ربما تعتبر القطط نفسها هي ملكة المنزل مقارنة بملك الغابة، فتجدها تجلس أينما شاءت وردَّت على ندائك متى ما شاءت، ولكن وإن كانت تعتبر نفسها خطيرة فهي لا تملك القدرة على الزئير، فهل فقدته؟
هناك كثير من القواسم المشتركة بين قطتك اللطيفة التي تجلس في غرفة المعيشة على كرسيك المفضل، والنمر المتوحش الذي يطارد الغزلان في الأدغال لينهش لحمها:
- نحو 95.6% من الحمض النووي.
- كلاهما يفرك وجهه على الأشياء (وبعضها البعض) كعلامة على المودة.
- كلاهما يصطاد فريسة حية.
هناك العديد من أوجه التشابه بين القطط الكبيرة والقطط الرقيقة في المنزل، ولكن لماذا تستطيع القطط الكبيرة أن تزأر عكس القطط المنزلية؟ ولماذا تستطيع القطط المنزلية الخرخرة عكس القطط الكبيرة؟
ربما تعتبر القطة نفسها ملكة المنزل مقارنة بملك الغابة أو سائر فصائل القطط البرية التي تدافع بشراسة عن مناطقها ولا تتوانى عن استخدام مخالبها، لكن ثمة فرق مهم (بخلاف حجمها): صوتها.
على سبيل التوضيح، يمكن سماع زئير ذكر الأسد من على بُعد 8 كيلومترات، بينما تخرخر القطط الصغيرة في غرف المعيشة بنحو 25 ديسيبل، حسب موقع Meowington.
لماذا لا تستطيع القطط الزئير؟
يتعلق الأمر بفسيولوجية الحنجرة والحلق، التي تساعد على إصدار تلك الأصوات الخاصة بالقطط.
أمين قسم الثدييات في متحف كارنيغي للتاريخ الطبيعي بمدينة بيتسبرغ، جون وايبل، قال إنه نظراً إلى الطريقة التي تصدر بها القرقرة والزئير، تقتصر هذه الأصوات على فصائل القطط بشكل مشترك، إذ يمكن لأي نوع من القطط إما الزئير وإما القرقرة، ولا يمكن أن يفعل نوعٌ الاثنين معاً.
وأردف وايبل أن القرقرة تُعد صوتاً مميزاً، لأنها تنشأ عندما تحدث عمليتا الشهيق والزفير لدى القط. يبدو أن هذا الصوت تطوَّر أولاً في القطط ومن ثم توسع ليطال عائلة السنوريات.
وتشمل القطط التي تقرقر القطط المنزلية والوشق الأحمر والأصلوت والوشق وأسد الجبال والفهد.
وقال وايبل لموقع Live Science: "يُعد الزئير نادراً للغاية بين القطط، وقد تطور في سلالة معينة من القطط الكبيرة". وتشكل هذه القطط جنس النمور الذي يشمل الأسود والببور واليغور والنمور. ويتمثل الاستثناء الوحيد في نمر الثلوج، الذي ربما قد فقد قدرته على الزئير، وفقاً لما قاله وايبل ودراسة نشرتها دورية Journal of Anatomy.
ومثلما هي فسيولوجية البشر، تصدر أصوات القطط من مربع الصوت المسمى بالحنجرة.
ويبدأ الفرق بين القطط التي تزأر والتي تقرقر من هنا، رغم عدم معرفة كيفية إصدار القطط هذه الأصوات بالضبط، بحسب ما أوضحه وايبل.
الزئير ينبعث من العظام اللينة في الحلق
تقع الحنجرة لدى الثدييات في الحلق، حيث يُصدِر الهواء الذي يمر عبر الهياكل أصواتاً. تُعد العظام اللامية والأحبال الصوتية أجزاء أساسية من الحنجرة التي تصدر الأصوات لدى القطط، حسب موقع Discover Wild Life.
قال وايبل: "تمتلك جميع الثدييات عظاماً في رقابها بالقرب من الفك السفلي وهي الجهاز اللامي، وتتصل هذه العظام بقاعدة الجمجمة، إما مباشرة وإما عن طريق أنسجة رابطة". وتكمن أحد الاختلافات المهمة بين الفصائل التي تزأر والأخرى التي تقرقر في الجهاز اللامي.
وقال وايبل: "تحظى الفصائل التي تزأر بترتيب فريد لزوج واحد من عظام الجهاز اللامي، يسمى فوق اللامي. وبدلاً من التكوين العظمي، فهي عبارة عن نسيج رابط مرن ممدود". ويُعد الغضروف المرن للحيوان هو المسؤول عن خفض الحنجرة في الحلق، مما ينتج عنه صوت أعمق.
القرقرة تأتي من الاختلافات في الحنجرة
وقال وايبل إن ثمة اختلافاً كبيراً آخر بين القطط القادرة على الزئير وتلك القادرة على القرقرة، ويكمن في الحنجرة، ويضطلع بدور مهم في إصدار القرقرة. "تصدر القرقرة نتيجة الانقباض السريع للغاية للعضلات الموجودة في الأحبال الصوتية داخل الحنجرة".
تمتلك القطط القادرة على الزئير طبقات خلية أطول وأثقل وأكثر مرونة وسمنة ودهنية أكثر، وتشكل تلك الأحبال الصوتية. تتسم هذه الخلية بأنها قوية ومرنة، مما يتيح لهذه القطط إصدار صوت زئير بطبقة صوت منخفضة، وفقاً لما ورد في بحث نشرته دورية PLOS One عام 2011، ولكنها لا تمنحها القدرة على القرقرة.
قال وايبل إنه مهما كانت التطورات الفسيولوجية التي أدت إلى قرقرة القطط، "لابد من أنها وفَّرت بعض المزايا التطورية؛ حتى تبقى في سلالة القطط".