توصلت دراسة إلى أنَّ ضرب الأطفال والتربية القاسية يمكن أن يكون لهما تأثير طويل الأمد على صحة الطفل النفسية وسلوكه، وفق ما ذكرته صحيفة The Guardian البريطانية، الأربعاء 13 يناير/كانون الثاني 2021.
يُشار إلى أنَّ ضرب الأطفال أثار الكثير من الجدل، بعدما أصبحت أسكتلندا، العام الماضي، أول دولة في المملكة المتحدة تحظر هذه الممارسة. وحذف "الاعتداء المبرر" من القانون يعني أن الأطفال أصبحوا يتمتعون بالحماية نفسها من العنف مثل البالغين.
الدعوة إلى حظر ضرب الأطفال
يقول الخبراء الآن، إن الأبحاث تُظهر ضرورة حظر الدول الأخرى ضرب الأطفال أيضاً. الدكتورة ريبيكا لاسي، أحد المشاركين في الدراسة من كلية لندن الجامعية، أوضحت أن "أسكتلندا نفذت هذا التغيير بالفعل، وويلز على وشك أن تفعل، وسيكون رائعاً أن تحذو إنجلترا حذوهما أيضاً".
أضافت الدكتورة ريبيكا أنه "توجد طرق أكثر ليونة للتعامل مع السلوكيات الخاطئة"، وقالت هي وزملاؤها في مجلة Child, Abuse and Neglect كيف أنهم حللوا بيانات نحو 9000 طفل وُلدوا في المملكة المتحدة عامي 2000 و2001.
بحث الفريق في تكرار ثمانية "تصرفات سلبية" ذكرها الآباء حين كان أطفالهم يبلغون من العمر ثلاث سنوات.
هذه التصرفات تشمل ضرب الأطفال، ومواجهة الوالدين لمشكلات المخدرات أو الكحول، ولجوء الوالدين لسلوكيات أبوية قاسية مثل الصراخ في أطفالهم أو إرسالهم إلى "كرسي الأشقياء"، وانفصال الوالدين.
مشكلات مرتبطة بالجانب النفسي
راجع الباحثون أيضاً الاستبيانات التي ملأها الآباء حين كانت أعمار أطفالهم ثلاثة وخمسة وسبعة و11 و14 عاماً، بحثاً في قضايا مثل ما إذا كان لدى الطفل أصدقاء وما إذا كان يشعر بالقلق كثيراً أو يعاني من نوبات غضب أو يساعد الآخرين. وقالت ريبيكا: "هذه مؤشرات على سلوك الطفل وصحته النفسية".
وجد الفريق أن نحو ثلث الأطفال لم يمروا بأي من الأشكال الثمانية للتصرفات السلبية حين بلغوا سن الثالثة، وأنَّ ثلثهم مر بشكل واحد من أشكالها، فيما مر السدس بثلاثة أنواع أو أكثر. وكان اكتئاب الوالدين والتربية القاسية والعقاب البدني من أكثر التصرفات السلبية المذكورة شيوعاً.
بالأخذ في الاعتبار عوامل مثل ما إذا كان الأطفال يعيشون في حالة فقر، وجد الفريق أن التصرفات السلبية التي درسوها مثل ضرب الأطفال مرتبطة بمشكلات الصحة النفسية والسلوكية.
كلما كان عمر الطفل أصغر ساءت صحته النفسية
تقول ريبيكا: "كلما زاد عدد المحن التي يمر بها الطفل في سن الثالثة، ساءت صحته النفسية بتلك المرحلة، لكن هذه الاختلافات تستمر سنوات، في مرحلة مبكرة حتى سن 14 على الأقل".
أضافت أن ضرب الأطفال والتربية القاسية مرتبطان بقوة بما يسمى "مشاكل خارجية"، مثل الشجار مع الأطفال الآخرين، أو الكذب أو الغش وفرط الحركة.
على أن الدراسة لها نقاط ضعف، ومن ذلك أنها لا تأخذ في الاعتبار تأثير التجارب السلبية الأخرى التي قد يمر بها الأطفال، ولا يمكن إثبات أسبابها ونتيجتها.
لكن الدكتورة إليزابيث غيرشوف، الأستاذة بجامعة تكساس والخبيرة في تأثير الضرب على الأطفال، والتي لم تشارك في الدراسة، رحبت بالنتائج.
إذ قالت إنه رغم أن هذه البيانات قد جُمعت قبل فترة طويلة من إقرار حظر ضرب الأطفال في أسكتلندا وويلز، فإن النتائج التي توصلت إليها هذه الدراسة والتي تشير إلى أن الضرب مرتبط بتدهور سلوك الطفل بمرور الوقت، تدعم هذا الحظر للضرب.