كثيراً ما يُنظر إلى ظاهرة سيلان اللعاب على أنها من سمات الأطفال الصغار الذين لم يمتلكوا بعد القدرة على السيطرة بشكل كامل على أفواههم أو عضلات البلع لديهم، ومع ذلك يحدث سيلان اللعاب لدى البالغين في بعض المناسبات أيضاً، أبرزها أثناء النوم خلال ساعات الليل.
ونظراً لأن الموضوع محرج ويسبب الانزعاج عند المصابين به، نادراً ما يحاول الأشخاص مناقشة أسبابه، أو البحث وراءه للحصول على علاج جذري له.
في هذا التقرير نستعرض أسباب سيلان اللعاب عند البالغين، ومتى قد يشير إلى مشكلات صحية تستلزم العلاج والمتابعة، وكيف بالإمكان التخلُّص منه بشكل صحي ونهائي.
أسباب حدوث سيلان اللعاب
ينتج الجسم عادة أكثر من لتر واحد من اللعاب يومياً، ويتم إنتاج هذا السائل عن طريق الغدد اللعابية، وعادة ما يتم ابتلاعه وإعادة تدويره عبر مجرى الدم، ويحدث سيلان اللعاب عندما يتجمع اللعاب داخل الفم بدلاً من ابتلاعه في البلعوم والمعدة، وبالتالي يسيل اللعاب متجاوزاً الشفاه، وهو ما يتكرر بشكل خاص خلال النوم.
1- الفم المفتوح
وحول أسباب ارتباط ذلك بالنوم، يقول موقع Very Well Mind إن عضلات الجسم كعادتها تسترخي أثناء النوم، خاصة أثناء نوم حركة العين السريعة أو ما يُعرف باسم الـREM Sleep، وحينها من الممكن أن ينفتح الفم وتتراخى عضلاته.
وبطبيعة الحال، ترتبط وضعية النوم في التأثير على هذا النوع من تراخي عضلات الفم، وبالتالي سيلان اللعاب، فالنوم على الجانبين مثلاً يزيد من احتمالية تسرُّب اللعاب بدلاً من ابتلاعه.
2- انسداد الأنف
أحد أكبر أسباب فتح الفم أثناء الليل هو عدم القدرة على التنفس بشكل جيد وطبيعي من خلال الأنف، وبالتالي إذا كان هناك احتقان أنفيّ لدى الشخص المصاب عادة بسيلان لعابه أثناء النوم، فإن خياره الوحيد حينئذ هو التنفس من خلال الفم. وإذا حدث هذا أثناء النوم فقد يحدث سيلان اللعاب خلال ساعات الليل.
وقد يحدث احتقان الأنف بشكل عرضي مع الإصابة بنزلات البرد أو أعراض الحساسية، مثل حمى القش والحساسية الموسمية، وبالإضافة إلى ذلك قد يسد الحاجز الأنفي المنحرف مجرى الهواء في الأنف، ما يُسهم في إرغام الشخص على التنفس من خلال فمه. ونتيجة لهذا الانسداد قد يكون نوم الشخص المصاب مصحوباً بالشخير وانقطاع النفس النومي مع سيلان اللعاب.
3- اضطرابات المعدة
يوضح موقع Healthline الصحي أن اضطراب الانعكاس المعدي المعوي (GERD) هو حالة هضمية تتدفق فيها محتويات المعدة إلى المريء مرة أخرى عند الاستلقاء، ما يؤدي إلى إتلاف بطانة المريء.
ويمكن أن يسبب هذا النوع من ارتجاع المريء في حدوث عسر البلع (وهو صعوبة متواصلة في البلع) أو يجعلك تشعر وكأن لديك كتلة في حلقك لا تزول أبداً. ويؤدي هذا الشعور المزمن نتيجة الحالة الصحية إلى سيلان اللعاب المفرط لدى بعض الناس.
4- آثار جانبية لبعض العقاقير
يمكن لبعض الأدوية أن تجعلك أكثر عرضة لسيلان اللعاب. وثبت أن الأدوية المضادة للذهان (خاصة كلوزابين) والأدوية المستخدمة لعلاج مرض الزهايمر تسبب سيلان اللعاب المفرط.
ويمكن أن تؤدي بعض المضادات الحيوية أيضاً إلى الترويل وفقاً لموقع Healthline.
5- اضطرابات البلع
عسر البلع هو مصطلح لأي حالة تخلق صعوبة في البلع، وإذا كنت مصاباً بسيلان اللعاب بشكل مفرط، سواء ليلاً أو بشكل عارض أثناء الاستيقاظ، فقد يكون سيلان اللعاب عرضاً تحذيرياً لحالة صحية كامنة.
ويمكن أن يسبب مرض التصلب العصبي المتعدد، ومرض باركنسون، والحثل العضلي، وحتى بعض أنواع السرطان، عسر البلع الذي يؤدي بدوره إلى صعوبة في ابتلاع اللعاب بصورة طبيعية.
6- توقف التنفس أثناء النوم
عندما يعاني الشخص من انقطاع التنفس أثناء النوم، ينقطع نومه بصورة متكررة لأن الجسم يتوقف عن التنفس من حين لآخر أثناء الليل، ويعاني درجة من درجات الاختناق.
ويمكن أن يكون سيلان اللعاب عامل خطر للإصابة بانقطاع النفس النومي.
وفي بعض الحالات قد يكون انقطاع النفس النومي خطراً كبيراً على حياة الشخص وسلامته، ويجب الحصول على التشخيص المناسب والعلاج الفوري.
وإذا كان لعابك يسيل كثيراً في الليل، فاسأل نفسك إذا كان لديك أي من العلامات الأخرى لانقطاع التنفس أثناء النوم، مثل:
- الشخير بصوت عالٍ.
- الاستيقاظ والشعور بالدوخة أو ضيق التنفس أثناء الليل.
- مشاكل الانتباه أو صعوبة التركيز أثناء النهار.
- النعاس أثناء ساعات الاستيقاظ.
- التهاب الحلق أو جفاف الفم عند الاستيقاظ.
7- أسباب أخرى لسيلان اللعاب
يمكن أن تتسبب العدوى والحالات العصبية وغيرها من المشكلات في سيلان اللعاب لدى الشخص البالغ، حتى عندما يكون مستيقظاً.
وفي دراسة تم نشرها عام 2015 بحسب موقع Medical News Today، اتضح أن سيلان اللعاب المفرط شائع بين الأشخاص الذين يعانون من:
- تاريخ من إصابات الدماغ الرضّية.
- تاريخ من السكتات الدماغية.
- التصلب الجانبي الضموري.
- مرض الشلل الرعاش.
- الوهن العضلي الوبيل.
ويمكن أن تؤثر الاضطرابات العصبية على الأعصاب والعضلات التي تتحكم في البلع وغلق الفم بشكل طبيعي. وقد يواجه الأشخاص المصابون بالشلل الدماغي، على سبيل المثال، صعوبة في التحكم في العضلات المحيطة بالفم، ما قد يؤدي إلى سيلان اللعاب.
وتشمل الحالات الأخرى التي يمكن أن تؤدي إلى سيلان اللعاب ما يلي:
- التهاب لسان المزمار: تسبب هذه العدوى تورم لسان المزمار، وهو صفيحة غضروفية في مؤخرة الحلق تساعد الشخص على البلع.
- شلل الوجه النصفي: تسبب هذه الحالة ضعفاً خفيفاً إلى شديداً في العضلات على جانب واحد من الوجه.
- متلازمة Guillain-Barré: هذا الاضطراب المناعي الذاتي يضر بالأعصاب في جميع أنحاء الجسم.
الأعراض الجانبية لسيلان اللعاب
لا يعد سيلان اللعاب أمراً مزعجاً ومحرجاً فقط، خاصة إذا كنت تفعل ذلك أثناء النهار وخلال يومك الطبيعي، ولكنه قد يكون ضار أيضاً بالجسم. وتتضمن بعض المضاعفات الناتجة عنه وفقاً لموقع Sleep Advisor، ما يلي:
- الجفاف والعطش، وجفاف الفم والحلق.
- تشقق الشفاه أو الجلد حول الفم والإصابة بتقرّحات.
- تدهور سطح الجلد نتيجة التعرض المستمر للرطوبة والإصابة بالالتهابات.
- التهابات الرئة في الحالات القصوى التي يبقى فيها اللعاب عالقاً في الحلق.
- السعال ومشاكل البلعوم والرئة نتيجة استمرار المشكلة.
طرق العلاج والوقاية
1- تغيير وضع النوم الخاص بك
النوم على الظهر هو أفضل طريقة لمنع سيلان اللعاب المفرط. وإذا كنت من الأشخاص الذين يعانون من صعوبة النوم على جانبك، فقد يبدو التفكير في النوم على ظهرك حلاً ممكناً.
أما إذا كنت لا ترغب في تغيير عادات نومك فيمكنك التفكير في شيء مثل وسادة مخصصة ترفع فمك عن مستوى الانسكاب المعتاد لحدوث الترويل، واسمح للجاذبية بأداء وظيفتها.
2- العلاجات المنزلية
يوصي الأطباء وفق موقع Sleep Advisor، بالبحث عن طرق لجعل سائل اللعاب أكثر رقة، حتى لا يتجمع في فوضى لزجة على وسادتك. ويمكن أن يؤدي قضم شريحة من الليمون إلى الحيلولة دون ذلك، لأن التركيز القوي للحمضيات يمكن أن يخفف اللعاب ويرقّقه.
أيضاً يجب شرب الكثير من الماء، لأنه إذا كان جسمك رطباً بشكل مناسب، فلن يحتاج إلى إنتاج الكثير من اللعاب لترطيب الفم.
3- جهاز الفك السفلي
جهاز الفك السفلي هو أداة يمكن استخدامها لمنع مجموعة متنوعة من الحالات مثل سيلان اللعاب أو الشخير أو صرير الأسنان. ويمكن شراء بعضها من متجر الأدوية، بينما يحتاج البعض الآخر إلى وصفة طبية من طبيب الأسنان.
4- حقن البوتوكس
البوتوكس هو توكسين البوتولينوم المعروف بحقن الوجه لتنعيم وإزالة التجاعيد عن طريق شل العضلات تحت الجلد التي تنقبض لتسبب التجاعيد والخطوط المصاحبة لتقدم سن البشرة.
ويمكن تطبيق نفس المبدأ على الغدد اللعابية، عن طريق حقن البوتوكس فيها، بحيث لا يتمكنوا من العمل على إنتاج اللعاب بصورته الكثيفة المعتادة.
5- علاج مشاكل الحساسية والجيوب الأنفية
يوضح موقع Sleep Advisor أنه إذا كان سيلان لعابك ناتجاً عن الحساسية أو مشاكل الجيوب الأنفية، فإن علاج هذه الحالات سيساعد في تقليل أو القضاء على سيلان اللعاب.
وفي العادة قد تختفي هذه المشاكل من تلقاء نفسها، أو قد تختار تناول دواء لتخفيف الأعراض أثناء تعافي جسمك من نوبة الحساسية.
6- علاجات النطق وعضلات الفم
إذا كانت عضلات اللسان والفك لا تمتلك نطاقاً كاملاً من الحركة لدى الشخص المصاب، فقد يوصي الطبيب بعلاج النطق. كما قد يوصى أيضاً بدورة العلاج هذه للمرضى الذين لا تلتصق شفاههم بصورة طبيعية عند إغلاق الفم.
وهذا الحل ليس علاجاً فعالاً يأتي بنتيجة بين عشية وضحاها، ولكنه يمكن أن يساعد المريض على التحسن بمرور الوقت.