أصبحت حيوانات "أفراس نهر الكوكايين"، وهي أفراس النهر التي جلبها إمبراطور المخدرات الشهير بابلو إسكوبار، تثير أزمة حقيقية في كولومبيا، إذ تهدد التوازن البيئي بالبلاد وتوشك أن تتسبب في انقراض عدد من أنواع الحيوانات، ما دفع كثيرين إلى المطالبة بإعدامها، غير أن حماة البيئة اقترحوا حلاً جديداً.
حسب تقرير لصحيفة The Times البريطانية، الخميس 9 ديسمبر/كانون الأول 2021، فإنه منذ ما يقرب من 30 عاماً، جلب إمبراطور المخدرات الكولومبي الراحل بابلو إسكوبار مجموعة من أفراس النهر الأليفة، ومن وقتها تثير هذه الأفراس رعبَ الحيوانات المشاركة لها في البيئة المحيطة بحملة تدمير يقودها قطيع أفراس النهر للتوازن البيئي في غابات وسط كولومبيا.
لكن دعاة حماية البيئة يعتقدون الآن أن بإمكانهم كبح جماح تلك الحيوانات، دون تجاوزٍ للحد، عن طريق تخديرها ثم تعقيمها.
حيوانات إسكوبار
يجوب ما يصل إلى 120 من أفراس النهر الإفريقي، التي كان يمتلكها بارون المخدرات، في المنطقة الممتدة على ضفاف نهر ماغدالينا، ويُسبب وجودها مشكلات في التنوع البيولوجي للمنطقة.
في أواخر سبعينيات القرن الماضي، هرَّب إسكوبار عشرات الحيوانات المستجلبة من خارج البلاد -منها وحيد القرن وزرافات وأحِمرة وحشية وأربعة أفراس نهر- إلى حديقة حيوانات خاصة في مزرعته الفاخرة، المعروفة باسم "هاسيندا نابوليز"، على بُعد 250 كيلومتراً شمال غربي العاصمة الكولومبية بوغوتا.
بعد أن جمع إسكوبار ثروته غير المشروعة على رأس عصابة "ميديلين"، قُتل بالرصاص على سطح أحد المنازل في عام 1993، ومع تفريق ممتلكاته، توزعت غالبية الحيوانات التي جلبها على حدائق الحيوان في جميع أنحاء البلاد، إلا أن أفراس النهر الأربعة برهنت على صمودها، واستطاعات التعايش في البرية بعد أن أُطلق سراحها على افتراض أنها ستهلك في وقت قريب.
تهديد بيئي حقيقي
اليوم، يجتاح قطيع أفراس النهر المنطقة مزدهراً بأحفاد المجموعة الأولى، في ظل غياب الحيوانات المفترسة الطبيعية له أو نوبات الجفاف الموسمية، وهو ما قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على أحد النظم البيئية الأشد هشاشة في البلاد.
يخشى علماء الأحياء من أن يؤدي انتشار أفراس النهر إلى دفع الحيوانات الكبيرة الأخرى في المنطقة، مثل خرفان البحر والتماسيح المهددة بالانقراض، إلى الخروج من المنطقة تماماً، لاسيما وقد بدأ براز أفراس النهر في تلويث المنطقة، وتسبب في القضاء على بعض أنواع الأسماك.
إضافة إلى ذلك، يمكن أن تتسبب الأعداد الكبيرة من أفراس النهر في تراكم كميات أكبر من الطحالب السامة بالمجاري المائية، ومع أنه لم تسجَّل حالات وفاة مرتبطة بفرس النهر في كولومبيا، فإن الخبراء يخشون أن تؤدي زيادة أعدادهما إلى زيادة احتمالات مصادمتها للبشر.
"لا يمكن إعدامها"
توقَّع علماء الأحياء أن يصل عدد أفراس النهر إلى 1000 فرس نهر ما لم يُتخذ إجراء للحيلولة دون ذلك، وأوصى بعضهم بإعدامها.
لكن محكمة أمريكية قضت في أكتوبر/تشرين الأول، بأن أفراس النهر التي يُطلق عليها "أفراس نهر الكوكايين" لا يمكن إعدامها، لأن ذلك مخالف للقوانين، كما يفرض الاستماع إلى مصالحهم في المحكمة.
من ثم، شرع دعاة الحفاظ على البيئة في برنامج تعقيم شامل، مع الأخذ في الاعتبار تكلفة التعقيم العالية لتلك الحيوانات وصعوبتها، ويُفترض أن تُحقن أفراس النهر بمادة "جوناكون" GonaCon، وهي مادة كيميائية تبرعت بها وزارة الزراعة الأمريكية وتُستخدم لأغراض التعقيم.