حصان مجنح حولته الآلهة إلى كوكبة من النجوم.. كيف عاشت أسطورة “بيغاسوس” حتى يومنا هذا؟

عربي بوست
تم النشر: 2021/12/28 الساعة 13:42 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/12/28 الساعة 13:42 بتوقيت غرينتش
بيغاسوس iStock

حصان أبيض، قوي البنية، يفرد جناحين ضخمين، ويتخذ وضعية التحليق نحو السماء… ربما شاهدتم حصاناً بهذه الأوصاف على أجنحة طائرات الشركة التركية، التي تحمل اسم "بيغاسوس"، والتي استمدت اسمها في واقع الأمر من مخلوق أسطوري مجنح كانت ينابيع الإلهام تتفجر تحت حافريه، واعتاد مرافقة الأبطال الخارقين وحمل الصواعق للآلهة وفقاً للأساطير اليونانية.

تعالوا نرو لكم قصة الحصان المجنح "بيغاسوس":

بيغاسوس.. ولادة دموية

لم تكن ولادة هذا المخلوق الأسطوري عادية، كما لم يكن والداه عاديين بكل تأكيد، فقد كان والده بوسيدون إله البحر والعواصف والزلازل والخيول، أما والدته فقد كانت امرأة جميلة تدعى "ميدوسا"، غضبت عليها آلهة الحكمة "أثينا"، لأنها ادّعت أنها تحاكي الآلهة جمالاً وبهاء، فحوّلت شعرها الجميل إلى ثعابين مرعبة، وأصبحت ميدوسا بذلك مخلوقة مخيفة للغاية تمتلك القدرة على تحويل أي شخص ينظر إليها إلى حجر.

أصبحت ميدوسا وحشاً جديراً بأن يحاربه الأبطال الأسطوريون، لكن أياً منهم لم يستطع التغلب عليها، فبمجرد أن ينظر أحدهم إلى وجهها كان يتحول إلى حجر على الفور.

لكن تغير مصير ميدوسا عندما واجهت بيرسيوس، البطل الإغريقي الذي واجهها مرتدياً حذاء مجنحاً وحاملاً درعاً يشبه المرآة التي تعكس تحركات ميدوسا، فيستطيع البطل تعقبها دون أن يضطر إلى النظر إليها، وهكذا تمكن بيرسيوس من قتل ميدوسا، ومن الدماء التي سالت من عنقها ولد بيغاسوس.

بيغاسوس\ iStock
بيغاسوس\ iStock

رفيق الأبطال وملهم الشعراء

بعد مصرع ميدوسا على يد بيرسيوس، وولادة بيغاسوس من دمائها، بدأت أخوات ميدوسا بملاحقة بيرسيوس، الذي ما كان منه إلا أن امتطى بيكاسوس وطار به بعيداً.

وصف بيغاسوس في الأساطير اليونانية على أنه حصان مجنح أبيض اللون، وقد تم ترويضه لاحقاً ليكون مرافقاً لعدد من الأبطال الأسطوريين في معاركهم ضد الوحوش.

لم يستفد الأبطال الخارقون فقط من بيكاسوس، فقد كان ذا فائدة للشعراء والكتاب كذلك.

فقد تميّز بيغاسوس بخاصية فريدة، إذ تنفجر ينابيع الإلهام في كل مكان يضرب فيه بيغاسوس حافره على الأرض، وعندما يشرب الشعراء من هذه الينابيع يزورهم الإلهام وتجود قريحتهم بالشعر، وفقاً لما ورد في موقع Greek Mythology.

وقد كانت "نافورة هيبوكريني" من أشهر الينابيع التي تشكلت تحت حوافر بيغاسوس وفقاً للأسطورة، وأصبحت مصدر إلهام لكل من يشرب منها، مع العلم أن "هيبوكريني" تعني نافورة الحصان.

الصعود إلى جبل الأوليمبس

كان بيليروفون من أشهر الأبطال الأسطوريين الذين استطاعوا ترويض بيغاسوس، فبينما كان البطل نائماً في معبد أثينا زارته الآلهة ليلاً كما تقول الأسطورة، وقدمت له لجاماً ذهبياً، وعندما أشرق الصباح خرج بيليروفون من المعبد ووجد بيغاسوس يشرب من أحد الينابيع، فقام بترويضه ولف اللجام الذهبي حول عنقه، ليصبح رفيقه بعد ذلك في مغامراته ضد الوحوش.

وبمساعدة بيغاسوس قضى بيليروفون على الكثير من الوحوش، وكان أبرزهم الكيميرا، وهو وحش مرعب برأس أسد، وجسم ماعز، وذيل ثعبان.

وبعد انتصاراته الساحقة تعاظمت غطرسة بيليروفون، وشعر أن مكانه ليس على الأرض، إنما في الأعلى مع الآلهة التي تسكن جبل الأوليمبوس، فامتطى ظهر حصانه بيغاسوس وتوجه إلى قمة الجبل.

أغضب هذا الفعل كبير الآلهة زيوس، الذي بعث ذبابة أزعجت بيغاسوس وأوقع بيليروفون الذي هوى ثانية إلى الأرض، أما بيغاسوس فقد تابع طريقه لينضم إلى أحصنة زيوس وتكلف بمهام جديدة.

بيغاسوس\ iStock
بيغاسوس\ iStock

حامل الصواعق يتحول إلى كوكبة

في جبل الأوليمبس عاش بيغاسوس حياة مديدة كما تقول الأسطورة، وقد تم تكليفه بحمل صواعق كبير الآلهة زيوس.

لم يمت بيغاسوس وفقاً للأساطير اليونانية بل -وتكريماً لخدمته الطويلة للآلهة- تم تحويله إلى كوكبة (مجموعة من النجوم) تحمل نفس الاسم، تستطيع مشاهدتها اليوم في الشمال الشرقي في الليالي الصافية، ابتداء من الصيف وحتى الخريف.

ويقال إنه بعد تحول بيغاسوس إلى كوكبة سقطت منه ريشة واحدة فقط، وجدت طريقها إلى الأرض، حيث استقرت في مكان ما في مدينة طرسوس (مرسين التركية حالياً).

كيف عاشت أسطورة بيغاسوس حتى يومنا هذا؟

على الرغم من أن قصة بيغاسوس لا تتعدى كونها أسطورة، فإن رسم هذا الحصان المجنح استخدم كشعار في كثير من الحالات، وهو ما جعله رمزاً حياً حتى يومنا هذا.

ففي الحرب العالمية الثانية اعتمدت المملكة المتحدة "بيغاسوس" كشعار لقوات المظليين، كونه يرمز إلى خوض "محارب" معركة ما عن طريق الجو.

وفي عام 2015 أعلنت وحدات لواء الهجوم الجوي أنها ستستخدم "بيغاسوس" كشعار للمرة الثانية بعد توقف دام 15 عاماً.

كذلك اتخذت لجنة تحرير توسكانا الوطنية أثناء الاحتلال الألماني لإيطاليا من بيغاسوس رمزاً لها، ولا يزال بيكاسوس مستخدماً كشعار على علم إقليم توسكانا الإيطالي حتى يومنا هذا.

وأطلقت الإكوادور قمرها الصناعي الخاص بالطقس، في 26 أبريل/نيسان 2013، مطلقةً عليه اسم "بيغاسوس"، كذلك اختارت إحدى شركات الطيران التركية من بيكاسوس اسماً وشعاراً لها، منذ أن تم تأسيسها عام 1991.

بيغاسوس\ iStock
بيغاسوس\ iStock


علامات:
تحميل المزيد