الحالة بالكامل على أنها إصابة بالصرع.
أنواع التشنجات الشائعة
هناك أنواع مختلفة من النوبات التي قد تصيب طفلك. ويعتمد نوع النوبة على الجزء المصاب وحجمه من الدماغ، وما يحدث للطفل المصاب أثناء النوبة.
وهي كالآتي، بحسب موقع Hopkins Medicine للصحة والأبحاث الطبية:
1- النوبات البؤرية (الجزئية)
قد يعاني طفلك من النوبات البؤرية عندما تحدث أعراض غير طبيعية في كهرباء الدماغ بمنطقة واحدة أو أكثر من جانب واحد في المخ.
وقبل حدوث النوبة البؤرية، قد يعاني طفلك من التشوش وعدم الرؤية، أو علامات تدل على أن النوبة على وشك الحدوث.
وتشمل أعراض التشوش الأكثر شيوعاً مشاعر مضطربة مثل الديجا فو (deja vu)، أو شعور بالموت الوشيك، أو الخوف والهلع، أو الانتشاء والمشاعر الجياشة.
كما قد يعاني طفلك من تغيرات بصرية أو سمعية غير طبيعية، أو تغيرات في حاسة الشم. وهناك نوعان أيضاً للنوبات البؤرية، وهما:
- نوبة بؤرية بسيطة: إذا كانت وظيفة الدماغ الكهربائية غير الطبيعية في جزء من الدماغ له علاقة بالرؤية (الفص القذالي)، فقد يتغير بصر طفلك. في كثير من الأحيان، تتأثر العضلات بتلك النوبة من التشنجات.
ويقتصر نشاط النوبة على مجموعة عضلية محددة، مثل الأصابع أو عضلات أكبر في الذراعين والساقين. كما قد يعاني طفلك أيضاً من التعرق أو الغثيان أو يصبح شاحباً؛ لكنه لن يفقد الوعي كلياً.
- نوبة بؤرية معقدة: غالباً ما يحدث هذا النوع من التشنجات بمنطقة الدماغ التي تتحكم في وظيفة الذاكرة والعاطفة (الفص الصدغي).
من المحتمل خلالها أن يفقد طفلك وعيه. لكن لا يعني هذا أنه سيموت. قد يتوقف طفلك عن إدراك ما يدور حوله حتى وإن ظل واعياً ومستيقظاً، لكن ستبدر منه مجموعة سلوكيات غير عادية.
قد تتراوح هذه الأعراض بين الخرس، أو عض الشفاه، أو الجري، أو الصراخ، أو البكاء، أو الضحك.
2- التشنجات العامة (الكلية)
تحدث النوبة المعممة بجانبي الدماغ في آن واحد. وخلال هذا النوع من التشنجات سيفقد طفلك وعيه ويشعر بالإعياء والإجهاد بعد النوبة.
وتشمل أنواع النوبات المعممة:
- نوبة بدون اختلاج: وهذا ما يسمى أيضاً بنوبة صرع صغرى.
تتسبب هذه النوبة في تغير قصير بحالة الوعي والتحديق. ومن المحتمل أن يحافظ طفلك على قامته كما هو كأنه تجمّد في جلسته. قد يرتعش فمه أو وجهه أو قد ترمش عيناه بسرعة.
لا تستغرق النوبة عادةً أكثر من 30 ثانية. وعندما تنتهي التشنجات، قد لا يتذكر طفلك ما حدث، وقد يواصل نشاطه كما لو لم يحدث شيء.
قد تحدث هذه النوبات عدة مرات في اليوم. وكثيراً ما يتم تشخيص تلك الحالة خطأً كمشكلة تعليمية أو سلوكية. ولكن عادةً ما تزول تلك النوبات كلياً بين سن 4 و12 عاماً.
- نوبة وترية: وتسمى أيضاً بتشنجات السقوط. وفي حالة النوبة الوترية، يعاني طفلك من فقدان مفاجئ لتوتر العضلات وقد يسقط من وضعية الوقوف أو يسقط على رأسه فجأة. وأثناء النوبة، يعاني الطفل من العرج أو عدم القدرة على الوقوف والانتصاب بقامته، وقد لا يستجيب.
- النوبة التوترية الرمعية المعممة (GTC): وتُسمى أيضاً بنوبة الصرع الكبرى. وتحتوي على 5 مراحل؛ أولاً انقباض جسم الطفل وذراعيه وساقيه ثم الارتخاء ثم الارتجاف والاهتزاز.
ويتبع ذلك انقباض واسترخاء العضلات (وتُدعى الفترة الارتجاجية).
وخلال فترة ما بعد النوبة، قد يشعر طفلك بالنعاس والإجهاد. وقد يعاني من مشاكل في الرؤية أو الكلام، أو الصداع الشديد أو التعب أو آلام في الجسم بالكامل.
ما الذي يسبب التشنجات عند الأطفال؟
يمكن أن تحدث النوبة بسبب كثير من الأمور، وقد تشمل بحسب موقع WebMD للصحة والمعلومات الطبية:
خلل في المواد الكيميائية بالدماغ التي ترسل إشارات الأعصاب (الناقلات العصبية).
المعاناة من ورم في المخ، أو من السكتة الدماغية.
تلف الدماغ بسبب المرض (كالحمي) أو الإصابات (كالحوادث).
قد يكون سبب النوبة مزيج من بين تلك الأطباب. وفي معظم الحالات، لا يمكن تحديد سبب نوبة الطفل بصورة دقيقة.
تشخيص تشنجات الأطفال الطبي
عند استشارة الطبيب المتخصص لمعرفة أسباب نوبات طفلك، سيسأل المختص عن أعراض طفلك وتاريخه الصحي. وسيتم ملاحظة ما إذا كان الطفل عانى من: الحمى أو أي عدوى حديثة، أو أي إصابة في الرأس، أو الظروف الصحية الخلقية لولادته، وموعد ولادته.
وبشكل عام سيخضع الطفل لفحص عصبي، واختبارات الدم للتحقق من وجود مشاكل في سكر الدم وعوامل أخرى. إضافة إلى إجراء اختبارات التصوير للدماغ، مثل التصوير بالرنين المغناطيسي أو التصوير المقطعي، أو التخطيط الكهربي للدماغ، وذلك لاختبار النشاط الكهربائي في دماغ طفلك ورؤية محل المشكلة.
وفي بعض الحالات قد يتم إجراء البزل القطني (الشوكي)، وذلك لقياس الضغط في الدماغ والقناة الشوكية واختبار السائل الدماغي النخاعي؛ لمعرفة ما إذا كان يعاني من أي عدوى أو مشاكل أخرى.
كيف يتم علاج النوبات عند الطفل؟
الهدف من العلاج هو التحكم في عدد مرات حدوث النوبات أو إيقافها أو تقليلها.
وغالباً ما يتم العلاج بالدواء في المقام الأول، إذ تُستخدم مع التشنجات أنواع عديدة من الأدوية المستخدمة في علاج نوبات الصرع المعروفة.
قد لا يحتاج طفلك إلى دواء مدى الحياة، إذ يقطع الطبيب حاجة بعض الأطفال لتناول الدواء إذا لم يصابوا بنوبات من التشنجات لمدة تتراوح من عام إلى عامين.
أما في حال تكرار وتيرتها بشكل يعرقل قدرة الطفل على الحياة بصورة طبيعية، فقد يعرض عليك الطبيب خيارات مثل العلاج بجلسات الكهرباء أو الجراحة.
خطوات مهمة يجب على الآباء اتباعها
إذا أصيب طفلك بنوبة تشنجات، فمن الضروري التوجه للطبيب في أقرب فرصة، ومناقشة ما إذا كان هناك أي أدوية يجب أن يأخذها طفلك.
وكذلك أي "محفزات" تعرّض لها حديثاً، (مثل الحمى أو الأضواء الساطعة أو الجوع أو قلة النوم أو تناول الأدوية)، إذ يمكن أن تزيد تلك الأمور من احتمالية حدوث النوبة.
وإذا أصيب طفلك بنوبة أخرى، فاحتفظ بملاحظات لما يلي، بحسب موقع Kids Health لصحة الأطفال:
- توقيت حدوث التشنجات.
- كم من الوقت استمرت النوبة.
- ما حدث قبل النوبة مباشرة.
- ما حدث أثناء النوبة وبعدها من أعراض.
إذ ستساعد هذه المعلومات الطبيب في العثور على السبب الأصلي للمشكلة واتخاذ قرار صائب ودقيق بشأن خيارات العلاج الأفضل بالنسبة له.