إذا كان جدولك اليومي ممتلئاً بالكثير من المشتتات والمهام الأساسية، ومع ذلك قد تحتاج إلى استغلال وقت الطريق من وإلى العمل مثلاً، وتقرر الاستماع إلى كتاب صوتي على هاتفك الذكي. هذا الفعل البسيط اتَّضح أنه قد يُحقق لك استفادة أكبر من الكتاب عمّا إذا قمتَ بقراءته ورقياً بشكل مباشر، أو حتى مشاهدته في حلقة وثائقية ربما، أو في هيئة فيلم درامي مقتبس عن قصته.
تفاعُل عاطفي أكبر مع القصة المسموعة
وفي تجربة أُجريت عام 2018، ونشرتها صحيفة The Sun، تم اختبار مشاهد مؤثرة من 8 أفلام مقتبسة من كتب روائية وقصصية، من بينها Game Of Thrones وPride And Prejudice وThe Silence Of The Lambs.
وتبيّن أن المشاركين الذين يستمعون إلى تسجيل لكتاب صوتي كانوا أكثر تفاعلاً جسدياً وعاطفياً مع القصة وتفاصيل الأحداث فيها، عن أولئك الذين شاهدوا نفس المشهد بتنسيق مرئي من فيلم أو تلفزيون.
ومن خلال التعاون مع تطبيق Audible للكتب المسموعة، وجد باحثون لجامعة UCL البريطانية، أن المستمعين للكتب المسموعة كان لديهم معدل ضربات قلب ودرجة حرارة أعلى في جسمهم، ما يُشير إلى استجابة عاطفية أكثر وأشد للمادة.
وقال أستاذ علم النفس التجريبي بالجامعة، جوزيف ديفلين، والباحث الرئيسي في المشروع: "الاستماع إلى قصة كتاب صوتي أنتج تفاعلاً عاطفياً وفسيولوجياً أكبر من مشاهدة المشهد على الشاشة أو حتى عند قراءة الكتاب الورقي، كما تم قياس هذا التفاعل بواسطة كل من معدل ضربات القلب والكهرباء، وأي نشاط جلدي ناجم عنها".
تفاعل جسدي أقوى عند سماع كتاب صوتي
ورغم أنه عند إجراء الاستطلاع افترض المشاركون أنهم كانوا أقل تفاعلاً مع المادة المسموعة، فإن أجهزة الاستشعار البيومترية كشفت عكس ذلك، وبعد الانتهاء من المرحلة الأولى من الدراسة متعددة المراحل اتَّضح أن القلب تفاعل مع القصة بصورة أكبر فعلاً عند تلقيها في هيئة كتاب صوتي.
وقام الباحثون بحسب The Sun بتتبع الاستجابات الواعية لمقاطع الصوت والفيديو من خلال مجموعة متنوعة من الاستطلاعات، أثناء قياس معدل ضربات القلب والنشاط الكهربائي باستخدام مستشعرات القياس الحيوي. وكان متوسط معدل ضربات قلب المشاركين أعلى عندما كانوا يستمعون إلى كتاب صوتي بحوالي خفقتين إضافيتين في الدقيقة، عن معدلها أثناء مشاهدة الفيلم المرئي.
كما كان لدى المشاركين أيضاً ذروة أعلى لمعدل ضربات القلب خلال القصة بأربع نبضات زائدة في الدقيقة، وكانوا أدفأ بدرجتين تقريباً مما كانوا عليه عند مشاهدة نفس المشهد على الشاشة.
تأثير عامل الإلقاء الصوتي ونبرة الشخص الراوي للقصة
لعل من أبرز الفوارق بين قراءة الكتاب ورقياً أو سماع كتاب صوتي عامل الإلقاء ونبرة الشخص الراوي للقصة.
وبحسب موقع Psychology Today لعلم النفس، فإن النص المكتوب ليس له راوٍ سوى الصوت الافتراضي للأحداث الذي في رأسك، وهو عادة ما يبذل قصارى جهده لتقديم صوت موضوعي دقيق للمؤلف.
ولكن في حال استماع الشخص لكتاب صوتي، نبرة الراوي تُحدث فرقاً كبيراً في تعزيز تجربة التفاعل مع القصة، تماماً كما يحدث بالنسبة لتأثير مشاهدة المسرح.
ومع ذلك لا تعد الكتب الصوتية هي الخيار الأمثل دوماً، إذ يلعب موضوع الكتاب وصوت الراوي دورين كبيرين في إيصال هذه التجربة على الصورة المثلى.
ومع ذلك، عملت دراسة أُجريت عام 2016، ونشرتها مجلة Sage Journal العلمية للأبحاث، وحملت عنوان "هل الطريقة مهمة؟ آثار القراءة والاستماع وازدواج النمط على الاستيعاب"، على البحث في هذه الاختلافات.
وفي البحث، استمعت إحدى المجموعات في دراستها إلى أقسام من كتاب Unbroken، وهو قصة واقعية عن الحرب العالمية الثانية، بينما قرأت المجموعة الثانية الأجزاء نفسها على قارئ إلكتروني غير صوتي. وضمت الدراسة مجموعة ثالثة قرأت واستمعت للكتاب في نفس الوقت.
وبعد ذلك أجرى الجميع اختباراً قصيراً مصمماً لقياس مدى جودة استيعابهم للمادة. وفي نتائج البحث الذي نشرته صحيفة Time: "لم نجد فروقاً ذات دلالة إحصائية في الفهم بين القراءة أو الاستماع أو القراءة للشاشات على أجهزة القراءة الإلكترونية، وذلك بسبب عامل القراءة في جهاز غير ورقي".
فوائد الاستماع لكتاب صوتي متعددة ومتنوعة
بغض النظر عن التفضيلات الشخصية، الكتب الصوتية تقدم الكثير من الفوائد العقلية، من تحسين فهم القراءة والتفاعل مع القصة وصولاً إلى توسيع المفردات. وهي تشمل الآتي وفقاً لموقع Chirp Books:
1- الاستماع لكتاب صوتي يساعد في تحسين الفهم والمفردات اللغوية
إن سماع كلمات جديدة -بغض النظر عن قراءتها أو التفاعل معها- يمكن أن يساعد بشكل كبير في الفهم وكسب المفردات، خاصة للأطفال ومتعلمي اللغة الثانية.
تماماً مثلما تشجع فصول المدارس الابتدائية الأطفال حديثي القراءة لقول الكلمات بصوت عالٍ، فإن الكتب الصوتية تعزز نفس عادات التعلُّم الصحيحة. وبحسب أستاذة الأطفال الأمريكية ماري بيث كروسبي، فإن "المتابعة بصرياً أثناء الاستماع يمكن أن تعزز القدرة على التعرف على الكلمات، بينما الاستماع وحده يمكن أن يوسع المفردات".
وتوفر الكتب المسموعة أدلة سياق فريدة ونغمات يمكن أن تساعد القراء على فهم معنى كلمات معينة وتطبيقها بشكل أفضل.
2- الاستماع لكتاب صوتي تحفّز عقولنا على تخيل القصة بشكل أفضل
تخلق الصور المفعمة بالحيوية والشخصيات العميقة في الكتب نوعاً من السحر الخاص، بغض النظر عن التنسيق، لكن دراسة أجرتها مجلة التعلم والسلوك اللفظي عام 1981، وجدت أن أدمغتنا من المرجح لها أن تخلق صوراً أكثر تعقيداً عندما نستمع إلى قصة -على عكس ما يحدث عند قراءتها بشكل تقليدي- لأنها تتيح مساحة أكبر للعقل في خلق الصورة.
3- الكتب الصوتية تساعد على إرفاق معنى أعمق للعبارات
عندما تقرأ كتاباً ورقياً يتم التركيز كثيراً على ملء الفجوات: تبدأ في تخيُّل الأصوات والضوضاء الخلفية واللهجات وغير ذلك، وهذه كلها تفاصيل يحتاجها العقل لإنشاء صورة كاملة.
لكن في دراسة أجرتها جامعة تكساس الأمريكية باختبار ما إذا كان سماع كتاب صوتي مقابل قراءته، يؤدي إلى اختلاف في الفهم، أظهرت النتائج أن الاستماع إلى الكتب الصوتية يسهم في استيعاب العبارات بسرعة أكبر لأنه يوّفر مرحلة تخيُّل ما قد تبدو عليه أصوات تلك التفاصيل، مقابل قراءتها ورقياً.
4- بديل فعال للقارئ الذي يعاني من أجل التركيز
قد يجد الأطفال الصغار والأشخاص المصابون بعُسر القراءة والمعاقون بصرياً أو الذين يعانون من اضطرابات التركيز مثل ADHD، أنه يمكنهم فهم واستيعاب والاستمتاع بقدر أكبر من القصة عند الاستماع إلى كتاب صوتي مقارنة بقراءة الكلمة المكتوبة.
ويوضح موقع Chirp Books أن أي شخص يجد صعوبة في القراءة قد يستفيد من الاستماع إلى كتاب صوتي بصورة أكثر بكثير من الكتب الورقية، وحتى الأفلام المرئية التي قد تشتت الانتباه عن تفاصيل مهمة في القصة، إذ يستخدم الجهد الإضافي المتضمن في قراءة الكلمات موارد عقلية قد يحتاجها من أجل الفهم والتذكُّر.