لا يقتصر الأمر على أننا سنُحرم من العسل إلى الأبد، فإذا ما حدث وانقرض النحل سيعاني البشر من أزمة في الإمدادات الغذائية العالمية، وستنقرض أنواع عديدة من الحيوانات والنباتات بسبب الخلل الهائل الذي سيصيب التوازن البيئي، كما سيتأثر اقتصاد العديد من الدول حول العالم، كيف؟ تعالوا نشرح لكم الأمر بالتفصيل:
ماذا يحدث إذا انقرض النحل؟
للإجابة عن هذا السؤال يجب أن نفهم أولاً الدور المهم الذي يقوم به النحل في عملية تلقيح النباتات.
من المعلوم أن التلقيح هو عملية نقل حبوب اللقاح من العضو الذكري في الزهرة (المِئبر) إلى العضو الأنثوي في الزهرة (الميسم)، وبذلك تستطيع النباتات أن تتكاثر، وتتم عملية النقل تلك بطرق متعددة، فقد تقوم الرياح بمهمة نقل حبوب اللقاح، أو قد تتولى الطيور والحشرات وحتى الخفافيش تلك المهمة.
وبالعودة إلى موضوعنا الأصلي يُعتبر النحل من أهم الملقحات، خاصة بالنسبة لنا نحن البشر، فالنحل يقوم بتلقيح 70 نوعاً من المحاصيل من أصل 100 محصول أساسي يتغذى عليه 90% من سكان العالم وفقاً لـBBC.
وفي حال انقرض النحل سنفتقد إلى الفاكهة بشكل أساسي، إذ يقوم النحل بتلقيح حوالي 75 % من النباتات المُزهرة، لتتمكن في نهاية المطاف من إنتاج الفاكهة، وفقاً لوكالة ناسا.
بمعنى آخر، في عالم خالٍ من النحل سيُكافح سكان الكرة الأرضية الذين يزيد عددهم عن 7 مليارات في تأمين عناصر غذائية أساسية كانت يوماً ما متاحة لديهم بوفرة، بينما سيفقدون ما يقرب من ثلث المواد الغذائية التي كانوا يعتمدون عليها، ما سيسبب أزمة غذائية قد تؤدي إلى حدوث مجاعات في بعض المناطق.
خلل في التوازن البيئي
لن يكون البشر وحدهم المتضررين، بل الحيوانات كذلك، إذ تعتمد الكثير من الحيوانات في غذائها على النباتات التي يقوم النحل بتلقيحها وفقاً لمنظمة السلام الأخضر.
على سبيل المثال، يتكون العلف الذي يتم تغذيته للماشية بشكل كبير من البرسيم الذي يساهم النحل في تلقيحه.
يقوم النحل أيضاً بتلقيح مجموعة واسعة من النباتات التي تعتمد عليها الحيوانات الأخرى، من التوت الذي تأكله الدببة إلى البذور التي تأكلها الطيور.
وبالتالي فإن انقراض النحل سيؤدي إلى تناقص أعداد الحيوانات التي لن تجد غذاء لها، الأمر الذي ستكون له تبعات على البشر أيضاً.
وبالتأكيد سوف تنقرض أنواع نباتية كثيرة مع انقراض النحل، الأمر الذي سيؤدي إلى خلل في التوازن البيئي بشكل عام.
النحل والاقتصاد
بفضل النحل يضخ سنوياً 30 مليار دولار في الأسواق من المحاصيل التي يلقحها النحل فقط، فضلاً عن ملايين الدولارات التي تنتجها صناعة العسل.
فقدان النحل يعني خسارة كل تلك الأموال، بالإضافة إلى خسارة المليارات المكتسبة من صناعات يدخل فيها القطن والكتان، وهما محصولان يسهم النحل في تلقيحهما أيضاً.
ولن ننسى أيضاً تأثر قطاعات صناعية أخرى مثل قطاعات التجميل والعناية بالبشرة، التي تعتمد بشكل كبير على شمع العسل في منتجاتها.
بعيداً عن الافتراضات.. النحل في خطر حقيقي
وفقاً لما ورد في موقع The Conversation، يوجد أكثر من 800 نوع من النحل البري داخل أوروبا، سبعة منها مصنفة من قبل الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة (IUCN) على أنها مهددة بالانقراض.
وهناك 46 نوعاً آخر معرضاً للخطر، و24 نوعاً مهدداً بالتعرض للخطر، و101 نوع على وشك أن يصبح مهدداً.
أما عن التهديدات التي تسبب تناقص أعداد النحل باضطراد حول العالم، نذكر التغير المناخي واستخدام المبيدات الحشرية وانتشار بعض أنواع الكائنات المفترسة للنحل.
وفي حين أنه من غير المحتمل أن تنقرض جميع أنواع النحل في وقت قريب، فإن فقدان هذه الأنواع المهددة سيكون له تأثير كبير على عملية التلقيح في جميع أنحاء العالم، وقد نفقد بعض أنواع النباتات التي نعتمد عليها في طعامنا.