أعادت الأزمة الصحية التي يعيشها العالم الذاكرة للمغاربة، عندما قرر الملك الراحل الحسن الثاني، إلغاء عيد الأضحى ثلاث مرات، الأولى والثالثة بسبب الظروف الاقتصادية التي كانت تمر بها المملكة، والثانية بسبب موجة الجفاف التي ضربت البلاد.
وألغى ملك المغرب عيد الأضحى لأول مرة سنة 1963 حين كان المغرب يعيش أزمة اقتصادية خانقة في أوج حرب الرمال التي خاضها ضد الجزائر، والثانية سنة 1981، وكان المغرب يمر بأزمة جفاف زاد من استفحالها برنامج التقويم الهيكلي لحكومة المعطي بوعبيد.
وآخر مرة ألغى فيها المغرب عيد الأضحى كانت سنة 1996، عندما أعلن الملك الراحل عن إلغاء شعيرة ذبح أُضحية العيد، بسبب الجفاف الذي كان يعيشه المغرب وقتئذ، ومخافة أن تؤدي قلة عرض الأضاحي في الأسواق المغربية إلى الزيادة في أثمانها، وحرمان عدد من الأسر المغربية ذات الدخل المحدود من شرائها.
لا عيد بسبب الجزائر
بعد سنة تقريباً من حصول المغرب على استقلاله، وبالضبط في سنة 1963، اندلع صراع مسلح بين المغرب والجزائر في أكتوبر/تشرين الأول من السنة نفسها، بسبب مشاكل حدودية، وذلك بعد عدة شهور من المناوشات بين البلدين.
اندلعت حرب مفتوحة بين الجارين في منطقة تندوف وحاسي بيضة، ثم انتشرت إلى فكيك واستمرت أياماً معدودة، وهي المعروفة بحرب الرمال، والتي استنزفت المغرب اقتصادياً، وتسببت في أزمة مالية خانقة وصلت إلى حدّ منع الاحتفال بعيد الأضحى.
قرار إلغاء عيد الأضحى قسّم المغاربة إلى صنفين؛ فمنهم من لم يتقبلوا ذلك واختاروا تحدي قرار الجالس على العرش من خلال اختيار الليل موعداً لنَحْرِ الأضحية، أو من خلال الذبح السري في إحدى المناطق النائية، ومن لم يتكبّدوا عناء التخفّي أو التستر على الأمر وامتثلوا لقرار الراحل الحسن الثاني، أما الفئة الثانية فتمثلت لأوامر ملك البلاد، وألغت كل احتفالات عيد الأضحى، على الرغم من أنه سُنة مؤكدة، حسب الشريعة الإسلامية.
مغاربة بدون عيد بسبب الجفاف
ولم يمر قرار إلغاء عيد الأضحى سنة 1981 دون مشاكل، إذ قام مجهولون بذبح كلبين ووضع جثتيهما في واجهة مبنى بمدينة كلميمة بالجنوب الشرقي للمغرب، مع كتابة عبارات مناوئة لقرار الملك.
وأدى فعل ذبح الكلبين إلى اعتقال وتعذيب عدد من سكان المدينة في تلك السنة، وبعدها بأربع سنوات تكرّر التعذيب والاعتقال بقرية قريبة على خلفية القضية ذاتها، في واحد من أشهر ملفات سنوات الرصاص بالمغرب.
وفي عيد أضحى سنة 1996، قرر الملك الحسن الثاني ذبح كبش العيد نيابةً عن المغاربة الذين التزمت غالبيتهم بمنع شعائر عيد الأضحى، رغم أن عدداً من المغاربة اختاروا ذبح كبش العيد في سريةٍ، بعيداً عن أعين السلطات.
وقال وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية حينها، عبدالكبير العلوي المدغري، إن "سنوات الجفاف التي مرّت بالمغرب، خاصةً عام 1995، تدفع إلى قرار إلغاء الأضاحي.. ورغم أنَّ ذبح الأضحية سُنة مؤكدة فإن إقامتها في هذه الظروف الصعبة من شأنها أن تتسبب في ضرر محقق".
وقال الحسن الثاني في رسالته التي وجهها للشعب المغربي، إنَّ "ذبح الأضاحي سيؤثر على مخزون المغرب من الماشية، زيادة على ما يطرأ على أسعارها من ارتفاع يضرّ بالغالبية العظمى من أبناء الشعب المغربي، لاسيما ذوي الدخل المحدود".