أعادت حادثة محاولة إنقاذ الطفل ريان، التي باءت بالفشل، رغم كل الجهود الجبارة والبطولية، ذكرياتِ قصص إنقاذ ملهمة كان عنوانها الإصرار والمثابرة والإنسانية.
ومثل الالتفاف العربي غير المسبوق والآمال المعقودة بخروجه سالماً عكس ما كان، حصلت بعض هذه القصص على مرأى من العالم وغطّت تطوراتها وسائل الإعلام العالمية لحظةً بلحظة، على أمل خروج العالقين بسلام في نهاية المطاف.
وهو ما كان.
نستعرض في ما يلي، قصص إنقاذ ملهمة، كان الإيثار فيها فيصلاً بين الحياة والموت:
إنقاذ صبية الكهف في تايلاند عام 2018
في 23 يونيو/حزيران 2018، اصطحب مدرب كرة القدم التايلاندي إيكابول شانتاونج، البالغ من العمر 25 عاماً، فريقه Wild Boars المكون من 12 لاعباً؛ لاستكشاف كهف كان قد زاره من قبل، في رحلة لا تزيد على ساعة.
ولكن عندما هطلت الأمطار الموسمية في أثناء وجودهم تحت الأرض، غمرت المياه مدخل الكهف، وعلق المدرب ولاعبوه، الذين تتراوح أعمارهم بين 11 و16 عاماً.
بقي الفريق محاصراً بالمياه تحت الأرض أكثر من أسبوعين، فيما استقطبت قصته اهتمام وسائل الإعلام العالمية التي تابعت يوميات "صبية الكهف".
عثر على الفريق بعد أسبوع من اختفائه، على عمق مئات الأمتار من سطح الأرض.
كان المدرب مزوداً بحبل وضوء كشاف وبعض البطاريات، بلا طعام أو شراب.
بقي الجميع على قيد الحياة بفضل تجميع مياه المطر التي كانت تتسرب من الكهف وعبر ترديد ترنيمة تايلندية شهيرة؛ لتهدئة أنفسهم.
ساهم نحو 7000 شخص في إنقاذ فريق كرة القدم ومن عدة دول، بينها أستراليا وبريطانيا وأمريكا واليابان وميانمار ولاوس والصين. سارعت عناصر من قوات البحرية التايلاندية للغطس، من أجل إنقاذ الفريق.
وبعد تزويدهم بالطعام والماء والأوكسجين، إلى جانب جهود ضخ المياه التي فاضت على الأراضي الزراعية المحيطة، أنقذ فريق الغطس الجميع عبر تزويدهم بأقنعة أوكسجين وإعطائهم أدوية مهدئة وسحبهم على نقالات عبر الممرات المائية المتعكرة.
وفي 10 يوليو/حزيران، تم إنقاذ الجميع بينما توفي الغطاس المتطوع وعضو البحرية التايلاندية السابق سامان كونان في 6 يوليو/تموز عندما نفد منه الأوكسجين، بينما كان يحاول مساعدة أحد الصبية، ليكون الضحية الوحيدة في هذه الحادثة.
اشترت نتفليكس حقوق نشر القصة، وأنتج فيلم عن القصة التي خطفت أنفاس العالم.
إنقاذ عمال منجم في تشيلي بعد 68 يوماً في 2010
في أغسطس/آب من العام 2010، وبينما كان 33 عاملاً يؤدون عملهم، أدى انهيار جزء من منجم النحاس إلى إغلاق منجم كوبيابو في صحراء أتاكاما ومحاصرة العمال.
بينما حاول عمال الإنقاذ إنقاذ العمال، انهارت مواقع أخرى من المنجم.
كان الرجال عالقين خلف 770 ألف طن من الصخور بينما كانت عائلاتهم تنتظر بفارغ الصبر، وكثير منهم في معسكرات على مقربة من الأزمة بانتظار أخبار إنقاذهم.
اجتمع عمال المناجم في غرفة أطلقوا عليها اسم "الملجأ"، وتمكنوا من التواصل مع العالم الخارجي من خلال بئر حفرتها أطقم الإنقاذ.
تواصل الرجال المحاصرون مع عائلاتهم لفترة وجيزة من خلال الحفرة، حتى إن وكالة ناسا الفضائية الأمريكية نصحتهم بمعلومات عن الطب والتغذية والآثار النفسية لقضاء كثير من الوقت تحت السطح.
بعد حفر مطول للأنقاض، بدأت عملية الإنقاذ في ليل 12 أكتوبر/تشرين الأول 2010 بحضور الرئيس التشيلي، وتم إخراج جميع المحتجزين يوم الأربعاء 13 أكتوبر/تشرين الأول 2010، عن طريق كبسولة معدنية متصلة برافعة صُممت خصوصاً لتنقل كل عامل على حدة من الملجأ إلى سطح الأرض بعد 68 يوماً ممن الاحتجاز.
سجل العمال الثلاثة والثلاثون رقماً قياسياً عالمياً جديداً للبقاء على قيد الحياة وهم محاصرون في باطن الأرض. واجتذبت قصة الإنقاذ اهتمام العالم وغطاها نحو 1500 صحفي لمتابعة عملية الإنقاذ التي أذيعت على الهواء في أنحاء العالم، وشملت تغطية حية للعمال وهم يعانقون عمال الإنقاذ الذين نزلوا لنجدتهم في المنجم، حسب وكالة رويترز.
بطل من نيجيريا أنقذ 24 شخصاً ثم فارق الحياة
في أغسطس/آب 2018، اصطدم قارب ركاب يحمل 24 شخصاً بجسم في الممرات المائية لولاية ريفرز بنيجيريا.
انقلب القارب وألقى بركابه في البحر، بينما شاهد رجل يدعى جوزيف بلانكسون الحادثة، حسب ما نشره موقع CNN.
بدون أي تردد، سارع الشاب البالغ من العمر 36، إلى المياه لإنقاذ الركاب واحداً تلو الآخر من الغرق، وسحبهم إلى بر الأمان.
للأسف، في أثناء محاولته إنقاذ الراكب الرابع عشر، استسلم جسده للتعب وغرق.
كانت تضحية جوزيف المذهلة تعني أنه كان الضحية الوحيدة في ذلك اليوم، تاركاً وراءه زوجته وأطفاله الثلاثة.
مَلاك جسر نانجينغ في الصين
على امتداد نهر اليانغتسى في الصين يقع جسر نهر نانجينغ الشهير.
استغرق بناء هذا الجسر الضخم 8 سنوات واكتمل في عام 1968، ولكن الإنجاز الرائع للهندسة الصينية تحول إلى نقطة انتحار رئيسية.
استخدم نحو 2000 شخص جسر نهر نانجينغ للانتحار بين عامي 1968 و2006.
وبمحض الصدفة كان بائع خضراوات يُدعى تشين سي، يمارس رياضته اليومية من المشي على طول الجسر في أحد أيام عام 2003.
لصدمة تشين، رأى رجلاً يستعد للقفز، تصرف تشين سي بسرعة وسحب الرجل. منذ ذلك اليوم، جعل مهمة حياته إنقاذ الآخرين.
توجه تشين سي كل عطلة نهاية الأسبوع للقيام بدوريات على الجسر، إذ يركب دراجته النارية ويتوجه إلى الجسر ليراقب علامات الاكتئاب على المشاة والحاضرين.
وقال لوسائل إعلام محلية إنه كان يلاحظ "طريقة الناس في المشي السلبية للغاية بلا روح أو بلا اتجاه"، فيتوجه إليهم ويوزع كتيبات لمنع الانتحار تسرد رقم هاتفه الخلوي كجهة اتصال في حالات الطوارئ.
يراقب تشين الجسر لأكثر من عقد، وأنقذ حتى الآن مئات الأرواح.
قدّم الفيلم الوثائقي الحائز جوائز Angel of Nanjing، للجمهور لمحة فقط عن عمل تشين المتفاني والبطولي.