ربما لاحظت مثل الكثيرين، رابطاً غريباً بين عدد السنوات التي يقضيها الزوجان معاً ومدى ميلهما إلى أن يصبحا شديدي التشابه في الملامح.
صحيح أن أي زوجين يشتركان في العديد من الأشياء، من بينها أحياناً سمات الوجه المتشابهة، لكن هناك أزواج قد يبدوان لك في الوهلة الأولى وكأنهما أخ وأخت.
هل نختار أزواجاً يشبهوننا أم أن ملامحنا تبدأ في التشابه؟
يؤكد العلماء أننا نختار أزواجاً لا يشبهوننا فحسب، بل يشبهون أيضاً والدنا من الجنس الآخر، وأهم عوامل الشبه تلك عند الاختيار تكمُن في لون الشعر والعينين.
وقد راود هذا التساؤل الباحثون على مدى عقود، ففي عام 1987، اقترحت دراسة تم نشرها بموقع Springer Link العلمي، أن وجوه الزوجين لم تكن متشابهة في بداية الزواج ولكنها أصبحت أكثر تشابهاً بمرور الوقت، ومع "درجة التقارب المرتبطة بشكل إيجابي بتصنيف الأزواج لجودة علاقتهم".
وفيما يتعلق بكيفية حدوث مثل هذا الشيء، اقترح المؤلفون في تلك الدراسة القديمة، بقيادة عالم النفس الاجتماعي الراحل روبرت زاجونك، أن "التقارب في المظهر الجسدي للزوجين" يمكن أن يُعزى إلى حقيقة أن المتحابين مدى الحياة يصبحون متزامنين جداً مع بعضهم البعض، وينتهي بهم الأمر بتقليد تعابير بعضهم البعض دون وعي، مما يجعل مظهر وجوههم يتطابق بمرور الوقت.
واقترح الباحثون أن "الاستخدام المعتاد لعضلات الوجه قد يؤثر بشكل دائم على السمات الجسدية للوجه".
هذا يعني ضمنياً أيضاً أن الشخصين اللذين يعيشان مع بعضهما البعض لفترة أطول من الوقت، تبدأ تغيراتهم الجسدية في التطابق كذلك.
التعرُّض لنفس البيئة والنمط اليومي للحياة له دور أيضاً
ووفقاً لفرضية الباحثين في تلك الدراسة التي نشرها موقع Scientific Reports، "يميل الأزواج إلى البدء في التشابُه مع بعضهم أيضاً؛ لأنهم عادةً ما يتعرضون لنفس البيئات، ويشاركون في نفس الأنشطة، ويأكلون نفس الطعام، ويقلدون التعبيرات العاطفية لبعضهم البعض"، وكل ذلك يمكن أن يؤثر على ملامح الوجه والشبه العام بينهما.
ومع ذلك، وجدت دراسة أخرى أجراها باحثون في جامعة ستانفورد الأمريكية وتناولها موقع Scientific Alert العلمي، أنه لا يوجد في الواقع أي دليل على أن الأزواج يبدون أكثر تشابهاً مع مرور الوقت.
ولاختبار النظرية، قام الباحثون بتجميع بيانات لـ517 زوجاً تم جمعها في غضون عامين من الزواج، وما بين 20 و69 عاماً في وقتٍ لاحق خلال حياتهم.
وتوصَّل الباحثون إلى أن "وجوه الأزواج تميل إلى التشابه لكنها لم تصبح أكثر تشابهاً مع مرور الوقت، بغض النظر عن الفترة الزمنية التي أمضوها"، مشيرين إلى أن الناس قد يبحثون عن شركاء متشابهين في المظهر تماماً مثلهم مثلما يبحثون عن شركاء لهم نفس القيم والأهداف.
ووجدت دراسة واحدة عام 2013 أن هذا صحيح. وفي التجربة، عُرض على الأشخاص صور لوجه أزواجهم بعد أن تم تعديلها رقمياً لتشمل بعض الميزات من وجه آخر- أو من وجوه أخرى عشوائية، أو وجه أحد المشاركين في الدراسة.
صنف المشاركون من الذكور والإناث باستمرار التركيب الرقمي الذي يتضمن وجههم على أنه الأكثر جاذبية بالنسبة لهم.
ووجد البحث أيضاً أن الناس ينجذبون بشكل لا شعوري إلى سمات الوجوه التي تقارب والدهم من الجنس الآخر. وقد يبدو هذا التفضيل الأبوي متزايداً في العديد من الأبحاث المشابهة.
عملية لا شعورية تجعلنا ننجذب لمن يتشابهون معنا
ومن المحتمل أن تكون عملية لاشعورية تماماً تنخرط في ارتباطاتنا الطبيعية بما هو ممتع وجذاب بالنسبة لنا، وبحسب مجلة Time، يحدث الأمر لأننا ننظر لتلك السمات على أنها مريحة، وهم مألوفون لنا، وبالتالي يحدث أن نرتبط بهم. وبالتالي فنحن منجذبون لأولئك الذين لديهم أوجه تشابهنا إلى حدٍّ ما.
ويطلق على هذا النوع من الارتباط "التزاوج المتنوع"، وهي نظرية تقترح أن الأفراد الذين لديهم أنماط ظاهرية متشابهة يرتبطون ببعضهم البعض بشكل متكرر.
ويلفت موقع Bright Side للمنوعات، أن نظام المناعة يعكس أسلوب حياتنا، بما في ذلك عاداتنا الغذائية وممارسة الرياضة البدنية وغيرها.
غالباً ما يعكس الأزواج المتناغمون مع بعضهم البعض العادات ولغة الجسد لبعضهم البعض. يظهر أن هناك راحة وثقة عاطفية في علاقتهما.
يقول العلماء إن الشركاء يميلون إلى تغيير عاداتهم الخاصة طوال حياتهم الزوجية. على سبيل المثال، إذا كان أحدهم يحاول الإقلاع عن التدخين وبدأ في تناول طعام صحي، فغالباً ما يفعل الآخر نفس الشيء أيضاً.
ومن هذا المنطلق، خلصت مجموعة من الأبحاث إلى أن الأزواج الذين تزوجوا لفترة طويلة لديهم أجهزة مناعية متشابهة جداً أيضاً، وليس مظهراً متقارباً فحسب. وربما لهذا السبب غالباً ما يشارك شريكان عاداتهما وأسلوب حياتهما بشكل عام.