استبعدت اليابان فكرة السماح لامرأة بالصعود إلى العرش الإمبراطوري، في ظل مساعٍ حثيثة من أجل حل أزمة الخلافة الوشيكة في البلاد، وذلك رغم الدعم الشعبي الكبير ونقص الورثة من الذكور، ما قد يُهدّد بانهيار خط الخلافة، الذي يعود تاريخه إلى ألفي عامٍ مضت، وذلك وفق ما ذكرته صحيفة The Times البريطانية، الأربعاء 28 يوليو/تموز 2021.
حسب التقرير نفسه، فإن مستشاري الحكومة يعملون الآن على طريقةٍ لحل الأزمة، لكنهم لن يُفكّروا حتى في خيار السماح للأمراء الإمبراطوريين بالحكم كأباطرة، وفقاً لوسائل الإعلام الإمبراطورية، فيما يبدو أنّ اللجنة ستخضع لإرادة من عيّنوها من الساسة القوميين المحافظين في حكومة رئيس الوزراء يوشيدي سوغا.
الذكور فقط!
تقول الصحيفة البريطانية، إن التقليديين يعتقدون أنّ أباطرة اليابان فريدون من نوعهم، نظراً لانحدارهم من سلالةٍ ذكورية لم تُكسر منذ ألفي عام، أي منذ عهد إلهة الشمس أماتيراسو في الأساطير. وهم يرون أنّ وجود إمبراطورٍ وولي عهد في صحةٍ جيدة بمنتصف العمر وعمر المراهقة هو أمرٌ سوف يمنحهم جيلاً كاملاً على الأقل للعثور على حلٍّ بديل.
بموجب قانون البيت الإمبراطوري في اليابان، يُمكن فقط لطفلٍ ذكر من نسل الإمبراطور الذكر أن يصعد إلى العرش خليفة، لكن المشكلة تكمُن في أنّ ذكور عائلة الإمبراطور ناروهيتو (61 عاماً)، الذي صعد إلى العرش في مايو/أيار من العام الماضي، عقب تنازل والده عن العرش، قد بدأوا في النفاد.
حيث خضعت زوجته الإمبراطور ماساكو (57 عاماً) لعلاج الخصوبة، أملاً في ولادة وريث، وأنجبت طفلتها الوحيدة الأميرة إيكو عام 2001، بينما أنجبت زوجة شقيق ناروهيتو الأصغر، ولي العهد فوميهيتو (55 عاماً)، ولداً هو هيساهيتو (14 عاماً). وباستثناء ذلك لم يتبقَّ في تسلسل الخلافة من الذكور سوى عم الإمبراطور الأمير هيتاشي (85 عاماً).
إصلاحات جديدة وسط ضغط من المحافظين
قبل ثلاث سنوات مرّر البرلمان الياباني قانوناً يسمح للإمبراطور السابق أكيهيتو (87 عاماً) بالتنازل عن العرش، وفي تسويةٍ تهدف إلى تأمين دعم أحزاب المعارضة، وعدت الحكومة حينها بفحص كافة التغييرات المتاحة على نظام الخلافة الإمبراطوري، لكن العملية تأخرت بسبب ضغط المحافظين داخل الحزب الليبرالي الديمقراطي الحاكم.
شملت الاحتمالات إصلاح القوانين المرتبطة بالأميرات الإمبراطوريات، حيث تضطر الأميرات بموجب القانون الحالي إلى التنازل عن مكانتهن الإمبراطورية عند الزواج.
في حال السماح لهن بالبقاء في العائلة الإمبراطورية، فسوف يتسنّى لأولادهن الانضمام إلى تسلسل الخلافة، رغم أنّ ذلك لن يُرضي التقليديين المقتنعين بأن الخلافة يجب أن تأتي عبر نسلٍ ذكوريٍّ فقط.
وكما قال أمير ميكاسا الراحل الأمير توموهيتو: "على مدار 125 جيلاً، من الإمبراطور الأول جيمو في عصر الأساطير وحتى الآن، ظلّ تسلسل الخلافة مقصوراً على نسل الذكور فقط بدون أي استثناء، وهذا ما يُضفي على الأمر قيمته الكبرى.
إذ جرى تمرير الكروموسوم واي من الإمبراطور جيمو باستمرار إلى كل فردٍ من أفراد العائلة الإمبراطورية (عبر النسل الذكوري)، وإذا غيّرنا هذا النظام فسوف يُثار الجدل التالي في وقتٍ ما مستقبلاً ليقول البعض: "لسنا بحاجةٍ إلى إمبراطورٍ بعد الآن".
والاحتمالية الأخرى التي ستنظر فيها اللجنة تتعلّق بأحفاد العائلات الأرستقراطية السابقة، ذات المكانة الإمبراطورية التي ألغاها الاحتلال الأمريكي بعد هزيمة اليابان في الحرب عام 1945. وتكمن الفكرة في إمكانية استعانة أفراد عائلة الإمبراطور بسليل إحدى تلك العائلات عن طريق التبنّي، لإعادة إحياء دمها الإمبراطوري القديم.
اللجوء للعائلات الأرستقراطية
أما الاحتمالية الثالثة فهي إعادة الأفراد الذكور من العائلات الفرعية السابقة رسمياً إلى الحظيرة الإمبراطورية، وبالتالي إعادة بناء الطبقة الأرستقراطية التي أُلغِيَت قبل ثلاثة أرباع قرنٍ تقريباً.
فيما تُظهِر استطلاعات الرأي أنّ غالبية العامة سيسعدون برؤية امرأة تتولّى العرش الإمبراطوري، كما أنّ العديد من الساسة منفتحون على الفكرة، وبينهم الأعضاء الأكثر ليبرالية في حزب سوغا.
حيث قال تارو كونو، عضو الحكومة ورئيس الوزراء المستقبلي المحتمل: "أعتقد أنّه من المحتمل القبول بفكرة صعود الأميرات الإمبراطوريات، ومن بينهن الأميرة إيكو، إلى العرش مستقبلاً. إذ لم يتبقَّ سوى وريث واحد من الجيل التالي للعرش (حالياً). ونحن بحاجة إلى التفكير فيما سنفعله حين لا يتبقى أي ورثة من الذكور".