بينما كان يقضي عقوبة السجن المؤبد بسبب قتله الطفة ماري إلين ديينر، مُنح ليستر يوبانكس رحلة إلى مركز أوهايو التجاري، بعدها اختفى دون أي أثر.
في عام 1973 هرب قاتل الأطفال المُدان ليستر يوبانكس، من السجن. وبعد أن كان قد حُكم عليه بالاحتجاز مدى الحياة عام 1966، ظل يوبانكس سجيناً مثالياً طوال 7 أعوام.
بسبب سلوكه الحسن منحه سجن ولاية أوهايو إذناً بالذهاب للتسوق من أجل أعياد الميلاد أو الكريسماس في المركز التجاري المحلي في ديسمبر/كانون الأول.
لكن المركز التجاري شديد الازدحام بفضل موسم الأعياد، كان فرصة مثالية لهروب يوبانكس، بحسب ما أشار موقع All Thats Interesting.
وكان قد طُلب منه العودة في موعد محدد إلى نقطة التقاء قريبة من المركز التجاري عندما ينتهي من التسوق، غير أنه اختفى تماماً، ولم يُر منذ ما يقرب من نصف قرن.
اعتُقل ليستر يوبانكس في المقام الأول لمحاولته اغتصاب فتاة في الـ14 من عمرها، قبل أن يقتلها رمياً بالرصاص، ثم ضربها بحجر ضرباً مبرحاً.
وكان اختفاؤه مصيبة حلت على كلٍ من السلطات وعائلة الضحية لعقود.
وبعد مرور نحو 5 عقود على هروبه بسهولة، خصص مسلسل Unsolved Mysteries حلقة كاملة له.
ويهدف الموسم الثاني من المسلسل الذي تعرضه شبكة نتفلكس إلى تقصي كل التفاصيل الممكنة للقضية، التي تزداد زخماً كلما طالت مدة هروب ليسر يوبانكس.
ماري إلين ديينر ليست ضحيته الأولى
عندما قتل ليستر يوبانكس ماري إلين ديينر، الفتاة ذات الـ14 ربيعاً من أوهايو، كان قد ارتكب بالفعل سلسلة من الاعتداءات الجنسية. لكن هجومه على ديينر في 4 نوفمبر/تشرين الثاني كان ما أودى به إلى السجن.
في ذلك اليوم، كانت ماري إلين ديينر وأختها الأصغر سناً، بريندا سو (12 عاماً)، يغسلان الملابس في مكان مخصص للعامة. وعلى سبيل التغيير، ذهبت ماري إلى مغسلة مختلفة أقل ثمناً، لكنها للأسف وجدت يوبانكس هناك.
قاومت ديينر ببسالة وأحبطت محاولته الاعتداء عليها جنسياً، لكنها أثارت غضبته ودفعته إلى إراقة دمها في خضم محاولته، إذ أطلق النار عليها مرتين ثم تابع ضربها بالحجارة.
عندما عُثر عليها، كانت عائلتها غارقة في الحزن والألم بطبيعة الحال. كانت الفتاة تحاول مساعدة عائلتها في الأعمال المنزلية، وانتهى بها الحال ميتة في الشوارع، وباقي المال لا يزال في يدها.
اعترف يوبانكس بارتكابه الجريمة في اليوم التالي بعد أن ألقت السلطات المحلية القبض عليه. وبعد أن أُدين بارتكاب جريمة قتل من الدرجة الأولى والاغتصاب، حاول ادعاء الجنون، لكن دون جدوى.
وفي مايو/أيار 1966 أدانته هيئة المحلفين وحكمت عليه بالإعدام.
عندما هرب يوبانكس- فيما يُعتقد أنها المرة الأولى- خُفف عقابه إلى السجن المؤبد دون إمكانية الإفراج المشروط، وذلك عندما قضت المحكمة العليا في الولايات المتحدة عام 1972 بأن عقوبة الإعدام مخالفة للدستور.
ثم هرب في العام التالي.
ليستر يوبانكس يهرب من العدالة
على مدار 7 سنوات قضاها ليستر في السجن، تصرف مثل أي سجين مثالي. بل إنه ذُكر في مقال عن الفنانين المسجونين في صحيفة The Columbus Dispatch بينما كان لا يزال محكوماً عليه بالإعدام.
وارتأى المقال أنه "أفضل رسام ينتظر الإعدام" ونشر صورته مع صور السجلات الجنائية لأنجيلا دافيس التي كان يعجب بها. وأظهرت الصور الثلاث دافيس مرتدية نظارة، وشعرها الأفرو المميز، ونظرتها الثابتة. ربما كان التغير الواضح في الشخصيتين هو ما ارتبط به يوبانكس بشدة.
قال للصحفيين: "أكن لها التقدير والإعجاب"
كان يوبانكس مهذباً ومطيعاً حتى إنه صار سجيناً شرفياً في سجنه، ما أعطاه بعضاً من المميزات. وكان برنامج السجن يرى أن الوقت المقضي خارج جدرانه سوف يساعد على إصلاح المجرمين من أمثاله، إلا أنه قُيّد بشدة بعد أن هرب منه 3 مدانين منهم يوبانكس.
بعد أن اصطحبه السجانون إلى مركز Great Southern التجاري يوم 7 ديسمبر/كانون الأول 1973، اختفى الرجل الذي قتل ماري إلين ديينر. ولم يظهر مجدداً قط عند نقطة الالتقاء المُتفق عليها ولا يزال هارباً حتى يومنا هذا.
أما بالنسبة لعائلة ديينر فكان ذلك اليوم شبيهاً بليلة مقتلها عام 1965.
قالت أختها ميرتل كارتر، التي كانت في الـ18 وقت مقتل شقيقتها: "لكي أستخدم أقوى تعبير يمكنني التفكير فيه: كنا في حالة صدمة. ظننا أن الأمر انتهى. ثم وياللعجب، ها هو ذا يذهب للتسوق من أجل الكريسماس، وهي صدمة في حد ذاتها، ثم يهرب بعد ذلك. كانت أمي في قمة غضبها".
أضافت: "أنا مسيحية وأؤمن بالرب وأدعه يفعل ما يشاء بحياتي. الأمر لا يستحوذ عليّ، لكن يزعجني أنه لا يزال مفقوداً، وأنه لا يزال طليقاً وقد قضى على حياتها البريئة. هذا يزعجني".
وبينما أدرجت إدارة السجون في أوهايو يوبانكس فوراً على لائحة الهاربين من العدالة، ستتأخر السلطات الفيدرالية عقوداً قبل أن تفعل الشيء نفسه. وكان واضحاً لنائب المارشال ديفيد سايلر، الذي بدأ العمل في القضية عام 2016، أن يوبانكس خطط لهروبه منذ البداية.
قال سايلر: "كان عليه أن يبدأ العملية قبل التنفيذ بعامين أو ثلاثة، متحايلاً على الحراس وعلى النظام، بكونه الرجل الصالح كما صور نفسه. أخرجه ذلك من البوابات، وكان ذلك كل ما عمل من أجله".
ثم في أوائل التسعينيات، بدأت التحقيقات تعود عندما وجّه ضابط صغير السن أعين الجمهور إلى القضية.
كيف ظل يوبانكس متخفياً أمام أعيننا لعقود
كان ضابط الشرطة جون أركودي طالباً في المرحلة الثانوية عندما قُتلت ديينر. وبصفته رئيساً لمكتب التحقيقات في قسم شرطة مانسفيلد، فقد بدأ يبحث في اختفاء يوبانكس في بداية التسعينيات.
وصُدم لمعرفة أن المركز الوطني لمعلومات الجريمة لم يُدرجه على قائمة المطلوبين.
كان ذلك يعني أن يوبانكس ربما قُبض عليه لتجاوز السرعة أو لانتهاك أي مخالفة أخرى صغيرة، والضابط الذي أخذ بصمات أصابعه أو تحقق من رخصته لم يدرك أنه مجرم هارب.
قال أركودي: "مرت 20 سنة على الواقعة وبدا أن أحداً لم يعمل على القضية التي نعرفها. كان طليقاً دون أن يهتم أحد على ما يبدو".
يعتقد المحققون أن ليستر يوبانكس يستخدم الاسم المستعار فيكتور يانج. وقد تواصل أركودي مع برنامج America's Most Wanted بعد أن فشل في الحصول على مساعدة رفاقه في الشرطة.
قال سايلر: "كل ما نحتاجه هو واشٍ واحد، شخص يستطيع جلب آخر قطعة في الأحجية، حتى لو تعرف عليه منذ سنة أو حتى سنتين. هذا ما نبحث عنه، شخص يقول 'أعرف ذلك الرجل'".
مثلت الحلقة التلفزيونية التي عُرضت عام 1994 عاملاً مساعداً بلا شك، إذ جاءت فيها مئات المكالمات الهاتفية، وأشارت الدلائل الواعدة إلى شمال كاليفورنيا.
أين ليستر يوبانكس اليوم؟
أخطر أركودي شرطة ولاية لوس آنجلوس ببحثه عن ليستر يوبانكس ولاقى تعاوناً من جانب المحقق تيم كونر. وقد عمل الرجلان معاً لفحص مصنع مراتب في كاليفورنيا، حيث قال مصدر مجهول الهوية إن يوبانكس عمل هناك.
قال: "لا أظن أنه اشتغل في أي وظيفة تجري تحقيقاً في خلفية العاملين. كان رجلاً لا ينام في المكان نفسه مرتين لوقت طويل للغاية".
وعلى الرغم من أن الإعلام ساعد في رفع درجة الوعي به، وضعه مارشالات الولايات المتحدة رسمياً على قائمة أكثر 15 مجرماً مطلوبين للعدالة، وكان واضحاً أن ليستر يوبانكس سمع بتلك التطورات أيضاً. وانتهى الأمر بأن قال دليل غاردينا إن المشتبه به استقال من وظيفته واختفى.
تابع: "أعتقد أننا عند مرحلة ما اقتربنا للغاية من ليستر، لكن النصائح التي تلقيناها والتكنولوجيا التي توافرت لدينا لم تكن كافية للوصول له. كان ماكراً، إنه ليس بالشخص الغبي. لقد ظل يتجنب السلطات لما يزيد عن 40 سنة".
يؤمن سايلر بأن يوبانكس الأغلب كان محمياً عن غير قصد من أشخاص لم يعرفوا من هو. وهو موقن بأن ليستر يوبانكس أنجب الأطفال وربما له أحفاد كذلك. بالنسبة إلى سايلر، فإن المأساة والألم يحيطان بقضية ليستر يوبانكس من كل جانب.
قال سايلر: "المحزن أن هؤلاء الناس الذين تحايل عليهم ضحايا بدورهم. هم لا يملكون أدنى فكرة. لذا فعندما نطرق الأبواب ونعتقله، يصير أفراد عائلته ضحايا أيضاً. وهذا شيء حزين".
يقول المحققون إن ليستر يوبانكس كان من أشد المعجبين بالفنون القتالية ومحباً للموسيقى والفنون. فضلاً عن أن التعرف عليه بالغ السهولة بسبب ندبة ضخمة محفورة على ذراعه الأيمن.
حظي اختفاء ليستر يوبانكس مؤخراً بالاهتمام مجدداً مع عرض الموسم الثاني من برنامج Unsolved Mysteries على نتفلكس. وفي حين أن جريمته ليست غير محلولة، يبقى اختفاء الجاني محيراً. ويهدف البرنامج إلى فهم كيف أمكن حدوث شيء من هذا القبيل.
بالنسبة إلى كونر، هناك أمران واضحان
قال: "فكرتُ فيه على مدار السنوات. وأظن أنه لا يزال حياً على الأرجح. وأظن أن هناك أشخاصاً يعرفون من هو وماذا فعل. لكنهم لن يسلموه للسلطات".
لكن السلطات بدورها لن تستسلم لحسن الحظ. إذ مع اقتراب الذكرى الـ50 لهروب ليستر، يزداد عزم المحققين أكثر من أي وقتٍ مضى. بالإضافة إلى ذلك يبدو أن عينة الحمض النووي المأخوذة من ابنه البيولوجي يمكن أن تسهم بشكل كبير في الوصول إليه.
قال المارشال بيتر إليوت من المنطقة الشمالية في أوهايو: "مارشالات الولايات المتحدة لن يردعهم مرور الوقت عندما يتعلق الأمر بقضية مثل هذه. هناك شيء واحد يحفزنا، وهو الحصول على العدالة من أجل ماري إلين ديينر ذات الـ14 ربيعاً من مانسفيلد، أوهايو؛ الضحية البريئة في هذه القضية".