كشفت تقارير كتبها طيارون عن معاناتهم بعد العودة إلى ممارسة مهامهم في قيادة الطائرات، عقب أشهر من التوقف بسبب جائحة كورونا، التي أرغمتهم على البقاء لمدة طويلة في منازلهم، واعترفوا أن التخلص من صدأ التوقف عن الطيران لفترة أصعب مما كان متوقعاً.
بحسب تقرير شبكة CNN الأمريكية، الخميس 4 فبراير/شباط 2021، فإن التقارير التي كتبها الطيارون والمتاحة أيضاً للجمهور، كشفت أن مهاراتهم لم تكن على قدر الجاهزية التي توقعوها.
الطيارون يجدون صعوبة في استعادة مهاراتهم
كتب أحد الطيارين في تقرير صدر في يونيو/حزيران، يوضح سبب إغفاله أو إغفالها تشغيل نظام مكافحة التجمد الضروري: "كانت هذه رحلتي الأولى منذ ما يقرب من 3 أشهر. لقد وضعت الكثير من الثقة في افتراض أنني سأستعيد كل مهاراتي باعتبارها جزءاً من طبيعتي".
تقرير عن تلك الرحلة، التي هبطت دون وقوع حوادث، هو واحد من أكثر من 20 تقريراً يوثق تحديات العودة من الإجازات المرتبطة بالوباء. والتقارير متاحة من خلال نظام فيدرالي لتتبع أخطاء الطيران.
كما تبين من تحليل شبكة CNN الأمريكية للتقارير المتاحة للجمهور، التي سُلط الضوء عليها في تقرير حديث لصحيفة Los Angeles Times الأمريكية، أن طيارون اعترفوا بأن مهاراتهم لم تكن على قدر الجاهزية التي توقعوها.
إذ إن الفكرة وراء نظام الإبلاغ عن سلامة الطيران الذي تديره ناسا هو أن الكشف عن الأخطاء يسمح بالتحليل والتحسينات التي تجعل الطيران أكثر أماناً. وقد جُردت التقارير من المعلومات التعريفية -مثل شركة الطيران والمطارات التي شاركت- ونُشرت في قاعدة بيانات حكومية.
فهُم بحاجة لتدريب متكرر
في تقرير سابق لشبكة "CNN" الأمريكية، قال بريان ستروتون، عضو جمعية طياري الخطوط الجوية البريطانية، التي تمثل مصالح الطيارين في المملكة المتحدة، إن الطيارين بحاجة إلى تدريب متكرر ليتمكنوا من قيادة الطائرات من جديد.
يعني ذلك الامتثال للوائح تنص على نجاح الطيار في تنفيذ 3 عمليات إقلاع وهبوط، إحداها باستخدام مرفق القيادة الآلية في قمرة القيادة، خلال الـ90 يوماً الماضية.
من أجل التأهل للطيران خلال ساعات النهار والليل، يحتاج طيارون يشتغلون الرحلات التجارية إلى أداء 3 عمليات إقلاع وهبوط خلال ساعات الليل والنهار، خلال فترة الـ90 يوماً الماضية.
هناك فحوصات سنوية أخرى، والتي تشمل فحص كفاءة الترخيص، والذي يجب على الطيار أن يجريه كل عام للحفاظ على صلاحية رخصته كطيار. كما يجب على شركة الطيران التي توظف الطيار إجراء فحص لكفاءته التشغيلية كل 6 أشهر.
بعد أن أثر عليهم الجلوس في المنازل
كما كتب الطيار في تقرير مكافحة التجمد: "يعلم الجميع أن مهارات الطيران ودرجة المعرفة بسياسات/إجراءات الشركة تتضاءل بدرجة كبيرة مع عدم الممارسة. ومن أجل التحضير لرحلة بعد فترة من عدم الممارسة، كان عليّ تخصيص المزيد من الوقت لمراجعة واجباتي".
إذ تمتلك شركات الطيران وإدارة الطيران الفيدرالية أنظمة مطبقة تُلزم الطيارين بالاستمرار في الممارسة. وقد كان الطيار الذي قارب الثلاثة أشهر دون رحلة في طريقه لتطبيق قاعدة فيدرالية عليه تتطلب تدريباً إضافياً مخصصاً للطيارين غير النشطين بدرجة كافية لمدة 90 يوماً.
يقول خبير سلامة الطيران بيتر جويلز إن الخطر يكمن في أن كوارث الطيران غالباً ما تكون في نهاية سلسلة تبدأ بخطأ بسيط.
شهادات "خطيرة" من طيارين
إحدى أخطر المسائل التي وردت في التقارير كانت تخص طائرة هبطت دون إذن من مراقبي الحركة الجوية. وكتب أحد الطيارين أن طياري تلك الرحلة غمروا بالاضطرابات وغيرها من عوامل التشتيت أثناء اقترابهم من المطار، و"نسوا الحصول على تصريح الهبوط".
فقد أبلغ العديد من الطيارين عن انحرافهم عن الارتفاع المخصص لهم. ويظهر في الوثائق أن أحد الطيارين كان متوجهاً نحو المدرج الخطأ، وهو القرار الذي كان من الممكن أن يؤدي إلى تصادم، لو كانت هناك طائرة أخرى قريبة.
بينما قال أحد الطيارين إنه بعد رحلة أولى أعقبت توقف لعدة أشهر، تفاجأ بارتكاب خطأ في إدارة سرعة الطائرة.
فيما أبلغ العديد من الطيارين عن خطأ برمجة أجهزة الكمبيوتر أو الراديو. إذ قال طيار أبلغ عن اتصاله بالترددات الخاطئة أثناء اقترابه من المطار إنه "لم يقد طائرة منذ شهرين"، وفي المقعد الآخر كان زميله الذي "لم يُحلّق منذ ستة أسابيع".
في انتظار تعافي العالم من كورونا
كما قال كورتيس جونز، الطيار الأمريكي الذي عاد مؤخراً من إجازة غياب لمدة أربعة أشهر هي الأولى في حياته المهنية التي استمرت لثلاثة عقود، إنه -بصفته طياراً أعلى رتبة- استغرق بعض الوقت بعيداً عن الوظيفة لمنح الطيارين الأقل رتبة فرصة لمواصلة الطيران.
تُسيّر شركات الطيران حالياً رحلات أقل بنسبة 45% من المعتاد، وفقاً لمجموعة Airlines For America. لكن الصناعة تأمل أن يتعافى السفر مع تلقي المزيد من الناس لقاحات فيروس كورونا.
هذا النوع من الزيادة هو ما يتطلبه الأمر لأعداد أكبر من الطيارين من أجل العودة إلى الطيران. وفي غضون ذلك ستراقب شركات الطيران هذه المشكلة.
كيف أثرت جائحة فيروس كورونا على الطيارين؟
يجلس طياران من شركة الخطوط الجوية الفرنسية داخل جهاز محاكاة طيران "إيرباص A350" بمركز تدريب الشركة الذي يقع بالقرب من مطار شارل ديغول في باريس Credit: ERIC PIERMONT/AFP/AFP via Getty Images
ويمكن إجراء معظم هذه الفحوصات فيما يُعرف بمحاكاة "المستوى D"، بحسب ما قاله آدم توديل، وهو طيار متمرس والمدير التنفيذي لشركة "PrivateFly"، وهي منصة حجز للطائرات عند الطلب.
تقدم هذه التقنية أعلى تعريفات واستجابات واقعية، تماماً مثل تحليق الطائرة على أرض الواقع. وتعد أجهزة المحاكاة مهمة كذلك لمساعدة الطيارين في الحفاظ على كفاءة مهاراتهم. والتي يمكن ممارستها باستخدام برامج مثل "Microsoft Flight Simulator".
كما يحتاج الطيارون إلى الوصول إلى تجارب محاكاة طيران حقيقية واسعة النطاق. ولأجل تحقيق ذلك يجب أن تكون أجهزة المحاكاة متاحة.
كورونا وضعت 290 ألف طيار في المنزل
تتمثل أزمة الطيارين حالياً في الأنواع المختلفة من التدريبات والشهادات التي قد يضطر طاقم الطائرة إلى الالتزام بها إذا استمر توقف الطائرات لفترة طويلة، مع حقيقة بقاء غالبية الطيارين النشطين في العالم، ويزيد عددهم عن 290 ألف طيار، في المنزل.
للمساعدة في تخفيف الضغط المتراكم من انتهاء صلاحية الشهادات الطبية للطيارين وتصنيفاتهم، تمنح السلطات التنظيمية في جميع أنحاء العالم تمديدات زمنية للطيارين.
في الولايات المتحدة، قالت مساعدة المستشار الرئيسي لإدارة الطيران الفيدرالية، ناعومي تسودا، إنه نظراً للظروف الاستثنائية المتعلقة بالوباء العالمي، لن تتخذ إدارة الطيران الفيدرالية أي إجراء قانوني ضد الطيارين في حالات عدم الامتثال لمعايير مدة الشهادة الطبية إذا انتهت بين فترة 31 مارس/آذار و30 يونيو/حزيران.
من المؤكد أن تأجيل انتهاء صلاحية التراخيص والشهادات مفيد. ومع ذلك تواجه قوى العمل في شركات الطيران بعض العبء بسبب أزمة فيروس كورونا.