توصلت دراسة حديثة إلى أن المراهقين لديهم حساسية "التقاط" الحالة النفسية من أصدقائهم، فيما يبدو أن الحالات المزاجية السلبية أشد عدوى من نظيرتها الإيجابية.
بحسب صحيفة The Guardian البريطانية، الأربعاء 20 يناير/كانون الثاني 2021، فإن دراسة حملت عنوان "تقاسم العبء: عدوى الحالة النفسية وقابليتها للانتقال عبر الشبكات الاجتماعية"، قد عمدت إلى البحث في "العدوى العاطفية" بين المراهقين، وذلك لمعرفة تأثير الحالة النفسية للأفراد داخل شبكة اجتماعية مشتركة.
الحالة النفسية معدية
بحسب الصحيفة البريطانية، تبيّن للباحثين، وهم من جامعتي أكسفورد وبرمنغهام البريطانيتين، أن الحالة النفسية للأفراد تصبح مشابهة لتلك الخاصة بالأشخاص الذين يقضون وقتاً معهم، غير أن ذلك التأثر لا يقتصر على نوع معين من الحالات المزاجية، بل يتنوع باختلافها، وفي هذا السياق لا تقل شعبية المراهقين حادي الطباع بين أقرانهم عن أولئك الذين ينزعون إلى طباع أكثر ليناً أو مزاج أشد تفاؤلاً.
تشير الصحيفة إلى أن الدراسة استندت إلى البحث في حالة مجموعتين تضم موسيقيين تتراوح أعمارهم بين 15 و19 عاماً، شاركوا في جولات موسيقية مشتركة في الخارج، حيث احتفظ كل من المشاركين الذين بلغ عددهم 79 مشاركاً بمدونةٍ لتسجيل حالته المزاجية اليومية وتفاعلاته الاجتماعية.
من جانبه، قال أحد الباحثين الذين شاركوا في إعداد الدراسة، الدكتور بير بلوك، من مركز ليفرهولم للبحوث في جامعة أكسفورد: "تبيّن دراستنا على نحو قاطع أن الأفراد يتأثرون بما يشعر به الآخرون من حولهم، وأن الحالة النفسية معدية، وعلى الرغم من أن الحالة المزاجية الإيجابية والسلبية (قابلة للالتقاط)، فإن الحالة المزاجية السيئة تكون أشد عدوى على ما يبدو".
مع ذلك، تلفت الدراسة إلى ما تعتبره جانباً إيجابياً، وهو أن التأثر بالحالة المزاجية لا يقتصر على المشاعر السلبية ولا يتحرك في اتجاه واحد، فعلى الرغم من أن المراهق يتهدده خطر انتقال الحالة المزاجية السيئة لصديقه إليه، فإنه يمكنه أيضاً التأثير فيه بمزاجه الأكثر إيجابية.
وفيما يتعلق بأهداف الدراسة، قال بلوك: "نأمل في أن تكون خطوة نحو فهم سبب وقوع الأشخاص في حالات اكتئاب طويلة الأمد، والعوامل الاجتماعية التي تحدد الحالة العاطفية للمراهقين، وعلى المدى الطويل، معرفة سبل الدعم العاطفي الذي يؤدي إلى تحسين الصحة العقلية".
تعارض مع نتائج سابقة
يذكر أن نتائج الدراسة المشار إليها تتناقض مع ما توصلت إليه دراسات سابقة كانت قد أشارت إلى أن الحالة المزاجية الإيجابية أشد عدوى من نظيرتها السلبية، وأن الحالة المزاجية السلبية مرتبطة بالانسحاب الاجتماعي والأشخاص الأكثر عزلة، فيما تذهب الدراسة الأخيرة إلى أنه ليس ثمة دليل على أن المراهقين الذين يشعرون بحالة مزاجية سلبية بالضرورة ينسحبون من وسطهم الاجتماعي.
من جهة أخرى، تقول فيفيان هيل، نائب رئيس قسم التربية وعلم نفس الطفل بالجمعية البريطانية لعلم النفس، إن "الدراسات الحالية، التي تبحث في الصحة العقلية للأطفال والشباب وأنواع حالاتهم المزاجية، تشير إلى أن مستوى التأثر بحالات الاكتئاب والمشاعر السلبية أعلى بكثير مما كان يُعتقد في البداية. لذلك، يجب علينا إدراك أن الحالة المزاجية قابلة للعدوى والانتقال، والتأكد من تقديم الدعم والخدمات المناسبة المتعلقة بذلك إلى المدارس والمجتمعات، وتقديم المساعدة للمراهقين الذين يعانون حالات مزاجية سلبية".
وتأتي هذه الدراسة في سياق باتت فيه اضطرابات الحالة العاطفية للأطفال والشباب محط تركيز ومصدر قلق كبير بين المتخصصين في الصحة والتعليم، حيث يستمر الوباء في تعطيل التعلم وسبل التواصل الاجتماعي المباشر في المملكة المتحدة وفي كثير من أنحاء العالم.
تضيف الدكتورة ستيفاني بورنيت هايز، من كلية علم النفس بجامعة برمنغهام وأحد المشاركين في إعداد الدراسة، أن "هذه الدراسة تثير كثيراً من الأسئلة المعلقة دون جواب، خاصة في ظل جائحة كورونا، مثل: ما الذي نخسره عندما لا يكون التفاعل وجهاً لوجه، وماذا يتبقى لنا؟ وأخيراً، إذا كان الجميع يعانون، فهل من الخطورة عاطفياً التواصل مع الآخرين، والمخاطرة ربما بـ"التقاط" حالتهم العاطفية السلبية؟".