تعيش فتاة مع كلابها في مدينة خاركيف بأوكرانيا التي تتعرض لقصف عنيف من قبل القوات الروسية، لكن خطر القذائف والخوف من أصواتها ليس وحده ما يخيفها ويزعجها، بل تعاني من محاولتها إقناع والدتها التي تعيش بروسيا، بأن الجيش الروسي يستهدف المدنيين.
هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، روت السبت 5 مارس/آذار 2022 قصة الفتاة أولكسندرا التي تبلغ من العمر 25 عاماً، والتي تعيش في حمام شقتها بمدينة خاركيف خوفاً من قصف القوات الروسية.
أولكسندرا قالت في تصريح للشبكة البريطانية إنها عندما سمعت الانفجارات الأولى هرعت خارج المنزل لكي تحرر كلابها من أطواقها، وأشارت إلى أن الناس كانوا في حالة من الذعر، لدرجة أنهم تركوا سياراتهم، مضيفةً أنها كانت خائفة للغاية.
تتحدث الفتاة بانتظام مع والدتها التي تعيش في العاصمة الروسية موسكو، لكن في تلك المحادثات، وحتى بعد أن أرسلت أولكسندرا مقاطع فيديو من المدينة التي تعرضت للقصف، لم تتمكن الفتاة من إقناع والدتها بالخطر الذي تواجهه.
أولكسندرا قالت إنها لم ترغب في إثارة ذعر والديها، "لكنني بدأت أخبرهما بشكل مباشر بأن المدنيين والأطفال يلقون حتفهم"، وأضافت: "على الرغم من أنهما يشعران بالقلق علي، إلا أنهما ما زالا يقولان إن ذلك ربما يحدث فقط بمحض الصدفة، فالجيش الروسي لن يستهدف المدنيين أبداً، والأوكرانيون هم من يقتلون شعبهم".
تُشير "بي بي سي" إلى أنه من الشائع أن يكون لدى الأوكرانيين عائلة عبر الحدود في روسيا، وتضيف أنه بالنسبة للبعض، مثل أولكسندرا، فإن أقاربهم الروس لديهم فهم مختلف للصراع، وهي تعتقد أن "السبب في ذلك يعود إلى القصص التي ترويها وسائل الإعلام الروسية الخاضعة لسيطرة حكومية مشددة".
تردد والدة أولكسندرا فقط رواية ما تسمعه على القنوات التلفزيونية الحكومية الروسية، وتقول الفتاة: "لقد أفزعني حقاً عندما اقتبست والدتي تماماً رواية التلفزيون الروسي، إنهم مجرد أشخاص يغسلون أدمغة الناس، ويثق بهم الناس".
يتفهم والدا أولكسندرا أن بعض الأعمال العسكرية تحدث في مدينة خاركيف الأوكرانية، لكنهما يقولان: "جاء الروس لتحريركم، لن يدمروا أي شيء، لن يمسوكم، إنهم يستهدفون القواعد العسكرية فقط".
تقول "بي بي سي" إنه بينما كان فريقها يجري مقابلة مع أولكسندرا، استمر القصف على خاركيف، لكن على القنوات التلفزيونية الحكومية الروسية في نفس اليوم لم يكن هناك أي ذكر للصواريخ التي ضربت أحياءً سكنية بالمدينة، ولم تذكر شيئاً عن مقتل مدنيين.
يردد الإعلام الروسي أن "التهديد الذي يتعرض له المدنيون الأوكرانيون لا يأتي من القوات المسلحة الروسية بل من القوميين الأوكرانيين الذين يستخدمون المدنيين كدروع بشرية"، على حد زعمه.
كذلك لا يستخدم الإعلام الروسي كلمات من قبل "حرب أو غزو أو هجوم"، وتقول موسكو أيضاً إن ما يجري في أوكرانيا هو "عملية تحرير خاصة".
لم تكن أولكسندرا الوحيدة التي تعاني من تأثير الرواية الروسية على عائلتها، فبحسب "بي بي سي" عانى ميخايلو، وهو صاحب مطعم معروف في كييف، من نفس الأمر.
بعدما تعرضت كييف للقصف، تفاجأ ميخايلو بأن والده الذي يعمل في روسيا لم يطمئن عليه وعلى أسرته، واتصل ميخايلو بوالده ووصف ما يحدث، فأجاب والده: "هذا غير صحيح فليس هناك حرب، وفي الواقع، ينقذ الروس أوكرانيا من النازيين".
يقول ميخايلو إنه كان يعتقد أنه يعرف قوة الدعاية الروسية، لكن عندما سمع ذلك من والده شعر بالصدمة.
يُشار إلى أن الهجوم الروسي على أوكرانيا أثار استنكاراً من كل أنحاء العالم تقريباً، ودفع أكثر من 1.5 مليون أوكراني للفرار من البلاد، كما دفع الغرب إلى فرض عقوبات واسعة النطاق على روسيا بهدف شل اقتصادها.