معظمنا لا يريد أن تكون العناكب في مكان قريب منه، لأنها إما تصيبنا بالرعب أو بالقشعريرة والتقزُّز.
بعض العناكب يكون ضخماً، وبعضها الآخر مميت، ومعظمها غير ضار، ولكن مثير لفوبيا الحشرات لدينا، وهي على عكس ما نتوقعه نافعة للإنسان على الأغلب، إذ تأكل الكثير من الحشرات الأخرى التي يمكن أن تؤذينا.
ولكن اتضح أيضاً أن العناكب بإمكانها إلهام ما هو أكثر بكثير من مجرد شخصية سبايدر مان الخارقة، إذ تستطيع هذه المخلوقات الصغيرة ذات الثمانية أرجل أن تعطينا أكثر مما كنا نتخيله.
فيما يلي ابتكارات يعود الفضل في اختراعها إلى الإلهام من العناكب، سواء بسبب قدراتها الاستثنائية أو إمكانيات جسمها الغريبة والخارقة في آنٍ واحد.
لاصق جروح أفضل من الضمادات التقليدية
خلال مراحل حياتك المختلفة بالتأكيد صادفت يوماً احتجت فيه للحصول على ضمادة لجُرح سطحي لديك، تريد أن تحميه من التلوث والتعرض للمياه إلى أن يلتئم.
وبطبيعة الحال وجدت أن الضمادات التقليدية يزول مفعولها اللاصق مع الاستخدام والتعرُّق والتعرُّض لأي مصدر مائي، وبالتالي اضطررت إلى تبديل الضمادات بشكل دوري لحماية الجرح من التلوث.
هذه العملية المزعجة والمكلفة في آنٍ واحد انتهت بعد ابتكار بديل فعّال تم اختراعه بإلهام من العناكب.
وتمكن العلماء في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا من ابتكار شريط جراحي يمكن أن يلتصق بالجروح ويغلقها في ثوانٍ فقط باستخدام الماء، وذلك بنفس الطريقة التي تمتص بها شبكات العنكبوت الماء فتُصبح ملتقطة حشرات أكثر لزوجة.
وفي الضماد الجديد تم استخدام مادة لاصقة ذات وجهين مع رابطة قوية بشكل لا يصدق، وقد تم اختباره بنجاح على جلد الخنزير والرئتين بعد العمليات الجراحية، بحسب مجلة Smithsonian المعرفية للعلوم.
العلماء استخدموا حمض البولي أكريليك لامتصاص الماء وإنشاء رابطة معززة بالجيلاتين، التي سوف تتفكك وتتفاعل مع الجسم بشكل غير ضار بينما يُشفى الجرح تدريجياً تحت تلك الطبقة الجديدة.
البديل الفعّال المُستلهم من العناكب وفّر على المصابين حاجتهم لتحديد موعد ثان لإزالة الغرز الطبية من جروحهم الغائرة، وحماهم أيضاً من الطفح الجلدي الناجم عادة من الشريط اللاصق للضمادات التقليدية للجروح.
سموم العناكب قد تكون أكثر فاعلية من الڤياغرا!
الرجال الذين تعرضوا لسوء الحظ إلى لدغة أحد أكثر العناكب السامة في العالم، العنكبوت البرازيلي المتجول، وثَّقوا معاناتهم من تأثير جانبي آخر يتجاوز الألم المُبرح، وهو الانتصاب المستمر لساعات طويلة.
وبحسب موقع Daily Sun، لا توجد بالطبع توصية طبية بالذهاب للعثور على أحد هذه الحشرات المؤلمة وتحفيزها على لدغ المصابين بالضعف الجنسي، إلا أن الباحثين استخدموا بعض تلك السموم لتصنيع مادة هلامية تحقق نفس النتيجة.
وتم ابتكار هلام BZ371 من سموم تلك العناكب، وهو يؤدي وظيفته بشكل جيد للغاية في غضون 20 إلى 30 دقيقة من التطبيق، مع عدم وجود أي آثار جانبية له أيضاً.
العناكب مصدر إلهام لروبوتات أكثر كفاءة
حتى لو كان زحف العناكب على الجدران يصيبك بالقشعريرة في عمودك الفقري، فعليك أن تعترف بأن العنكبوت فريد من نوعه في طريقة الحركة واستخدام جسمه للانتقال من بقعة لأخرى بمرونة ولياقة استثنائية.
ومن هنا ابتكر الباحثون أطرافاً ومفاصل آلية تقليداً لأرجل العنكبوت التي تسمح بوظائف أكبر بمكونات أقل، ويتم استخدامها في بناء الروبوتات اليوم.
وبحسب دراسة نُشرت بموقع Advanced Science العلمي، في العام الجاري، كانت النتيجة هي أجزاء أخف وزناً وأصغر بكثير مع قدرة فائقة على الحركة يمكن استخدامها في أي روبوت تقريباً.
الأزياء المستدامة المستوحاة من خيوط بيت العنكبوت
عالم الموضة في تغيُّر مستمر، ومن بين ابتكاراته الأغرب على الإطلاق استحداث نسيج جديد باستخدام خصائص خيوط شباك العنكبوت.
إذ قامت شركة تدعى Bolt Thread بخطوة هي الأولى من نوعها في مجال الأزياء، بهندسة بيولوجية باستخدام جين بروتين حرير العنكبوت للتوصُّل إلى نسيج مستدام.
وباستخدام نوعيات محددة من الخميرة يتم إنتاج بروتينات حريرية يتم تنقيتها وفلترتها وغزلها لتُصبح نسيجاً يُسمى MicroSilk.
وقد استخدمت Adidas بالفعل مزيجاً من هذه المواد لصنع فستان رياضي للتنس خفيف الوزن. كما أنتجت شركة AMSilk مادة مماثلة تسمى BioSteel استخدمتها Adidas أيضاً في الأحذية الرياضية الخفيفة.
تحويل سم عناكب الرتيلاء إلى مسكن للآلام
أصبحنا جميعاً على دراية مؤخراً بمدى تهديد الاستخدام الواسع النطاق للمواد الأفيونية الاصطناعية، أو مواد الـOpioids.
إذ يمكن أن تأتي الآثار الجانبية في أشكال عديدة، بينها الطفح الجلدي، والإمساك، والغثيان، وضيق التنفس، وحتى الإدمان وغيره. لذلك هناك حاجة إلى علاجات ألم بديلة للأشخاص الذين يعانون من الآلام المزمنة ومشاكل الأعصاب.
وفي جامعة كوينزلاند الأمريكية، وجد الباحثون جزيئات في سم الرتيلاء المأخوذة من عنكبوت بيردز الصيني، يمكن تطويرها إلى بروتينات صغيرة تلتصق بخلايا مستقبلات الألم في الجسم.
وعند استخدامه بالكمية الصحيحة، يمكن أن يحيط بغشاء الخلية حول مستقبلات الألم، ما يعيق قدراتها في التسبُّب في الشعور المبرح. وحتى الآن لم يتم تسجيل أي آثار جانبية لهذا النوع من المسكنات بحسب موقع News Medical للعلوم الطبية.
وبالرغم من أن التجارب كانت على فئران المعمل فقط، فإن هناك توقعات إيجابية في التوصُّل إلى المعادلة المناسبة بجرعاتها الملائمة للاستهلاك البشري.