تفاجأ سكان حي في مدينة كواوتيموك بولاية تشيواوا المكسيكية الهادئ بمجموعة من الطيور سقطت من السماء وفي ظرف ثوانٍ معدودة، عادت معظم الطيور للتحليق في السماء، لكن عشرات أخرى منها تحولت إلى طيور نافقة.
هذا المشهد العجيب، الذي سجلته كاميرات المراقبة في 7 فبراير/شباط، انتشر بعدها على نطاق واسع، وخرجت نظريات عديدة تفسره.
فيما قال البعض، وفقاً لما نشرته صحيفة The Washington Post الأمريكية، إن العصافير تعرضت لصعقة كهربائية بعد اصطدامها بخط كهرباء، واقترح البعض تفسيرات أشد غرابة مثل تعرضها لتأثير شبكة الجيل الخامس 5G أو اصطدامها بسفينة فضائية غير مرئية.
عامل فني في حديقة حيوانات في المنطقة قال إن هذه الطيور نفقت بعد استنشاقها غازات سامة من مستويات التلوث المرتفعة في المنطقة الناتجة عن "استخدام المدافئ التي تعمل بحرق الأخشاب والكيماويات الزراعية والطقس البارد في المنطقة"، وفقاً لصحيفة El Heraldo de Chihuahua المحلية التي كانت أول من نشر الخبر.
خبراء يفسرون الحالة
لكن خبراء قالوا إن ما يبدو غريباً ومحيراً يصبح منطقياً حين نفهم الطريقة التي تحيا بها الطيور، ويقول كيفن ماكغوان، عالم الطيور في مختبر كورنيل لعلم الطيور، إن "التفسير المنطقي الوحيد" هو أن الطيور كانت هاربة من أحد الطيور الجارحة، وإنها ارتكبت بعض الأخطاء في رحلة فرارها.
فالطيور الظاهرة في المقطع التي لم تنجح في تشغيل مكابحها في الوقت المناسب طيور شحرور صفراء الرأس، وهي من الطيور المهاجرة. فيما قال ماكغوان إن هذه الطيور التي تهرب من برد الشتاء تتجمع في أسراب ضخمة وتنطلق من كندا وشمال الولايات المتحدة نحو المكسيك خلال أشهر السنة الباردة.
وولاية تشيواوا المكسيكية من الوجهات الشهيرة لهذه الطيور في الشتاء، ووفقاً لبرنامج eBird التابع لمختبر كورنيل لعلم الطيور- وهو عبارة عن قاعدة بيانات ترصد مشاهد الطيور من مختلف أنحاء العالم- رُصدت أسراب كبيرة تضم حوالي 3000 طائر أصفر الرأس هذا العام في الولاية المكسيكية، وقال مكغوان إن البرنامج رصد أسراباً تضم حوالي 30 ألف طائر من هذه الطيور عام 2010.
فيما قال ماكغوان إن هذا النوع المعروف برأسه الذهبي وريشه الأسود، يُحلق بطريقة تشبه عقلية القطيع. وقال إن هذه الطيور التي يماثل حجمها حجم طيور "أبو الحناء" تُحلق بدون قائد محدد، "ويجمعها هدف واحد، ولذا فهي تتفق على الانطلاق في الاتجاه نفسه"، مثل سرب أسماك أو حشد غاضب.
وحين تهاجمها طيور جارحة- مثل الصقور والبواشق والبوم، وكلها تعيش في تشيواوا- تقترب الطيور من بعضها لتشكيل سرب مُحكم، وأضاف ماكغوان: "الطيور في هذه الأسراب الكبيرة تقترب من بعضها بسرعة كبيرة حتى تلتصق أطراف أجنحتها ببعضها فتتشكل هذه المجموعة المحكمة التي تجعل من الصعب على الطيور الجارحة خطف أحدها والفرار به".
إلا أن هذه الاستراتيجية التي تتبعها في الهروب ليست مضمونة على الدوام، فقد تُخطئ الطيور في تقدير سرعتها أو المسافة من السماء إلى الأرض، وهو ما ينتج عنه هذا المشهد غير المألوف، وإن كان ليس جديداً، لسرب من الطيور يسقط من السماء.
وقال ماكغوان إن النظريات الأخرى ليست ممكنة، وهذا راجع إلى ديناميكية حركة الطيور، وأضاف موضحاً: "الطيور خفيفة ومليئة بالريش، ولذا تكون مقاومتها للرياح عالية. وهي لا تسقط في خط مستقيم بسرعة كبيرة، مثل كرة قاعدة. وفي الحالة التي بين أيدينا، فقد طارت لأسفل في حركة مقصودة".
لو أنها نفقت في الهواء جراء استنشاق غازات سامة- أو حتى اصطدمت بسفينة فضائية- لكانت قد هبطت بحركة مختلفة دون أن تنهض مرة أخرى بعد اصطدامها بالأرض. أما الصعق بالكهرباء، مثلما افترض آخرون، فنظرية مستبعدة أيضاً. يقول ماكغوان: "هذا العدد الهائل من الطيور كان ليقطع خط الكهرباء تماماً".
كما قالت الصحيفة إنه لا دليل أيضاً على أن الطيور تأثرت بشبكة الجيل الخامس، ما لم تكن بالطبع قد اصطدمت بأحد أبراج الشبكات.