ذكرت صحيفة The Guardian البريطانية، الثلاثاء 26 أكتوبر/تشرين الأول 2021، أن أطباء هيئة الخدمات الصحية الوطنية NHS الرائدة عالمياً يستخدمون علاجاً يوصف بأنه على طريقة "جيمس بوند" وأحدث أوجه التكنولوجيا المتطورة لإنقاذ الأشخاص الذين يعانون من انهيار أنظمة القلب بسبب مرض قلب وأوعية دموية نادر وقاتل أحياناً.
فقد بدأ مستشفى رويال برومبتون ومستشفى هارفيلد في لندن إرسال فرق من الأطقم الطبية المتخصصة إلى مستشفيات إنجلترا وويلز لنقل المرضى الذين يمكن أن يموتوا إذا لم يعالجوا بهذا العلاج.
إذ إن الأشخاص الذين يعانون من صدمة قلبية (CGS) يُودعون مستشفى رويال برومبتون أو مستشفى هارفيلد، اللذين يعدان من بين أفضل مراكز علاج أمراض القلب في بريطانيا، وذلك لبذل محاولات أخيرة من أجل إنقاذهم.
برنامج الصدمة
يتلقى المرضى رعاية مركزة ليست متاحة إلا في قليل من المستشفيات، بما في ذلك ما يعرف بالأكسجة الغشائية خارج الجسم (ECMO)، حيث يجري إخراج الدم من أجسادهم وإضافة أوكسجين إليه، ثم يعاد ضخه مرة أخرى لمحاولة مساعدتهم على التنفس مرة أخرى.
بموجب "برنامج الصدمة" الموجود في المستشفيين، يتناقش الأطباء والجراحون وخبراء الرعاية المركزة في المستشفيين ويقدمون استشاراتهم حول طريقة معالجة الأشخاص الذين يعانون من الصدمة القلبية، وهي حالة تطالب جميع المستشفيات في بريطانيا بتقديم مساعدة عاجلة لحلها.
يزيد هذا العمل من معدلات النجاة للأشخاص البالغ عددهم سنوياً 10 آلاف، الذين يصابون بالصدمة القلبية، وهي حالة كانت نسبة الوفيات للمصابين بها تصل حتى وقت قريب إلى 50%.
كما يهدد هذا المرض حياة المريض، نظراً إلى أن قلب المصاب يصير فجأة عاجزاً عن ضخ الدم الكافي في أنحاء الجسم، ويمكن أن يؤدي عدم معالجة الحالة إلى فشل عديد من الأجهزة الحيوية للمريض مما يؤدي إلى الوفاة.
فيما تحدث أغلب الحالات بوصفها عرضاً جانبياً للأزمة القلبية الشديدة، التي تصيب في الغالب كبار السن. لكنها قد تحدث أيضاً- ولا سيما لدى البالغين الأصغر- عن طريق وجود تجلط في الرئتين، أو وجود عيب في صمام القلب، أو عدم انتظام ضربات القلب، أو الولادة، أو العدوى التي تدمر عضلات القلب.
ما علاقته بـ"جيمس بوند"؟
تقول البروفيسورة سوزانا برايس، استشارية القلب والأوعية الدموية في وحدة الرعاية المركزة بمستشفى رويال برومبتون، الذي يقود البرنامج: "إنه المظهر الشديد من مظاهر فشل القلب، والمنتج الثانوي لحالة صحية طارئة أخرى. إنه أشبه بتوقف القلب ولكن بحركة شديدة البطء".
من جانبه، صرح البروفيسور مارتن كوي، استشاري القلب والأوعية الدموية وقائد البرنامج لفشل القلب: "صحيحٌ أنه قد يبدو هدفاً طبياً للعميل جيمس بوند 007 -إذ يجري الوصول إلى مستشفيات أخرى لإنقاذهم بعلاج رعاية مركزية أقوى ينقذ الحياة- لكنه يتعلق حقاً بتأكد هيئة الخدمات الصحية الوطنية من أن المرضى الذين قد يستفيدون منه، سوف يستفيدون منه أينما كانوا".
كما تابع: "لا نأبه بسبب فشل قلبك. إننا نريد إنقاذك فحسب".
أسس المستشفيان الخدمة التي تعد الأولى من نوعها، بعد وفاة فتاة تبلغ من العمر 17 عاماً بمنطقة نائية في ويلز عام 2018، عندما أخطأ المستشفى الذي كان يعالجها في تشخيص حالتها، وظنوا أنها تعاني من الإنتان.
في تعليقها على هذا الأمر، قالت الدكتورة سوزانا: "كان شيئاً محزناً للغاية لأنها كانت تعاني من حالة يمكن علاجها. أدركت أنا وزملائي أنه ليس هناك برنامج وطني لعلاج الصدمة القلبية، واعتقدنا أن ذلك (ليس جيداً بما يكفي) وقررنا تأسيس برنامجنا لعلاج الصدمة".
مرجع أوروبي
بمجرد أن ينبههم مستشفى آخر بوجود حالة، يعقد المستشفيان اجتماعاً افتراضياً طارئاً متعدد التخصصات للفريق- حتى إن كان في المساء أو الليل- يضم كبار الاختصاصيين.
هؤلاء إما أنهم يرشدون الأطباء حول أفضل طريقة للتعامل مع المريض أو إرسال سيارة إسعاف طوارئ لإحضار المريض؛ إذ إن العلاج في مستشفيات لندن يزيد من فرص إنقاذهم، وإن لم يكن جميعهم ينجون من الموت.
يعني نجاح برنامج الصدمة أن الأطباء والمستشفيات في أنحاء أوروبا يتصلون بهم الآن بين الحين والآخر لطلب المشورة، حتى إن الفريق أنقذ بريطانياً كان يعاني من الصدمة القلبية أثناء وجوده في إسبانيا.
وأوضحت صحيفة The Guardian أنهم يواجهون كذلك 9 أو 10 حالات في قسم الولادة القيصرية لنساء حوامل كن يعانين من الصدمة القلبية. وحتى الآن نجت جميع الأمهات.
ويفخر البرنامج بأنه نجح في رفع معدلات نجاة المرضى الذين يعالَجون في مستشفى رويال برومبتون ومستشفى هارفيل بعد إصابتهم بالصدمة القلبية، من 51% في عام 2018 إلى 86% في عامي 2020 و2021.
الدكتورة سوزانا علقت على انخفاض معدلات الوفيات بين المصابين بالصدمة القلبية انخفاضاً كبيراً، قائلة: "من المثمر للغاية أن نكون قادرين على إعادة الحياة إلى الأشخاص. يكون لديك مريض هناك ونحن بوصفنا فريقاً نستطيع تسخير الخبرات الاستثنائية والتشاور على مسلك للنجاة كان (المرضى) سيموتون لولاه".