يستمر الجدل حول رواتب العمال عن بعد بسبب الجائحة، ومؤخراً عززه اقتراح دويتشه بنك الألماني بأن يتم دفع 5% من رواتب عمال المنازل لأولئك الذين لا يستطيعون القيام بوظائفهم من المنزل.
وأوضح الخبير الاستراتيجي في دويتشه بنك لوك تمبلمان لموقع Forbes، أن أولئك الذين يعملون من المنزل لا يدفعون ما يكفي في النظام الضريبي، مضيفاً: "بكل بساطة، لم يتم إعداد نظامنا الاقتصادي للتعامل مع الأشخاص الذين يمكنهم فصل أنفسهم عن المجتمع وجهاً لوجه".
لكن العمال عن بعد ليسوا نسّاكاً، فهم يغادرون المنزل للتسوق محلياً وتحريك العجلة الاقتصادية، وفي بعض الأوقات السفر للقاء العملاء، لكن يمكنهم اختيار العيش في مناطق أكثر بأسعار معقولة، حتى الانتقال إلى الأرياف.
على هذا النحو، يجادل البعض بأنه يجب دفع رواتب العمال عن بعد بناءً على القدرة على تحمل تكاليف المكان الذي يعيشون فيه بدلاً من السعر الجاري للعيش ضمن مسافة التنقل من المكتب.
كما أوضحت كبيرة المتخصصين في الموارد البشرية لورا هاندريك لموقع Forbes أيضاً أن التعويضات الإجمالية تعتمد تقليدياً على معدلات الأجور التي يتم تعديلها جغرافياً وتحركها السوق.
وتضيف: "يتقاضى المدير المالي في مدينة نيويورك أجراً في المتوسط أكثر من راتب المدير المالي في مدينة كانساس على سبيل المثال" بسبب اختلاف كلفة المعيشة بين الولايات والمدن.
العاملون عن بعد بسبب الجائحة
بدأ الجدل حول خفض الأجور لنقل الموظفين في وقت سابق من عام 2021 عندما قال الرئيس التنفيذي لشركة Facebook مارك زوكربيرغ، إن الموظفين الذين يختارون الانتقال إلى مناطق ذات تكلفة معيشية أو تكلفة عمل منخفضة "بشكل كبير" "يجب أن يتوقعوا أن يحصلوا على أجر أقل".
وفيسبوك ليست الشركة الوحيدة التي تحدد رواتب العمال عن بعد بناءً على الموقع. تناقلت أخبار عدة أن شركات أخرى، بما في ذلك Twitter ومزود معالجة الدفع عبر الإنترنت Stripe، خفَّضت رواتب الموظفين الذين ينتقلون إلى مناطق منخفضة التكلفة.
في المقابل، يقول معارضو تخفيض الأجور على أساس الموقع إن هذه الممارسة تؤدي إلى فك ارتباط الموظفين وتحديات الاحتفاظ بالمواهب.
ووجد استطلاع موقع The Salary المتخصص بالتعويضات والرواتب في العام 2021 أن الموظفين "لن يتسامحوا مع تعويضات أقل مقابل العمل عن بُعد" وأن 72% من الشركات "ليس لديها ممارسة رسمية لتحديد الأجر عن بُعد".
ومع ذلك، وجدت دراسة أجرتها WorldatWork حول سياسات الأجور الجغرافية أن ما يقرب من 70% من العاملين بدوام كامل الذين شملهم الاستطلاع يتوقعون أن تعكس أجورهم موقعهم.
تبرز شركة Alphabet المالكة لـ Google في تقديم آلة حاسبة للموظفين تتيح لهم رؤية تأثيرات الانتقال للعمل عن بعد، حسب ما نشرت وكالة Reuters.
ولكن عملياً، قد يتعرض بعض الموظفين عن بعد وخاصة أولئك الذين يتنقلون إلى العمل من مسافات بعيدة، إلى تخفيضات في الأجور دون تغيير عناوينهم.
إلى ذلك، يطرح بعض قادة الشركات دعوة واضحة للناس للعودة لمقار العمل، بحجة أن التعاون الشخصي ضروري للثقافة التنظيمية وحتى إنهم يرفضون توظيف أولئك الذين يفضلون العمل عن بُعد لأنهم يفتقرون إلى الدافع أو الطموح.
على سبيل المثال، يعد الرئيس التنفيذي لشركة JPMorgan Chase جيمي ديمون، أحد المدافعين الأقوياء عن إعادة الموظفين. وقال لموقع CBS News إن العمل حصرياً من المنزل يعيق العمال الأصغر سناً، الذين يستفيدون من الإرشاد وجهاً لوجه من محترفين أكثر خبرة.
وأوضح: "لا ينجح هذا التوجه مع الشباب الذين يريدون الصخب وزحمة العمل، ولا ينجح حيث التوليد التلقائي للأفكار".
ماذا عن زيادة رواتب العاملين من المكتب؟
في المقابل حذر خبراء من أن التهديد بتقليل تعويضات العمال عن بُعد قد يأتي بنتائج عكسية وسيضر الشركات في الاحتفاظ بالمواهب في سوق عمل تنافسي.
وقال مدير التطوير الوظيفي في FlexJobs بري رينولدز: "إذا كانت الشركة تقدر العمل داخل المكتب، فسيكون دفع المزيد للأشخاص طريقة صحية للتعامل معهم والحصول على هذا الحافز بدلاً من التركيز على الدفع أقل للآخرين. سيكون ذلك أكثر إغراءً من منظور التسويق إذا قالوا (هذا هو المكان الذي نضع فيه قيمتنا) بدلاً من التقليل من قيمة الأشخاص عندما يعتمد راتبهم على المكان الذي يعملون منه وليس ما يعملون".