إذا كنت قد تساءلت يوماً حول ما تفكر فيه قطتك الأليفة وهي تنظر من النافذة وتجول بنظرها إلى الخارج، أو عن السبب الذي يجعلها تموء بصوت عالٍ أمام باب غرفتك إذا ما قمت بإغلاقه، فهذا لأن القطط لديها شخصية مستقلة ورغبات ومشاعر، ويمكنها التعبير عن نفسها مثلك تماماً.
وغالباً ما نمتلك علاقات قوية مع قططنا الأليفة لدرجة أنه يبدو لنا أحياناً كما لو أنه بإمكانها قراءة أفكارنا واستشعار حالتنا المزاجية، وحتى مُعاملتنا بالمِثل، وفقاً لطريقة تعاملنا معها.
تعرف شخصيات أصحابها
في مقابلة مع مجلة ناشيونال جيوغرافيك، يقول جون برادشو، خبير سلوكيات القطط بجامعة بريستول ومؤلف كتاب "القطط تشعُر – Cat Sense"، إنه بعد مراقبة القطط الأليفة لعدة سنوات، توصل إلى نتيجة مثيرة للاهتمام: أنها أكثر ذكاءً مما نتخيل.
ويوضح الخبير أن القطة الأليفة تعلم الكثير عن شخصية مالكها وجميع أفراد المنزل، وتستطيع تقييمهم وفقاً لمعايير معينة تقوم على إثرها بتحديد طرق تعاملها بما يتناسب مع كل منهم؛ لذلك نجد أن القطط تتعامل بصورة مختلفة مع كل شخص.
وهي تستطيع معرفة الشخصية القادرة على تدليلها وإكرامها في الطعام والمكافآت واللعب، وتُلازمه أكثر من غيره، وتدين له بالولاء مثل الكلاب تماماً، لكن بطريقتها الخاصة.
تُعاملنا مثل أبنائها!
كما تستخدم القطط مع صديقها البشري السلوكيات التي تستخدمها مع قططها الصغيرة.
ويوضح برادشو في مقابلة ناشيونال جيوغرافيك أنها حين تقوم مثلاً بتدليك يديها في أجسادنا وتصدر صوت الخرخرة، أو تمسح رأسها وذيلها فينا فهي تُعبِّر عن المحبة والود مثلما تفعل مع أطفالها. كما قد تحاول حتى تنظيفنا بلسانها، من مُنطلق الرعاية والاهتمام شأننا شأن القطط الصغيرة التي ترعاها.
تمتلك ذكاء من نوع خاص
وفي بحث أمريكي بعنوان ما مدى ذكاء القطط؟ تم نشره عام 2014، فإن القطط في الواقع ذكية مثل الكلاب على عكس ما يُشاع؛ الأمر فقط أن لديها نوعاً مختلفاً من الذكاء.
وعلى عكس الكلاب، القطط حيوانات اجتماعية وغريزتها مبنية على كونها تنتمي لمجموعات، لذا يمكن للقطط أن تدافع عن نفسها عند التعرض للخطر؛ وهي لا تحتاج إلى الاعتماد على الآخرين لصيد الطعام إذا ما عادت إلى بيئتها البرية.
وتشير النتائج إلى أن فضول القطط الذي يتفوق على سلوكها الحذر دليل أيضاً على ذكائها العالي.
وحول استعداد وقدرة القطط على العودة للعيش في البرية والنجاة نتيجة لذكائها في التعامل، توصل تحقيق لجامعة جنوب أستراليا ونشره موقع هافينغتون بوست إلى أن القطط الأليفة لا يمكنها أن تُصبح مستأنسة بشكل مفرط وتعتمد كلياً على البشر مثلما حدث في حالة الكلاب الأليفة، وبالتالي يمكن للقطط أن تفكِّر وتهتم بنفسها عند الضرورة، ووفقاً لبيئتها.
قد لا تُحب صُحبة القطط الأخرى
وعلى الرغم من كون القطط كائنات اجتماعية لا تحب الوِحدة، فإن الأمر لا يضمن أن قطتك الأليفة ستنسجم عند وضعها في المنزل مع قطط أخرى.
وبحسب موقع Modern Cat المختص بسلوكيات القطط الأليفة، فالقطة مثل الإنسان تماماً في التفاعلات والاختلاف الاجتماعية. لذلك يحتاج أصحاب الحيوانات الأليفة المتعددة إلى التأكد من أن جميع حيواناتهم المنزلية تشعر بالأمان والألفة قبل قرار تبنّيها.
ماذا تعرف عن لغة القطط الأليفة في الحب؟
أما عن لغة القطط الأليفة في الحب، فغالباً ما تتم مقارنتها مع لغة الكلاب في الوفاء لأصحابها والتعبير عن مشاعرها لهم. وهي المقارنة التي غالباً ما تدفعنا إلى الاعتقاد بأن القطط ليست حيوانات مُحبة، أو أنها لا تحب الإنسان بنفس القدر، أو حتى أنها منعزلة وانطوائية ومُتعجرفة.
وحول ذلك، توضِّح ميشيل ناجيلشنيدر، الباحثة الأمريكية المختصة بسلوك القطط: "تُظهر القطط عاطفتها بشكل مختلف عن الكلاب، وهي تُظهر محبتها لنا بعدة طرق مختلفة".
وتتمثل علامات الحب في وضع القطط لرؤوسها في مواجهة رؤوسنا عند الاستلقاء بمحاذاتنا، أو قيامها بالنوم والاستقرار على أجهزة اللابتوب أو الكتب أو أي نشاطات نصبّ فيها تركيزنا، وهي بذلك تُخبرنا أنها تريد هذا الاهتمام، وفقاً لمقابلة الباحثة مع مجلة Modern Cat.
وتضيف ميشيل أن إحدى العلامات التي يتم تفسيرها بشكل خاطئ هي عندما تستلقي قطة بالقرب منّا وتُعطينا ظهرها. موضحة: "يشعر البعض بالإهانة من ذلك، وكأن القطة تتعامل بتعجرُف، لكنها في الواقع كائنات مفترسة، تعرف أنها بأمان معك، ولذلك توليك ظهرها لأنها تثق بك".
انتبه.. القطط تشعر بالغيرة والغضب أيضاً
قم بإجبار قطتك على شيء لا يناسبها، مثل إلباسها رداء مزعجاً للقطط، وستجد أنها يمكنها التعبير عن استيائها بالركل والخربشة والمواء. وهذا لأن القطط تشعر بالغضب.
وتوضح بام جونسون بينيت، الخبيرة في مجال استشارات سلوك القطط، لمجلة Modern Cat: "إذا لم تشعر القطة أن أمامها خياراً، فعليك الحذر والتراجع خطوة إلى الوراء". وعلى الرغم من غضب القطط أحياناً وتعبيرها عن ذلك بشكل واضح، فإنها لا تحمل الضغائن أو تُفكِّر في الانتقام أو المساومة.
وتشعر القطط بالغيرة لأن نظامها الاجتماعي لا يعتمد على زعامة الشخصية الـ"ألفا" في مجموعتها، بل على التسلسلات الهرمية المرنة في العلاقات والمعاملات. وهي تتشارك في الوقت والألعاب، وتتناوب على امتلاك مواقع الموارد المهمة، مثل مواقع الطعام ومواقع المياه، وصولاً إلى ساعات اللعب مع مالكها.
ومع ذلك تشعر القطط بالغيرة إذا وجدت شُحّاً في الموارد؛ لذلك تنصح الخبيرة تخصيص عدة مواقع للطعام والماء في حال تبنّي أكثر من قط في البيت الواحد، لتجنُّب إثارة الغيرة والمعارك فيما بينها، وتوزيع وقت الترفيه واللعب بشكل ملائم فيما بينها.
لديها ما يشغل بالها بالفعل!
عندما تجد قطتك تحدّق في الخارج من النافذة، هي لا تفكِّر في الماضي أو المُستَقبَل مثل البشر، ولكنها تتابع بحرص العالم من حولها.
وبسبب طبيعتها المفترسة وغريزة الاصطياد لديها، فهي تتربص بأي حركة تبدر من الحشرات أو السيارات أو حتى النباتات المتطايرة حولها في الخارج.ورغم هذا الاستمتاع بالعالم الخارجي، الذي قد يماثل استمتاع القطط بالتلفاز أحياناً، يوضح موقع Scientific American أنه إذا عاشت القطة طوال حياتها في المنزل، فهي لن تشعُر بأي ضيق أو يفوتها تعلُّم سلوكيات أخرى مثل حاجة الكلاب للتجول في الهواء الطلق. مادامت تحظى بساعات كافية من الاهتمام واللعب مع مالكيها من البشر.